البشير يعلن نهاية رقابة الدولة على الصحافة في السودان

الصحافيون يرحبون بالخطوة ويؤكدون التزامهم بميثاق الشرف للمهنة

الامين العام لحركة تحرير الشعب السوداني باقان اموم يتحدث خلال افتتاح مؤتمر جوبا, والى يساره رياك مشار نائبه وسيلفا كير نائب الرئيس السوداني (أ.ف.ب)
TT

أصدر الرئيس عمر البشير توجيهات بإيقاف الرقابة القبلية على الصحف من قبل جهاز الأمن السوداني، اعتبارا من أمس، في اجتماع بينه وبين آلية شكلت أخيرا لمتابعة تنفيذ ميثاق شرف صحافي جديد جرى اعتماده، وسط جدل بين الصحافيين حوله. وستصدر الصحف السودانية لأول مرة صباح اليوم منذ منتصف عام 2008 بمواد منشورة من دون أن تتعرض للرقابة القبلية من جهاز الأمن، فيما رحب الصحافيون بالخطوة.

وضم وفد آلية تنفيذ ميثاق الشرف الصحافي، الذي التقاه البشير في بيت الضيافة، الفاتح السيد الأمين العام لاتحاد الصحافيين السودانيين، والبروفسور علي شمو رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات، وعددا من رؤساء تحرير الصحف، وفريدة إبراهيم مستشار الرئيس البشير للشؤون القانونية، وعبد الباسط سبدرات وزير العدل، والزهاوي إبراهيم مالك وزير الإعلام والاتصالات، والفريق محمد عطا رئيس جهاز الأمن السوداني.

وظلت الصحافة تعمل تحت الرقابة الأمنية على ما ينشر فيها من موضوعات منذ عام 2000، ويرجح المراقبون أن احتدام الصراع بين الرئيس البشير وزعيم الإسلاميين الدكتور حسن الترابي فيما عرف بصراع «البشير ـ الترابي»، والذي انتهى بإقصاء الأخير من مناصبه، هو الذي دفع الحكومة إلى فرض الرقابة الأمنية على الصحافة، وظلت في حالة صعود وهبوط وترفع ثم تعاد، غير أنها عادت واستمرت بشكل مستمر في أعقاب هجوم نفذته المعارضة التشادية على العاصمة التشادية انجمينا، وفرضت بتشدد بعد الهجوم الذي نفذته حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور على العاصمة السودانية في مايو (أيار) عام 2008.

ونقل الزهاوي إبراهيم مالك، وزير الإعلام والاتصالات، في تصريحات صحافية بعد الاجتماع تقدير الرئيس البشير للجهد الذي بذل لوضع وصياغة ميثاق الشرف الصحافي وتطوير مهنة الصحافة، وقال إن البشير أكد أن الصحافة تعد المؤثر الأول على الرأي العام، وأداة مهمة لإصلاح المجتمع. وقال مالك إن لحظة رفع الرقابة عن الصحف تعد لحظة تاريخية ويوما مباركا في تاريخ البلاد، وشدد على أن ميثاق الشرف يعد ملزما للصحافيين وسيعرض على الجمعية العامة للاتحاد العام للصحافيين السودانيين لإجازته والالتزام به بصورة متكاملة. وأضاف «بصدور ميثاق الشرف اكتملت كل حلقات قانون الصحافة والمطبوعات لهذا العام»، متمنيا من جميع الصحافيين الالتزام المهني والأخلاقي بالميثاق، وأن يكون ضميرهم هو الرقيب لأداء مهامهم تجاه وطنهم. وعبر الأستاذ الزهاوي عن أمله في أن تكون الصحافة أداة لتنمية وتطوير العمل في كل مناحيه.

من جانبه، قال البروفسور شمو إن الميثاق يعد انطلاقة لمرحلة التحول الديمقراطي والانتخابات والحراك السياسي الذي لا يمكن أن يحدث إلا في وجود صحافة حرة تعبر عن الآراء والمذاهب المختلفة، وعبر شمو عن سعادة المجلس بالميثاق، وأضاف أنه سيقلل من الأعباء على المجلس وسيسهم في معالجة المخالفات التي يعد أغلبها إداريا وخاليا من النوايا السياسية. ونبه إلى خطورة الكلمة الصحافية وما يترتب عليها، داعيا رئاسة الصحف لإحكام العمل تفاديا للأخطاء. وقال إن الميثاق يعد مبادرة أخلاقية ومهنية من الصحافيين من دون تدخل أي جهة أخرى، مؤكدا أن الالتزام به يمثل سدا لكل أشكال الرقابة.

من جهته، أكد الفاتح السيد، الأمين العام للاتحاد العام للصحافيين السودانيين، حرص الاتحاد على تدعيم أركان الحريات والمساهمة في توفير المناخ الملائم لأداء الصحافة لدورها ورسالتها الوطنية بمسؤولية، وعبر عن سعادته برفع الرقابة القبْلية عن الصحف، وأضاف: «لقد أصدرنا الكثير من البيانات سابقا من أجل ذلك، ولإدراكنا لأهمية ودور الصحافة في تبصير المواطن وإيصال المعلومة له». وقال إن الصحافيين يدركون أن رفع الرقابة عن الصحافة سيلقي بالمسؤولية على كل الأطراف ذات الصلة، وأكد أهمية دعم الدولة للصحافة ومدخلاتها. إلى ذلك، أكد الصحافي فضل الله محمد، رئيس تحرير صحيفة «الخرطوم» السياسية اليومية وعضو آلية تنفيذ ميثاق الشرف الصحافي، أن الميثاق وتنفيذه يعتبر الضامن الوحيد لصحافة راشدة وحرة ومسؤولة، حسب تعبيره. وأضاف أن الآلية لا تعد رقيبا ولا بديلا لأي رقابة، وإنما جهة للمشورة والنصح وترشيد العمل الصحافي.