عودة السخونة إلى مواقف الأكثرية والمعارضة في بيروت تنذر بنسف إيجابيات أجواء العلاقات العربية ـ العربية

الوزير العوني باسيل: لماذا لا نحصل على وزارتي الاتصالات والتربية؟

رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري مستقبلا أمس الأمين العام للفرنكوفونية عبده ضيوف الذي وصل إلى بيروت لحضور افتتاح الدورة السادسة للألعاب الرياضية الفرنكوفونية (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

لم يحجب الحدث الرياضي التاريخي الذي شهدته بيروت مساء أمس، وتمثل في حفلة افتتاح الدورة السادسة للألعاب الفرنكفونية بمشاركة 42 دولة، المتابعات اليومية لتطورات الملف الحكومي. وقد سجلت استعادة المواقف التصعيدية بعض الشيء بين فريقي الأكثرية والمعارضة، والتي خالفت الأجواء التفاؤلية التي سادت بعد القمة السعودية السورية في جدة.

وفيما تواصلت المواقف الداعية إلى الاستمرار في سياسة الانفتاح والحوار، سُجل موقف لافت لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، الذي سأل «لماذا لا يحصل التيار الوطني الحر على وزارتي التربية والاتصالات معا؟»، مشيرا إلى أن «التيار» وتكتل التغيير والإصلاح «لن يقبلا كما درج بعض المسيحيين على القبول بفتات الوزارات».

وقال في احتفال حزبي: «أين المصلحة في تكريس أعراف ومبادئ لا ينص عليها الدستور؟ فالطائف نقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعا، تحت سقف المناصفة، ولم يعطها إلى رئيس الحكومة. ونحن حين نقبل أن يسمي الرئيس المكلف الوزراء نيابة عن الكتل السياسية، نحول رئيس الحكومة إلى رئيس على الوزراء، ونعطيه حق محاسبتهم، وهذا مخالف للدستور ويضر بصلب الديمقراطية التوافقية التي تحمي الميثاقية في لبنان».

واعتبر أن «من يدعي الحفاظ على حقوق المسيحيين ويبني انتصارات وهمية، لا يقبل بفتات الوزارات، ومن يتساءل عن مصلحة المسيحيين عليه أن يعرف أن التيار الوطني الحر وتكتل الإصلاح والتغيير، ومن مبدأ المشاركة الحقيقية، لن يقبلا إلا بوزارات وحقائب تعكس إرادة المسيحيين الذين نمثلهم وحجمهم داخل السلطة ومؤسسات الدولة».

أما وزير الثقافة تمام سلام فلم يتوقع تغييرا إيجابيا في الملف الحكومي بين ليلة وضحاها، و«لكن لا شك في أن التقارب السوري السعودي يشكل مدخلا عربيا مع بعد إقليمي ودولي لحلحلة الأمور ومساعدة لبنان على معالجة أوضاعه وأزماته السياسية في شكل أفضل». ورأى أنه «لا أحد يمكنه أن يتجاهل التأثيرات الخارجية، إلا أننا يجب ألا نفوت الفرص بل يجب الإفادة منها. أما إذا كنا سنقع مجددا في صغائر لها علاقة بلون وبشكل وبطبيعة هذه الحقيبة وتلك فسنغرق مجددا في متاهات».

وقال: «إذا ما صفت النيات وكانت القوى السياسية على مستوى هذا التحدي فليس هناك من استحالة لتأليف الحكومة في ظل المواكبة الإيجابية عربيا وإقليميا»، مؤكدا أن «الرئيس المكلف (سعد الحريري) يعتمد مقاربة جديدة، وهو استجمع الكثير من الخبرة والتجربة والتعرف على طبيعة الأجواء، والمقاربة الجديدة أمر جيد عبر إعطاء كل كتلة وقتها»، معتبرا أن «تعامل الحريري الجديد مع الملف الحكومي جيد، وتمسكه بسياسة اليد الممدودة والانفتاح وبالضوابط الدستورية يؤسس لأمر سنحصد منه خيرا».

وشدد على أن «الأهم هو مرحلة ما بعد التأليف وكيفية إدارة البلد»، داعيا إلى «حكومة ائتلافية منتجة لا أن نعود إلى ما شهدناه من عرقلة بهدف العرقلة التي حالت دون تطبيق الكثير من الأمور». وأمل في أن «يكون الحريري مرتاحا بتشكيل حكومته ليتمكن من مواجهة الاستحقاقات بثبات وقوة وتعويض عن الكثير مما تم تجميده، ومن أبرز ذلك باريس 3»، ملاحظا أن «الإسراع في تشكيل الحكومة يكون بتنازل بعض القوى عن مطالب تعجيزية أو منحى معرقل، وهذا في القسم الكبير منه تقوم به الأقلية أو المعارضة»، مؤكدا أنه لم يلمس «أي عراقيل من قوى 14 آذار، وهذا لا يخفى على أحد».

واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري النائب أنور الخليل أن «لبنان دخل مرحلة الاستشارات النيابية الثانية لتأليف الحكومة وسط أجواء عربية ـ عربية إيجابية نتجت عن مبادرة طيبة وشجاعة للرئيس السوري بشار الأسد لاقى خلالها الدعوة الكريمة التي وجهت إليه من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وهذه المبادرة تعكس حرص الجانبين على ترميم الواقع العربي وإعادة مناخ الثقة بين الدول العربية».

وأكد أن الكتلة أبلغت الرئيس المكلف بأنها «لا ترى إمكانية موضوعية لحكومة أقطاب أو حكومة تكنوقراط، ووحدها حكومة الوحدة قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان».

واعتبر أن «الاستشارات التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الدين الحريري تسير بخطى دقيقة وعميقة. ووجدنا لدى الرئيس المكلف رغبة في الاستماع إلى الملاحظات التي شابت مرحلة التكليف الأولى وسبل تجاوزها، كما أن الاستشارات تميزت بحرص الرئيس المكلف على مناقشة عدد غير قليل من العناوين الأساسية لعمل الحكومة المقبلة مع الكتل النيابية، وهذا دليل على حرص الجميع على التعامل مع مسألة تأليف الحكومة بإيجابية وصدق نظرا للتحديات والاستحقاقات الداخلية والإقليمية».

ودعا عضو الكتلة نفسها النائب علي حسن خليل «إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، وترجمة الأجواء الإيجابية العربية التي تجلت بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد للمملكة العربية السعودية». وقال: «الواجب تثمير هذا المناخ العربي والاستفادة من هذه الخطوة للإسراع في ترجمة التوجهات التوافقية التي أعلنتها كل القوى السياسية إلى حكومة وحدة وطنية على القواعد والصيغ التي توافقنا عليها والتي وحدها يمكن أن تشكل إنجازا سريعا ومطلوبا للخروج من الأزمات».

وأضاف: «نتطلع بإيجابية إلى المنطق الذي يدير به الرئيس المكلف الاستشارات النيابية، إلى جانب المواضيع التي طرحها على مستوى أزمة النظام والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وهي عناوين يجب أن تطرح وتناقش في إطار حوار شفاف ومسؤول خارج الحكومة تمهيدا لتشكيلها واستكمالا لمسؤولية الحكومة التي تترجم هذه التوجهات إلى فعل حتى نستطيع أن نخرج معا من الأزمات المتعددة».

كذلك أمل عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر في أن «تؤدي الاستشارات الجديدة إلى فتح الطريق أمام تشكيل الحكومة»، لافتا إلى أن الكتلة والكتل المعارضة الأخرى وخلال الاستشارات النيابية «أبدت كل الاستعداد للتعاون وشددت على سياسة اليد الممدودة للمضي في عملية تشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع مواجهة كل الاستحقاقات المحلية والإقليمية والدولية، لأن لبنان لديه الكثير لينتجه في المرحلة المقبلة بدءا من مسؤولية عضويته في مجلس الأمن الدولي إلى مسؤوليته في تأمين خدمات اجتماعية واقتصادية أفضل».

وتمنى «أن يضفي التقارب العربي الذي يحصل إلى إيجابيات على الوضع اللبناني»، و«أن تحمل الأيام المقبلة أخبارا سارة في موضوع تشكيل الحكومة، وأن يتمكن الرئيس المكلف من المضي قدما في هذا الشأن»، مشددا على أن المعارضة «تحبذ أن يبدأ الرئيس المكلف بالتأليف من حيث انتهى في المرة السابقة، وأن يتمسك بالصيغة التي تم التوصل إليها والبدء بمفاوضة الكتل النيابية كي ينهي موضوع الحكومة بسرعة».

من جهته، جدّد رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد حرص الحزب على «ضرورة عدم إضاعة الوقت وعدم هدر الجهود التي بذلت خلال التكليف الأول، وذلك من أجل التوصل إلى تفاهم على الإطار والصيغة السياسية التي تحكم معادلة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وهي معادلة (15ـ10ـ5) والتي لاقت ترحيبا من مختلف شرائح اللبنانيين»، متسائلا «لماذا نريد الآن أن نبدأ من الصفر؟ هل سنخترع شيئا جديدا أم سنراوح مكاننا ونبحث في جنس الملائكة مجددا ونطرح نظريات ونقدم أفكارا قد نحتاج إلى عقود من السنين من أجل إتمام المناقشات حولها؟».

وقال: «نحن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية تقوم على الصيغة التي توافقنا عليها والتي تمثل الصيغة الأمثل في الظروف الراهنة وفي المرحلة الحاضرة من أجل أن نعبر بهذا البلد إلى مرحلة الاستقرار، وفق ما يحقق مصالح اللبنانيين، ووفق ما يواجه التحديات الصهيونية التي يتعرض لها لبنان».

وأضاف: «لسنا متشائمين وأيضا لسنا واهمين، وما نتمناه وما نرجوه بأسرع وقت ممكن أن ننتهي من تشكيل حكومة تعبر عن تطلعات كل اللبنانيين، وتحقق مشاركة لكل اللبنانيين، وأن تتصدى للتحديات والمهمات المطلوبة منها في هذه المرحلة».

ودعا عضو كتلة «حزب الله» النائب علي فياض إلى أن تكون دينامية صنع القرار السياسي اللبناني «دينامية داخلية، ومن يجب أن يصنع القرار السياسي اللبناني، ومن يقرر مصير اللبنانيين في شؤونهم الأساسية هم اللبنانيون أنفسهم». وقال: «نعيد تأكيد هذا الموقف، ونرى أن ما أنجز من قضايا مشتركة بين القوى الأساسية في هذا البلد إنما هو أساسي وجوهري، والشوط الذي قطعناه في مرحلة التشكيل الأولى إنما هو شوط أساسي يجب عدم هدره بل يجب البناء عليه».

وأضاف: «الصيغة التوافقية التي اتفقنا عليها أي (15ـ10ـ5)، بالإضافة إلى النقاط الأخرى، إنما تشكل ركيزة حقيقية لاستكمال الحوار الوطني وبناء الموقف الوطني الذي يسهل عملية تشكيل الحكومة. وما بقي عالقا من نقاط عُبر عنها بأنها معضلات برأينا هي ليست معضلات، بل هي نقاط بسيطة. وما نحتاجه هو أن نتعامل معها بمسؤولية وطنية وبوعي من يدرك أن ثمة حاجة إلى مواجهة الكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي تعصف بالبلاد والتي تشكل الحكومة حاجة أساسية في المساعدة على مواجهتها».

وأكد مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» نبيل قاووق أن «المقاومة حريصة جدا على تسهيل تشكيل الحكومة لأن العدو الإسرائيلي يتربص بنا، وبالتالي ليس أمام اللبنانيين في مواجهة التحديات المقبلة من إسرائيل ومن أميركا إلا أن يسارعوا في هذا التشكيل». وقال: «نحن في حزب الله والمعارضة لا ننتظر ضوءا أخضر قادما من أعماق الصحراء، ولا ضوءا أحمر قادما من وراء البحار، إنما نعرف تماما أنه لا طريق إلا من خلال حكومة الوحدة الوطنية». وسأل: «هل كان لبنان في حاجة إلى أن يجرب المجرب ليكتشف أنه لا مجال إلا للعودة إلى صيغة (15ـ10ـ5)؟».