قلق وغضب أوروبي من إطلاق إيران لصواريخ باليستية بعيدة المدى وواشنطن تراقب الموقف

متحدث باسم البنتاغون لـالشرق الأوسط»: على طهران اتخاذ مواقف صعبة.. وروسيا تحث على ضبط النفس

TT

أثارت التجارب الصاروخية الباليستية بعيدة وقصيرة المدى التي تجريها إيران منذ يومين، غضب القوى العالمية العظمى، وقلقها من الرسالة التي تحملها. وفيما أعلنت واشنطن أنها تراقب الموقف عن كثب، عبر مسؤول باسم وزارة الدفاع الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك التجارب تثير «قلقنا»، وعبرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عن الموقف نفسه، في وقت دعت فيه روسيا إلى ضبط النفس، وعدم الانسياق مع الانفعالات.

وعبر البنتاغون، أمس، عن قلقه من إطلاق الصواريخ والرسالة التي تحملها. وقال ناطق باسمه لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة إلى الإعلان الإيراني الأخير، وزارة الدفاع تعتبره مثيرا للقلق، خصوصا في ضوء المعلومات التي تم الكشف عنها الأسبوع الماضي»، في إشارة إلى كشف معلومات عن منشأة نووية جديدة بالقرب من مدينة قم الإيرانية. وأضاف الناطق بأن «مثل ما قال الرئيس (الأميركي باراك) أوباما، التصرفات الإيرانية تثير القلق، ونحن نشارك هذا القلق». وفي ما يخص لقاء يوم الخميس المقبل الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بين إيران والدول الست الكبرى، قال الناطق باسم وزارة الدفاع: «على إيران اتخاذ قرارات صعبة لترى كيف يمكنها أن تجد موقعها في المجتمع الدولي».

ويؤكد المسؤولون الإيرانيون بأن الصواريخ التي أطلقت، أمس، متطورة عن تلك التي سبقتها. ويبلغ مدى الصاروخ «قدر ـ 1» 1800 كلم. أما «سجيل» فهو صاروخ يبلغ مداه ألفي كيلومتر، وهي متطورة عن صواريخ «شهاب ـ 3». وامتنع الناطق باسم البنتاغون عن الخوض في تفاصيل حول قوة تلك الصواريخ وفعاليتها، إذ لم تقم الوزارة بتقييم التجارب التي قامت بها إيران. ولكنه قال: «لا يوجد سبب للتشكيك في ادعاءات إيران حول الصواريخ، وعلى الرغم من أننا لم نقم بتقييم مستقل عنها، لا يوجد سبب للتشكيك في فعاليتها».

وتراقب واشنطن التطورات العسكرية الإيرانية في البلاد، بينما تستعد لمشاورات 1 أكتوبر في جنيف من جهة، وتراقب النزاع السياسي الداخلي المستمر من جهة أخرى. وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في «مجلس العلاقات الخارجية»، توماس ليبمان: «الإيرانيون يريدون معرفة من سيقودهم خلال السنوات الخمس المقبلة، ولكن على كل حال نعلم أن إيران تريد أن تفرض نفسها كقوة إقليمية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه القوة الإقليمية تعتمد على النفوذ السياسي والاقتصادي والديني والعسكري، وما رأيناه في المناورات العسكرية يصب في إطار التطور العسكري التي تريد أن تظهره إيران». ورأي ليبمان أنه «بغض النظر عن القضية النووية، تريد إيران فرض نفسها ولعب دور في المنطقة يتماشى مع حجمها الجغرافي والسكاني والتاريخي. والسؤال هو كيف ستتعامل الدول على الضفة الثانية من الخليج مع هذه التطورات».

وأضاف: «بعض هذه الدول تتعايش مع التطورات، بينما أخرى تضع رأسها في الرمل مثل النعامة»، معتبرا أنه «بغض النظر عن ما سيحدث في اجتماع 1 أكتوبر، على تلك الدول التعامل مع هذه الطموحات».

وقد حذر في الأيام الأخيرة الرئيس الأميركي، أوباما، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، إيران من المشي قدما في برنامجها النووي وتحدي قرارات مجلس الأمن، ولكن ما زالت الإدارة الأميركية تشدد على أهمية الإبقاء على مسار الحوار.

وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، أن إطلاق إيران صواريخ عمل «غير مقبول»، لكنه أكد أن الأولوية تبقى للمحادثات على البرنامج النووي الإيراني المقررة الخميس. وقال الوزير على قناة «سكاي نيوز»: «لا بد من أن الأمر يندرج ضمن الاستفزازات السنوية التي التزمت إيران بها». وأضاف: «لا شك في أن الأمر غير مقبول، لكن لا يجب أن نبتعد عن المسألة الأساسية، ألا وهي كيف ستتجاوب إيران في اجتماعها مع القوى الدولية، الخميس».

وتساءل ميليباند: «الاختبار هذا الأسبوع هو اختبار إيران، هل هي جادة بشأن برنامج الطاقة النووية المدني، أم أنها ستستمر في تجاوز القوانين الدولية، الأمر الذي يثير قلق الأسرة الدولية؟». وفي وقت سابق كان غوردن براون، رئيس الوزراء البريطاني، عبر عن «قلق» بريطانيا بعد عملية إطلاق الصواريخ الأخيرة، مؤكدا أن الأولوية تبقى البرنامج النووي في طهران.

وأعرب خافيير سولانا، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن قلقه من التجارب الإيرانية. وقال على هامش اجتماع لوزراء الدفاع الأوروبيين في السويد، التي ترأس حاليا الاتحاد: «كل ما يجري في هذا السياق مثير للقلق». وهذا ما صرحت به أيضا وزارة الخارجية الألمانية، مضيفة بأنها «لا توحي بالثقة».

أما في موسكو، فقد دعا مصدر في وزارة الخارجية، العالم إلى تجنب «الانفعالات» في تعامله مع إيران وضبط النفس. ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن المصدر قوله: «الآن ليس وقت الاستسلام للانفعالات، من الضروري الهدوء، والأهم هو بدء عملية تفاوض فعالة».