في الوقت الذي طالب فيه 21 حزبا ومنظمة وائتلافا سياسيا باعتبار البصرة مدينة منكوبة بسبب شحة المياه وارتفاع الملوحة فيها وبتخصيص ميزانية طوارئ لها لمعالجة الوضع الناجم عن إغلاق الجانب الإيراني لنهر الكارون، أعلن مصدر مسؤول عن اتفاق المحافظة مع الحكومة الإيرانية على نقل الماء العذب من الضفة الأخرى لشط العرب في إيران إلى مدينة الفاو بواسطة البواخر. وأكد ممثلو الأحزاب المنضوية في المجلس السياسي بالمحافظة في مؤتمر عقد أمس بقاعة غرفة التجارة، أن أزمة المياه في البصرة هي أشد تأثيرا من العمليات الإرهابية وأخطر من كل الأوبئة، وبدا تأثيرها مفجعا بهجرة مئات العوائل من القرى والأرياف والأهوار إلى ضواحي المدن. وطالب أعضاء المجلس السياسي الذي تكون بديلا عن مجلس الإسناد الذي أسسه نوري المالكي رئيس الوزراء قبل أكثر من عام ولاقى معارضة من أطراف في الائتلاف وقتذاك بتعديل مشروع ماء البصرة المتوقف تنفيذه على موافقة البرلمان على القرض الياباني بما يتلاءم وتداعيات مشكلة ارتفاع نسبة الأملاح في مياه شط العرب. وناشد المؤتمرون أصحاب القرار «الاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية التي تحولت من بلد مستورد للقمح إلى مصدر لها بالاستثمار الأمثل للمياه الجوفية». وقال أعضاء المجلس الذي يضم أحزابا دينية وأخرى علمانية، إن مشكلة ملوحة مياه البصرة كانت قليلة وقد عالجها النظام السابق من خلال مشروع قناة الوفاء الناقلة للمياه من منطقة البدعة بمحافظة الناصرية وبطول أكثر من 240 كم وبطاقة ضخ ما يقارب من 29 ألف متر مكعب في الساعة إلا أن تلك القناة قد شاخت وظهر عليها العجز والتوقف لعدة أيام مما اضطرت 13 محطة تصفية للمياه الواقعة جميعا على شط العرب إلى استخدام مياهه المالحة وضخها بمنظومات الإسالة دون خلطها بمياه البدعة المتبعة سابقا التي تسهم في تقليل نسبة الأملاح وتجعلها مياها مقبولة.
وأجمع المؤتمرون في بيانهم الختامي على أن مسؤوليتهم الأخلاقية والشرعية توجب عليهم الإعلان بعين الخوف من تفاقم أزمة المياه في البصرة في الوقت الذي يتعرض البلد إلى حالة مزرية من القتل والفساد بتفوق وصل إلى حد التلاعب بمفردات البطاقة التموينية الهزيلة ونقص الخدمات واستفحال الأوبئة والأمراض والتلوث. إلى ذلك، كشف نزار ربيع الجابري النائب الأول لمحافظ البصرة عن اتفاق بين مجلس المحافظة والجانب الإيراني على تزويد قضاء الفاو بالماء العذب بواسطة البواخر، وبشكل سريع، بعد إجراء جملة من الاجتماعات والمناقشات بين الجانبين. وأضاف للصحافيين «إن المحافظة قررت تشكيل لجنة برئاسة وليد عباس حمزة عضو مجلس المحافظة وعضوية وليد محمد الشريفي قائمقام قضاء الفاو وحامد عبود معتوق مستشار المحافظ عن هيئة المستشارين في المحافظة، ومهندسين في مديرية ماء البصرة لمتابعة العرض المقدم من الحكومة الإيرانية، حول تزويد القضاء بالماء العذب». وأشار إلى أنه تم الاتفاق على تزويد قضاء الفاو بحوضيات للمياه لحل مشكلة النقص الحاصل لأهالي القضاء، لافتا في الوقت نفسه إلى وضع حلول بعيدة المدى لمعالجة المياه المالحة في المدينة. وأشار إلى «وجود دراسات لمد أنبوب من شط العرب، فضلا عن وجود مشاريع لإنشاء محطات تحلية ماء كبيرة الحجم في القضاء الذي يمر بظروف صعبة للغاية».