واشنطن تحث إسرائيل على التحقيق في جرائم حرب غزة لتعزيز سلام الشرق الأوسط

غولدستون: الإفلات من العقاب في مثل هذه الجرائم بلغ درجة حساسة

TT

في الوقت الذي طالبت فيه الولايات المتحدة حليفتها الوثيقة إسرائيل أمس بإجراء تحقيقات تتسم بالمصداقية في مزاعم ارتكاب قواتها لجرائم حرب في غزة، قائلة إن من شأن ذلك أن يساعد عملية سلام الشرق الأوسط، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز»، اعتبر رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي حققت في التجاوزات التي حصلت خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، أن إحالة هذا التقرير إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في «جرائم حرب» و«جرائم محتملة ضد الإنسانية»، ستساهم في وضع حد لـ«ثقافة الإفلات من العقاب» في المنطقة.

وقال القاضي ريتشارد غولدستون إن «ثقافة الإفلات من العقاب تسود المنطقة منذ وقت طويل جدا». وأضاف القاضي الجنوب أفريقي أن «الإفلات من العقاب في (ارتكاب) جرائم حرب وجرائم محتملة ضد الإنسانية بلغ درجة حساسة»، مؤكدا أن «الغياب الراهن للعدالة يقضي على أي أمل في عملية السلام ويعزز مناخا يسهل العنف».

وتابع غولدستون خلال تقديم تقرير لجنته أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه إذا لم تُجرِ الحكومة الإسرائيلية و«السلطات في غزة بحلول ستة أشهر تحقيقا صادقا ينسجم مع المعايير الدولية (حول الوقائع المزعومة)، فعلى المجلس أن يحيل التقرير على مدعي المحكمة الجنائية الدولية».

ومن جهته قال مايكل بوسنر، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، إن قادة حماس تقع على عاتقهم أيضا مسؤولية التحقيق في الجرائم وإنهاء ما وصفه بـ«استهداف المدنيين، واستخدام المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية في القطاع».

وناقش مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس تقريرا حديثا لريتشارد غولدستون، وهو قاض جنوب أفريقي ومدّع سابق لجرائم الحرب بالأمم المتحدة. وخلصت لجنته إلى أن الجيش الإسرائيلي والنشطاء الفلسطينيين ارتكبوا جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية، في أثناء الحرب التي دارت بينهما خلال شهري ديسمبر (كانون الأول ) ويناير (كانون الثاني) الماضيين. ولم تتعاون إسرائيل مع تحقيق الأمم المتحدة ورفضت التقرير ووصفته بالمتحيز.

وقال بوسنر في خطاب بمنتدى جنيف: «نحث إسرائيل على استخدام المراجعة (القضائية) المحلية المناسبة، وآليات المحاسبة الجادة للتحقيق والمتابعة بشأن مزاعم ذات مصداقية». وأضاف: «وإذا أجريت بشكل صحيح ومنصف فإن هذه المراجعات يمكن أن تكون إجراءات مهمة لبناء الثقة، من شأنها أن تدعم الهدف الأساسي الأكبر وهو البحث المشترك عن العدالة والسلام الدائم». وانضمت الولايات المتحدة إلى المجلس الذي أنشئ قبل ثلاث سنوات مطلع هذا العام. وأكد بوسنر مجددا على رأي واشنطن بأن المجلس أولى «اهتماما غير متناسب بشكل كبير لما قامت به إسرائيل»، لكنه قال إن الوفد الأميركي مستعد للدخول في نقاش متوازن.

وقال غولدستون، في وقت سابق أمس، إن عدم المحاسبة عن جرائم الحرب في الشرق الأوسط وصل إلى «حد الأزمة»، ويقوض أي أمل في إقرار السلام في المنطقة. وأبلغ غولدستون المجلس أن «ثقافة الحصانة في المنطقة استمرت أطول مما يجب»، وأضاف: «عدم المساءلة عن جرائم الحرب وجرائم حرب محتملة ضد الإنسانية وصل إلى حد الأزمة. غياب العدالة المستمر يقوض أي أمل في عملية سلام ناجحة، ويرسخ المناخ الذي يشجع أعمال العنف».

وأعلنت إسرائيل أن القصد من هجومها على قطاع غزة كان منع الفلسطينيين من شن هجمات صاروخية على بلداتها الجنوبية. وقالت جماعة «بتسيلم» الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان إن 773 شخصا من بين 1387 فلسطينيا قتلوا في الحرب كانوا مدنيين. بينما قالت إسرائيل إنها قتلت 709 نشطاء و295 مدنيا. كما قتل في الحرب 13 إسرائيليا هم 10 جنود وثلاثة مدنيين.

وحث غولدستون مجلس حقوق الإنسان الذي يضم 47 دولة على إحالة المزاعم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إذا تقاعست إسرائيل أو السلطات الفلسطينية عن التحقيق ومحاكمة المشتبه بارتكابهم مثل هذه الجرائم خلال ستة أشهر. وقال إن «توصيتنا الرئيسية اليوم هي وجوب أن تقوم إسرائيل والسلطات في غزة بتحقيقات تتسم بحسن النية والشفافية. المحاكم الدولية هي الملاذ الأخير لا الأول».

ورفض سفير إسرائيل، لشنو يعار، التقرير ووصفه بأنه «مخز» و«متحيز»، وقال إنه «بني على وقائع اختيرت بعناية.. لأغراض سياسية»، وقال إن إسرائيل فتحت أكثر من 100 تحقيق يتعلق، أحدها بالأضرار التي لحقت بمراكز الأمم المتحدة والمنشآت الطبية في غزة، وإن 23 منها تمخضت عن إجراءات جنائية. وقال إن إسرائيل «واجهت عدوا ينشر عن عمد قواته في المناطق المكتظة بالسكان، ويخزن متفجراته في المنازل الخاصة، ويطلق الصواريخ من أفنية المدارس المزدحمة والمساجد».

وحث إبراهيم خريشة، سفير الوفد الفلسطيني، المجلس على تبني التقرير الذي وصفه بـ«الموضوعي»، وقال إن الشعب الفلسطيني لن يسامح المجتمع الدولي إذا تركت الجرائم التي ارتكبت بحقه دون عقاب.