الحريري يواصل استشاراته وسط دينامية سورية طارئة وإمساك إيراني بالورقة اللبنانية

النائب صقر: حل الأزمة اللبنانية يرتبط بطبيعة رد المجتمع الدولي على إيران

الحريري يستقبل النائبة نايلة تويني في إطار استشارات تشكيل حكومته أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

يواصل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري استشاراته على إيقاع مطالب كل من رؤساء الأقلية النيابية بحقائب وزارية «دسمة» قد يصعب توفيرها لإرضائهم ولا يترك للأكثرية النيابية سوى حصة هزيلة، الأمر الذي دفع نواب الأكثرية إلى التأكيد أن هذه المطالب تعجيزية، هدفها لا يتجاوز العرقلة بانتظار الضوء الأخضر من أولياء الأمر الإقليميين. إلا أن هذا التجاذب لم يحل دون إشاعة أجواء متفائلة باحتمال تشكيل الحكومة خلال أسبوعين أو ثلاثة. ويعتمد المتفائلون على قراءة الدينامية الطارئة للنظام السوري الذي حاول كسر الاتهامات الإقليمية والدولية له بالعمل على عرقلة مهمة الحريري، فسارع بعد مشاورات مع الجانب التركي إلى المشاركة في افتتاح جامعة الملك عبد الله في جدة وتابع انفتاحه وصولاً إلى باريس مع زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم.. وواشنطن مع زيارة نائب وزير الخارجية فيصل المقداد وسط تسريبات عن متابعة دولية دقيقة للمواقف السورية حيال لبنان. وفي حين يرى الفريق المتفائل أن هذه الدينامية لا بد أن تثمر تسهيلات تؤدي إلى تشكيل الحكومة اللبنانية، تتطلب المعطيات نظرة معمقة إلى ما هو أبعد من سورية، وتحديداً إلى إيران التي تنسف أسباب التفاؤل من خلال تحليقها منفردة خارج السرب الإقليمي والدولي في لحظة حرجة من مفاوضاتها مع الغرب بشأن ملفها النووي. وفي هذا الإطار لا بد من ترقب طبيعة رد المجتمع الدولي، فهذا الرد سيحدد طبيعة خيارات المنطقة وكيفية تعامل المجتمع الدولي مع إيران.

يقول النائب في تكتل «لبنان أولا» عقاب صقر: «حل الأزمة اللبنانية يكمن في هذه النقطة الحساسة المتعلقة بطبيعة رد المجتمع الدولي على المخاض الذي تعيشه إيران لتفرد إمبراطوريتها على كتف المنطقة. إذا طال الأمر ستطول الأزمة اللبنانية، وإذا جاء الرد الدولي متشددا سيكون الموقف الإيراني متشددا أكثر وسينعكس ذلك على لبنان. أما إذا توصل المجتمعون إلى تسوية ظرفية، قد يحظى لبنان بحكومة ظرفية مع ملابسات هذا الوضع. من هنا لا معطيات للتفاؤل جراء الموقف السوري المستجد لأن هذه المعطيات يجب أن تكون مبنية على وقائع ملموسة. هناك مؤشرات إيجابية انطلاقاً من كلام عن رغبة لدى النظام السوري في التسهيل. ما يعني في المقام الأول أن من يعرقل هو القادر على التسهيل. وما يصطدم في المقام الثاني بتصريحات حلفاء سورية الرافضة أن يؤدي أي تقارب سوري ـ سعودي إلى تسهيل تشكيل الحكومة. ولعل موقف رئيس تيار المردة وحليف سورية العريق النائب سليمان فرنجية خير دليل على عدم استعداد الأقلية للتنازل عن مطالبها جراء هذا التقارب». ويضيف: «نحن نجنح إلى المناورة. فالتقديمات السورية للمجتمعين العربي والدولي لا تهدف إلى أكثر من الخروج من الوضع المحرج الذي بدأت مفاعيله تظهر سلبيات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية تجاه سورية. بالتالي هذه التسهيلات تبقى شكلية مقابل التشدد الاستثنائي من حلفاء سورية في لبنان. والسبب أن إيران تحتاج إلى الدور السوري الساعي إلى الانفتاح لتحظى بهامش يسمح لها بالإمساك بالورقة اللبنانية لأن مصالحها تتطلب عدم تقديمها أي تنازلات في المرحلة الراهنة». ويعبر صقر عن قلقه حيال ما يمكن أن تشهده الساحة اللبنانية جراء هذه المعطيات. يقول: «لبنان من دون حكومة مفتوح على أكثر من احتمال. هناك الوضع الأمني المضطرب. وهناك محاولات جر البلاد إلى فتنة سنية ـ شيعية. وأيضا الاضطرابات على الحدود مع إسرائيل ووضع القوات الدولية. وكل هذه العوامل كفيلة بالتأثير على المنطقة والمجتمع الدولي». ويضيف: «نحن واقعون في قلق حقيقي. فاللاعب الإيراني يربط تسهيله تشكيل حكومة في لبنان بجملة مطالب محورها الظاهر ملفه النووي، إلا أنها تبدأ بالحكومة العراقية واشتراطه وصول رئيس حكومة حليف له، وتمر بالانتخابات الفلسطينية ودوره عبر حركة حماس ولا ينتهي بعلاقته مع دول الاعتدال العربية. وكل ذلك عبر الإمساك بورقة الحكومة اللبنانية، لأن لا مصلحة له لإراحة المجتمع الدولي والعرب من دون الحصول على الثمن الذي تريده».

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قد استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هنأه بسلامة العودة من الأمم المتحدة وتشاور معه في الأوضاع السياسية الراهنة وما بلغته الاتصالات الجارية بهدف تشكيل الحكومة الجديدة من دون أن تتسرب أي معلومات عن اللقاء. وفي إطار التشدد المعهود في مواقفه، كان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون قد صرح بأن «توزير الراسبين هو مشكلة عند الحريري فقط». وقال: «نحن حزب منتصر وليس منهزماً في الانتخابات، ولستُ أنا من اختلق مشكلة وزارة الاتصالات، فليحلها من تسبب بها»، وذلك بعد اجتماعه مع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان ووزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الياس سكاف والأمين العام لحزب «الطاشناق» هوفيك ميختاريان، وأكد التعاون مع الرئيس المكلف بالوقت والمفاوضات للوصول إلى حكومة منسجمة وقوية. وقال: «هذا لا يتم إلا باحترام الأعراف والدستور». وأشار إلى أن «الجلسة الثانية مع الحريري تسهل موضوع البيان الوزاري وتعطي مؤشرات لخيارات صحيحة في الحكومة».

وانتقد عون «العمل المافيوي في إدارة الدولة» كما انتقد الإعلاميين. وقال: «بدكم تكونوا معنا غصباً عنكم في معركة الإصلاح، وإلا روحوا بيعوا حالكم في سوق الانتخابات»، وأضاف: «لا نقبل أن يكون الأداء السياسي كما هو الآن، فالمال مهدور والحياة السياسة مشرشحة والنواب أصبحوا مؤسسات خيرية بغياب مؤسسات الدولة». وشدد على أن «رئيس الحكومة المكلف هو القبطان في تشكيل الحكومة، وهو من يفرض نمط الاستشارات».

وكان النائب في «تكتل التغيير والإصلاح» نبيل نقولا قد اعتبر في تصريح له «أن المشكلة الأساسية في لبنان هي أن البعض لا يريد المشاركة الحقيقية». و«أن التشكيلة التي قدمها الحريري لم تكن عادلة، وأن ما يريده تكتل التغيير والإصلاح هو المشاركة الفعلية». وطالب الأكثرية بتقديم اقتراحات تخفف الدين العام أو تنهيه، وقال: «فليعطونا وزارة المال لنعمل على إنهاء هذا الدين». ورأى أن «لا شيء تغير بين التكليفين الأول والثاني، ولن يكون هناك حكومة ما دمنا لا نعترف ببعضنا البعض وبالشراكة، ولا مشكلة إذا اعتذر الحريري، بل يكون هناك مسلسل مشوق وحلقة ثالثة». واعتبر «أن وزير الداخلية زياد بارود من أفضل وزراء الداخلية، ولكن هل كان بمقدوره أن يغير ضابطا؟». وشدد على «أن المطلوب هو ألا تختصر الحكومة بشخص رئيسها كما تعودوا دائما، لأن هناك وزراء لهم صلاحيات». وأكد «أن وزير الاتصالات جبران باسيل نجح في وزارته، وهذا ما جعلهم يعملون لتهميشنا في الوزارات بسبب رفضهم للخط الإصلاحي».