براون يفتح النار على معارضيه ويؤكد: الآن ليس وقت الاستسلام

لم يتطرق للسياسة الخارجية إلا بشكل مقتضب.. وزوجته قدمته لمؤتمر حزبه بأنه فوضوي

براون وزوجته سارة يحييان المندوبين بعد القاء خطابه في المؤتمر السنوي لحزب العمال في برايتون أمس (ا.ب)
TT

تعهد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في آخر خطاب له أمام حزبه قبل الانتخابات العامة، بالنضال والفوز بالانتخابات العامة المقررة قبل بداية يونيو(حزيران) المقبل، رغم استمرار تراجع حزب العمال الحاكم في استطلاعات الرأي أمام حزب المحافظين المعارض بنحو 17 نقطة. وقال براون أمام قاعة لم تكف عن التصفيق له: «الآن ليس وقت الاستسلام، ولأننا حزب العمال فإن واجبنا ان نقف ونقاتل ونفوز (بالانتخابات) ونخدم (بلادنا)».

وحرص براون على محاكاة مخاوف الناخبين، وخصص معظم خطابه الذي ألقاه في مؤتمر حزب العمال المنعقد في مدينة برايتون بجنوب انجلترا، للحديث عن انجازات حزبه طوال 12 عاما في الحكم، مشددا على ان العمل لم ينته. وفند رؤية حزب العمال للمستقبل، منتقدا في المقابل سياسات حزب المحافظين الذين قال إنهم سيدمرون الانجازات التي تحققت، ووصفهم بأنهم «لا قلب لديهم». وقال: «منذ عام 1997 أعطى حزب العمال هذا البلد مستقبله، ولم ننته بعد».

ولم يتطرق براون في خطابه الذي استمر طوال ساعة من الوقت، الى السياسات الخارجية لبريطانيا، سوى بشكل مقتضب جدا، لم يتعد الدقيقتين. وحيا «بطولة» الجنود البريطانيين في أفغانستان، مؤكداً أنهم سيحظون بالعتاد اللازم والدعم الضروري، ليرد على الانتقادات بأن الجيش البريطاني في افغانستان يعاني من نقص كبير في المعدات والطائرات. وتعهد بالعمل مع الرئيس الاميركي باراك أوباما «و40 دولة أخرى لمكافحة الارهاب ولإحلال السلام والأمن بين إسرائيل وفلسطين». كما خص ايران بجملة واحدة قال فيها لطهران: «انضمي للمجتمع الدولي أو واجهي العزلة». وتحدث أيضا بشكل مقتضب عن اعتماد مقاربة أقسى تجاه المهاجرين الى بريطانيا، وتوعد بعدم السماح إلا لمن يتمتعون بالكفاءات ويفيدون المجتمع البريطاني، بالبقاء.

وفي خطاب علق كثيرون عليه أهمية كبيرة واعتبروه أساسيا لإعادة الثقة لدى مؤيدي الحزب، بعد انتقادات داخلية بأن الحزب يتصرف وكأنه فقد الإرادة على الحياة، حرص براون على محاكاة مخاوف الناخبين، عبر تذكيرهم بأهم انجاز حققه حزب العمال منذ دخوله السلطة: إدخال نظام صحي وطني مجاني للجميع. وحذر البريطانيين من أن دخول المحافظين للسلطة يعني وقف تمويل النظام الصحي بالشكل الذي هو عليه اليوم، ما يؤدي الى تراجع الخدمات المقدمة للذين لا يستطيعون تحمل نفقات التطبيب الخاص. وسخر براون أيضا من المقاربة الاقتصادية التي اراد حزب المحافظين تطبيقها لمواجهة الازمة المالية، مشددا على ان مقاربتهم كانت ستحول الأزمة الى كساد كبير. واعلن ادخال مجموعة من القوانين الداخلية لمحاربة التصرف المعادي للمجتمع ولمساعدة الأسر، وهو ما لاقى ترحيبا كبيرا من المندوبين المشاركين في المؤتمر. كما تعهد بأن ينادي حزب العمال في بيانه الرسمي قبل الانتخابات بإلغاء نظام الحصول على عضوية مجلس اللوردات بالوراثة، والدعوة للتصويت عليه في اول جلسة برلمانية بعد الانتخابات. وقال: «الانتخابات المقبلة ليست بشأن مستقبلي أنا، بل بشأن مستقبلكم وأعمالكم، ومستقبل البلاد». وأضاف: «لأن المهمة صعبة، فإن النصر سيكون أعظم».

وكانت زوجة براون، سارة، قدمته للمؤتمر، وقالت بمزاح: «هو زوجي وأعرفه جيدا. هو ليس قديسا، فهو غير منظم ويصدر ضجة كبيرة، وينهض في وقت مبكر جدا، لكني اعرف انه يحب بلده كثيرا وسيضعه دائما في اولوياته». ولاقى خطاب براون استحسان المشاركين والمندوبين، وقالت النائب في البرلمان البريطاني عن مدينة بلاكبول جان هامبل لـ«الشرق الاوسط» ان الخطاب «كان رائعا»، وإن براون تحدث عن كل الأمور الأساسية «وحدد الخيار أمام الناخبين، بين حزب سيكمل بناء البلد، أو حزب سيهدم الانجازات». وبدت هامبل متفائلة بفوز حزب العمال في الانتخابات المقبلة، لكنها قالت ان البريطانيين «يؤخذون أحيانا بالمظاهر»، في اشارة الى عدم جاذبية براون مقابلة جاذبية زعيم المحافظين ديفيد كاميرون. وقالت: «الجميع يحترم قيادة براون وخصوصا لجهة مواجهته الأزمة الاقتصادية، ولكننا نعيش في عصر الصورة والناس أحيانا تأخذ بالمظاهر وتحكم على أساس ذلك». وعلق جايمس سوراه، أحد المندوبين، وهو استاذ محاضر في جامعة بريستون، على خطاب براون، وقال ان الخطوات التي اعلن عنها براون حول الخدمات الاجتماعية الإضافية التي ستدخلها الحكومة اساسية ومهمة. وأضاف أن براون استطاع في خطابه أن يعيد التركيز على الأجندة التقليدية لحزب العمال، من خلال توجهه إلى عامة البريطانيين. وقالت جوان باتمان، مندوبة عن مدينة غوسبورت، إن براون تمكن من التركيز على الأمور التي تهم البريطانيين، وإن الخطاب سيلقى أصداء إيجابية. وأضافت باتمان أن حزب العمال يمكنه أن يفوز بالانتخابات المقبلة، «اذا استمر بالتركيز على الانجازات التي حققها من دون ان يكون خجولا بذلك».