قبل يوم من اجتماع جنيف.. إيران: لن نتخلى عن أنشطتنا النووية «ولو لثانية واحدة»

نواب في البرلمان يهددون بانسحاب حكومتهم من معاهدة حظر الانتشار النووي * مصادر غربية: سيكون حوار طرشان

مسؤول هيئة الطاقة النووية الإيراني علي اكبر صالحي يتحدث الى الصحافيين في طهران أمس (أ.ب)
TT

أكدت إيران أمس أنها لن تتخلى حتى ولو لثانية واحدة، عن أنشطتها النووية، قبل ساعات من اجتماع حاسم يعقد في جنيف يوم غد الخميس، يعقد لهذا الغرض بين ممثلين للدول الست العظمي، وإيران. وفي وقت عبّرت فيه الرئاسة الإيرانية عن أملها في نجاح المحادثات التي تشارك فيها الولايات المتحدة، لأول مرة بصورة مباشرة، طالب نواب في البرلمان الإيراني، القوى الكبرى بعدم تكرار «أخطاء الماضي» خلال محادثات جنيف، ملمحين إلى إمكانية الضغط على حكومتهم للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي أو تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا فشلت المحادثات. فيما أكدت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط» أن الفشل سيكون حليفا للاجتماع، وأنه سيكون «مثل حوار طرشان»، قبل أن يطالب آخرون بالاهتمام بالانتقال إلى الخطوة المقبلة.

ويجتمع دبلوماسيون بارزون من الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي وألمانيا مع كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووية غدا الخميس في جنيف وهي أول محادثات تجري بشأن برنامج طهران النووي المتنازع عليه خلال أكثر من عام. وينضم خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى مديري إدارات الشؤون السياسية بوزارات خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا في مواجهة كبير المفاوضين الإيراني سعيد جليلي.

وقال مساعد للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس إن إيران ترغب في أن تكون المحادثات مع القوى الدولية الست في جنيف ناجحة. وقال علي أكبر جوانفكر المستشار الصحافي لأحمدي نجاد في تصريحات صحافية في طهران: «محادثات جنيف فرصة ذهبية وفريدة للحكومة الأميركية». وأضاف: «هذه المحادثات بين إيران والقوى الدولية يمكن أن تفتح نافذة جديدة للتفاهم والتعاون القائمين على العدالة والسلام لكل من الطرفين». وقال جوانفكر: «هذه المحادثات اختبار دقيق لإثبات صدق الغرب والتزامه تجاه التغيير.. بعد هذه المحادثات ستكون الكرة في ملعب الغرب وبخاصة الولايات المتحدة».

وستحاول القوى الكبرى وهي الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، الضغط على إيران خلال اجتماع جنيف على الكشف عن مزيد من المعلومات عن منشأة ثانية لتخصيب اليورانيوم في قم، وفتحها للتفتيش، ومناقشة برنامجها النووي، لكن علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية قطع الطريق أمامها مؤكدا أن إيران لن تناقش أي قضايا متعلقة «بحقوقها» النووية في الاجتماع. وأوضح أن هذا يتضمن المنشأة الجديدة لتخصيب اليورانيوم التي جرى الكشف عنها وأثارت إدانة الغرب. وقال صالحي للصحافيين: «لن نناقش أي شيء يتعلق بحقوقنا النووية ولكن يمكننا مناقشة نزع السلاح ويمكننا مناقشة حظر الانتشار وقضايا أخرى». وأضاف: «الموقع الجديد جزء من حقوقنا ولا حاجة إلى مناقشة الأمر» مشيرا إلى أن طهران لن تتخلى عن أنشطتها النووية «ولو حتى لثانية واحدة».

من جهتهم طالب نواب في البرلمان الإيراني القوى الكبرى أمس بعدم تكرار «أخطاء الماضي» خلال محادثات جنيف، ملمحين إلى إمكانية الضغط على حكومتهم للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي أو تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا فشلت المحادثات. ووقع 239 نائبا على بيان أعربوا فيه عن دعمهم للمفاوضات على أساس المقترحات التي قدمتها إيران، ولم يرد فيها أي ذكر للبرنامج النووي الإيراني. وقال النواب في بيان نقلته الإذاعة الرسمية: «نذكّر الدول المفاوضة بأن هذه فرصة تاريخية يمكن أن تصبح سبيلا للخروج من الجمود الحالي ولحل المشكلات». وأضافوا: «ننصح مجموعة خمسة زائد واحد (القوى الست) باستغلال هذه الفرصة التاريخية».

وتابعوا: «إذا كررت مجموعة خمسة زائد واحد أخطاء الماضي بدلا من استغلال هذه الفرصة سيتخذ البرلمان الإيراني قرارات أخرى كما فعل من قبل». وفي عام 2006 اتخذ البرلمان الإيراني قرارا طلب من الحكومة إعادة النظر في مستويات تعاونها مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة بعد أن فرضت المنظمة الدولية عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي.

وقال نائب بالبرلمان الإيراني أمس إن المجلس قد يدافع عن انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا فشلت المحادثات مع القوى الكبرى واستمرت الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على طهران. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن محمد كاراميراد عضو البرلمان قوله: «إذا واصل الصهاينة وأميركا ضغطهم على إيران وإذا لم تصل المحادثات مع (القوى الست) إلى نتيجة فإن البرلمان سيتخذ موقفا واضحا وشفافا مثل انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي». وكاراميراد عضو محافظ بلجنة السياسة الخارجية والأمن القومي بالبرلمان الإيراني.

من جانب آخر قللت مصادر دبلوماسية غربية متابعة لقضية الملف النووي الإيراني في تعليق لـ«الشرق الأوسط» من النتائج المتوقعة لاجتماعات جنيف الذي وصفوه بأنه سيكون أشبه بحوار الطرشان إذ ستحاول الدول الكبرى الاستناد على القرارات الصادرة من مجلس الأمن والتي تلزم إيران بوقف نشاطها النووي وعمليات التخصيب، فيما ستستند إيران على تكرار القول بحقها كبقية الدول أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نشاط نووي سلمي. ومن جهته حذر الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا أمس من أنه لن يكون من السهل الحصول من إيران على ضمانات بشأن الطابع السلمي لبرنامجها النووي. وقال سولانا على هامش اجتماع وزراء الدفاع الأوروبيين في السويد: «ما نريد الحصول عليه هو ضمانات من طهران بالهدف السلمي لبرنامجها النووي. حتى الآن لم نحصل على ذلك ولا أعتقد أنه سيكون بالأمر السهل».

وقال دبلوماسي غربي كبير: «تغيرت الأمور منذ إعلان الأسبوع الماضي ولكن يجب علينا أن نمضي في العملية حيث إن إيران طلبت عقد هذا الاجتماع». وأضاف مشيرا إلى فرض عقوبات أوسع نطاقا: «المحادثات محكوم عليها بالفشل إلى حد كبير. من الواضح أن إيران لن تقول ما نرغب في سماعه وسيتعين علينا الانتقال إلى المرحلة المقبلة».