إيران تعتبر اجتماع جنيف اختبارا.. والقوى الست تعد عقوبات تحسبا للفشل

البرادعي: خالفت القانون * تقييم أمني بريطاني: طهران تسعى لأسلحة نووية منذ سنوات واختلافنا مع الأميركيين في التحليل

TT

قالت إيران أمس عشية اجتماع جنيف اليوم مع القوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن + ألمانيا) إنها ستذهب إلى الاجتماع بنية حسنة وتعتبره فرصة واختبارا للقوى الست، في حين تلوح القوى الست بعقوبات جديدة في حل فشلت هذه المفاوضات في الوصول إلى نتيجة. ويجتمع مسؤولون من الدول الست مع كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي اليوم لمناقشة برنامج إيران النووي المثير للجدل. ويشارك في الاجتماع خافيير سولانا مفوض الشؤون السياسية والدبلوماسية بالاتحاد الأوروبي.

وحسب مسؤولين أميركيين وآخرين سيشاركون في اجتماع جنيف، فإن المتوقع أن تثير إيران طائفة واسعة من الموضوعات السياسية في الاجتماع بينما ستركز الدول الست على البرنامج النووي الإيراني بما في ذلك المنشأة الجديدة السرية لتخصيب اليورانيوم التي كشف عنها النقاب الأسبوع الماضي. ولكن تحسبا لفشل المفاوضات اليوم قال مسؤولون من وفدين مشاركين في الاجتماع لـ«أسوشييتد برس» (أ.ب) إن واشنطن وحلفاءها سيسعون إلى حزمة رابعة من العقوبات على إيران.

وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إن إيران «خالفت القانون» بعدم إعلانها عن بناء مفاعل ثان لتخصيب اليورانيوم عند بدء بنائه. وأضاف البرادعي متحدثا لتلفزيون «سي ان ان ـ أي بي أن» الهندي إن «إيران خالفت القانون بانتهاكها قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تقضي بإبلاغ الوكالة في موعد أقرب».

وقال في نص نشره موقع التلفزيون على الإنترنت إنه «كان من المفترض أن تبلغنا إيران في اليوم الذي قررت فيه بناء المنشأة. ولم يفعل (الإيرانيون) ذلك». وأبلغت طهران الوكالة يوم 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، ورأت القوى الغربية أنها أجبرت على ذلك بعدما اكتشفت أن المنشأة التي بدأ العمل فيها قبل 3 سنوات ونصف السنة ستكشف.

وقال مسؤول البرنامج النووي الإيراني علي أكبر صالحي إنه مستعد لمناقشة المخاوف بشأن المفاعل النووي الإيراني الثاني، إلا أنه استبعد تجميد عمليات التخصيب.

وقال البرادعي في أثناء زيارة إلى نيودلهي، إن صالحي أبلغه أن استكمال المفاعل لا يزال يتطلب كثيرا من العمل وإن المفاعل «ليس جاهزا سوى في ما يتعلق بالكابلات والبناء». إلا أن البرادعي وصف عدم إعلان إيران عن المنشاة الجديدة بأنه «انتكاسة لمبدأ الشفافية» وأكد على وجوب السماح للمفتشين الدوليين بزيارة الموقع بالسرعة الممكنة لتقييم ما إذا كان لأغراض سلمية.

ويستند اتهام الوكالة لإيران بالتباطؤ إلى بند من بنود اتفاقات الضمان الموقعة بين الوكالة ودولها الأعضاء ينص على ضرورة التزام الدول بإبلاغ الوكالة بمجرد نوايا إنشاء مواقع نووية وذلك قبل الانخراط في عمليات الإنشاء بينما تتملص إيران من هذا الاتفاق، مشيرة إلى أنها عملت بموجبه طيلة الفترة من 2003 وحتى اتخاذ مجلس أمناء الوكالة قرارا بإحالة الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن الذي فرض عقوبات ضد إيران. مشيرة إلى أنه سبق أن أخطرت الوكالة بتخليها عن الالتزام بهذا البند وعليه فإنها لم تعد ملزمة إلا بالبند السابق الذي ينص على ضرورة إخطار الوكالة قبل 6 أشهر فقط من تغذية أية منشأة بمواد نووية. لهذا فإن إيران وكما جاء على لسان علي أكبر صالحي تعمل وفقا لنظم الوكالة، وأن المنشأة الجديدة لم يتم تزويدها بمواد نووية، وأن عمليات التخصيب فيها لن تزيد عن 5%. نافيا أن يكون تطوير المنشأة لأسباب عسكرية.

وترافق ذلك مع تقييم hمني بريطاني بأن إيران تسعى إلى أسلحة نووية. وقال مصدر أمني بريطاني أمس حسب «رويترز» إن مسؤولين بريطانيين يعتقدون أن إيران ظلت تسعى لصنع أسلحة نووية خلال السنوات القليلة الماضية على خلاف الرأي الأميركي القائل بأن طهران أوقفت العمل في التصميم والتسلح عام 2003. وأضاف المصدر أن كشف إيران في الأسبوع الماضي عن محطة نووية ثانية أدى إلى تعزيز الشكوك الدولية في أن إيران تضمر نوايا لامتلاك أسلحة نووية.

وتوصل تقرير للمخابرات الوطنية الأميركية نشر في ديسمبر (كانون الثاني) عام 2007 بدرجة كبيرة من الثقة إلى أن إيران أوقفت برنامج الأسلحة النووية في خريف 2003 ولم تستأنفه حتى منتصف 2007.

وقال المصدر البريطاني: «لم نتفق مع التقييم الأميركي وما زال هذا هو موقفنا، وهذا ما شعرنا به في 2003. لذلك فإن قلقنا يعود إلى ذلك الحين. ما زلنا غير مقتنعين ودعمت تطورات الأسبوع الماضي هذا التشكك».

وأضاف: «أريد أن أوضح بجلاء أننا لا نخوض معركة مخابراتية مع الولايات المتحدة. بل إنه مجرد اختلاف في التقييم. الأمر يتعلق بالتحليل لا المعلومات». من جانبه قال البرادعي إنه ليس لديه أدلة تدعم الافتراض البريطاني.

وفي إطار تصريحات متضاربة إيرانية قبل اجتماع جنيف انتقد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مطالبة زعماء العالم السماح بدخول المنشأة النووية الإيرانية الجديدة لتخصيب اليورانيوم التي يجري بناؤها بالقرب من مدينة قم والتي كشفت عنها طهران مؤخرا.

ونقل التلفزيون الرسمي عن أحمدي نجاد قوله إن «قادة هذه الدول ارتكبوا خطأ تاريخيا بتصريحاتهم حول المنشأة الجديدة. وبعد هذا يقولون كذلك أن على إيران أن تسمح بالدخول إلى المنشأة بأسرع وقت ممكن».

وأضاف: «من هم حتى يملوا على الوكالة (الدولية للطاقة الذرية) وإيران ماذا تفعلان؟».

وقال الرئيس الإيراني كذلك إن الجمهورية الإسلامية «لن تتضرر» مهما حصل في محادثات جنيف التي تهدف إلى حل الأزمة المحيطة ببرنامج إيران النووي.

وقال: «بإمكان المفاوضين بكل تأكيد تبني أية سياسة يريدون، ولكننا لن نتضرر». وأضاف أن «إيران أعدت نفسها لأية ظروف، وقد تعلمت البلاد خلال السنوات الثلاثين الأخيرة الوقوف على قدميها وتغيير أية ظروف بحيث تخدم مصلحتها». وقال إن المحادثات هي «فرصة استثنائية للولايات المتحدة وعدد قليل من الدول الأوروبية لإصلاح طريقتها في التعامل مع دول العالم الأخرى». لكن جليلي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين قال أمس إن إيران ستدخل المحادثات، ووصف جليلي لدى مغادرته طهران متوجها إلى الاجتماع الذي يستغرق يوما واحدا في جنيف هذا الحدث بأنه «فرصة واختبار وسندخل المباحثات بنية طيبة». وفي إشارة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية عن أحمدي نجاد قوله إن هذه المحادثات يمكن أن تكون اختبارا للتأكد مما إذا كانت بعض الحكومات عازمة على اتباع شعار التغيير. وذكرت وكالة «فارس» للأنباء أن أحمدي نجاد اقترح هيكلا منظما للمناقشات مع وجود ثلاث لجان تعالج قضايا مختلفة ومجلس من رؤساء الدول المعنية كهيئة عليا لاتخاذ القرارات.

واقترحت واشنطن عقوبات جديدة محتملة في مجال البنوك وفي مجال النفط والغاز إذا لم تهدئ إيران، خامس أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، من مخاوف الغرب من سعيها لصنع أسلحة نووية.