الشرطة المصرية تدفع بتعزيزات أمنية للتصدي لمسيرات البدو في شمال سيناء

قالت إنهم يحاولون الضغط على أجهزة الأمن لتحقيق مطالبهم

TT

بدأ العشرات من بدو سيناء صباح أمس اعتصاما مفتوحا بمنطقة العجرة على بعد 7 كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، احتجاجا على سوء أوضاعهم الأمنية والمعيشية، وتجاهل الحكومة لمطالبهم بالكف عن الاعتقال وإصدار الأحكام الغيابية طوال السنوات الماضية، بينما دفعت الشرطة المصرية بأعداد ضخمة من قوات مكافحة الشغب، والعربات المدرعة في محيط مدينة رفح وميدان الماسورة بسبب بدء الاعتصام الذي دعت إليه مجموعة تطلق على نفسها «أبناء قبائل سيناء» للتصدي لأي محاولة للاقتراب من السياج الحدودي الشائك.

وقال شاهد عيان طلب عدم نشر اسمه خوفا من الملاحقة الأمنية «بدأ توافد المعتصمين على مكان الاعتصام بمنطقة العجرة منذ العاشرة صباحا.. هناك نحو 150 بدويا و50 سيارة وشاحنة صغيرة.. ونتوقع ارتفاع أعداد المعتصمين خلال الأيام المقبلة».

وأضاف أن البدو أقاموا ثلاثة سرادقات للاعتصام بداخلها حتى تتم الاستجابة لمطالبهم، ورفعوا لافتات بمطالبهم وصورا لرئيس حركة «ودنا نعيش» البدوية مسعد أبو فجر المعتقل منذ نحو عام، على الرغم من صدور الكثير من الأحكام القضائية بالإفراج عنه.

ولفت شاهد العيان إلى أن المعتصمين يعتزمون القيام بمسيرة بالسيارات والشاحنات الصغيرة للتعبير عن احتجاجاتهم. وقال شاهد عيان آخر طلب عدم نشر اسمه: «نحو 9 عربات مدرعة وحاملة جنود تتمركز الآن بميدان الماسورة القريب من مكان الاعتصام.. الشرطة تراقب الوضع من بعيد ولم تظهر أي دوريات أمنية حتى الآن قرب المعتصمين».

وحاولت «الشرق الأوسط» أكثر من مرة الاتصال باللواء عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، إلا أنها لم تتلق ردا. وقال مصدر أمني إن الذين دعوا إلى المؤتمر هم مجموعة من الذين صدرت ضدهم أحكام غيابية لتورطهم في الكثير من القضايا الجنائية، وإنهم يحاولون الضغط على أجهزة الأمن لتحقيق مطالبهم. وأضاف أن المجموعة المعتصمة لا تمثل جموع البدو، وأن كبار المشايخ وعواقل القبائل يؤكدون أن هذا الاعتصام غير شرعي.

ودعت مجموعة أطلقت على نفسها «أبناء قبائل سيناء» في بيان في وقت سابق من سبتمبر (أيلول) الماضي أبناء جميع قبائل سيناء إلى اعتصام مفتوح ابتداء من أول أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، احتجاجا على اعتقال ما يقرب من ألف من أبناء سيناء، وعدم الاستجابة لمطالبهم الخاصة بالمعتقلين وتحسين أحوالهم المعيشية. وحدد البدو 9 مطالب لهم، هي الإفراج الفوري عن مسعد أبو فجر ويحيى أبو نصيرة، ورد اعتبارهما وإسقاط الأحكام الغيابية، والتوقف عن إصدار المزيد منها، والإسراع في تشغيل مصنع أبناء سيناء للأسمنت، وإسقاط الديون عن المزارعين، وتفعيل دور الجمعيات الزراعية، والسماح بصيد الأسماك على طول مداخل البحر، ووقف كل أشكال الحظر على الصيد، وفك الحصار التجاري المفروض على كوبري السلام بحجة وقف التهريب، ومراجعة أساليب تعامل كل المسؤولين وضباط الشرطة مع أبناء سيناء، والبدء الفوري في تنفيذ برنامج تنموي شامل لقرى ومدن سيناء وحل مشاكل مياه الشرب. وأكد البيان استمرار السياسيات الأمنية نفسها ضد أبناء سيناء، والمتمثلة في إصدار الأحكام الغيابية ضد الآلاف منهم. وقال: «أصبح عدد الأحكام الغيابية أكثر من عدد السكان، ونحن لا نملك إلا رفع مطالبنا للمسؤولين وعلى رأسهم المحافظ.. ولكننا أمام عدم اكتراثه نوجه مطالبنا إلى الرئيس حسني مبارك لعله يسمعنا هذه المرة ويستجيب لمطالبنا».

وأضاف البيان «جاوز الظلم كل الحدود.. وأصبح الأقرب للفهم أننا نعامل من قبل السلطة والضباط على أننا الأدنى والأقل وفق منهج ثابت لإهدار كرامتنا وسلب حقوقنا واعتقال الكثيرين منا بذنب أو من دون ذنب».

وكانت موجة جديدة من المصادمات بين قوات الأمن والبدو في شمال سيناء قد اندلعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد مقتل بدوي قالت الشرطة إنه مهرب سلاحا في 10 سبتمبر (أيلول) 2008، وفي اليوم التالي قتل برجال شرطة ثلاثة من البدو، وأهالوا التراب على جثثهم وتركوها قرب مستودع قمامة، مما آثار غضب البدو.

وقام مئات منهم فور العثور على الجثث الثلاث بمحاصرة عدة مراكز شرطة في شمال سيناء، منها مركز شرطة «المدفونة» قرب الحدود مع إسرائيل، وتم احتجاز 11 من رجال الشرطة كانوا داخله، وكذلك مركز شرطة «وادي الأزارق»، واختطفوا أربعين من عناصره، قبل أن يطلقوا سراحهم بعد 24 ساعة.

ويشكو البدو من تهميش اقتصادي وتحرش من الشرطة وقلة الوظائف المتاحة في قطاعي السياحة والنفط المربحين في سيناء التي تخرج جزءا كبيرا من إنتاج مصر من النفط من حقول بحرية وتنتشر بها منتجعات يقبل على زيارتها سائحون يبحثون عن الشمس والرمل ورياضة الغطس.

ويقول محللون وجماعات حقوق الإنسان إن الوظائف في مصانع قليلة مملوكة للقطاع الخاص في المنطقة والمناصب الكبرى في المؤسسات الحكومية، غالبا ما تذهب إلى عاملين قادمين من غرب قناة السويس، في إطار سياسة تهدف لزيادة تعداد سكان سيناء ودمجها مع بقية البلاد.

ويعاني نحو 90% من البدو من البطالة، ومن يعمل منهم يقوم بأعمال متدنية ذات رواتب ضعيفة، والحكومة لا تسمح لكثير منهم بالتعيين، بل إنهم غير مسموح لهم بالعمل نهائيا في وظائف داخل وزارات سيادية.

غير أن الحكومة تقول إنها تساوي في المعاملة بين جميع المصريين، وتشير إلى خطة وطنية تنفذ في سيناء في الفترة من عام 1994 إلى 2017، وتشمل استصلاح نحو 250 ألف فدان من الأراضي الزراعية في شمال سيناء التي تشتهر بمزارع الزيتون والخوخ. ويواجه البدو اتهامات من جانب أجهزة الأمن المصرية بأنهم متورطون في عمليات التهريب واختراق الحدود الإسرائيلية، إضافة إلى تورط بعضهم في تفجيرات سيناء خلال الفترة ما بين عامي 2004 و2006.