تفاقم قضية اللبنانيين المبعدين من الإمارات.. ومصادر خليجية تنفي أن تكون انتماءاتهم الطائفية سبب طردهم

رئيس لجنة المبعدين يعلن عن إعداد ملف قضائي

رئيس لجنة المبعدين من الإمارات حسان عليان يتحدث في مؤتمر صحافي عقده في بيروت أمس (أ.ب)
TT

منذ شهرين ونصف الشهر تقريبا، تتفاعل قضية اللبنانيين الذين أبعدوا من الإمارات العربية المتحدة في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، من دون توضيح الأسباب الكامنة وراء هذا القرار. ويؤكد المعنيون بأن أسباب الإبعاد سياسية محضة، وهي مرتبطة بعلاقة هؤلاء بحزب الله رغم نفي المعنيين لهذا الاتهام. وأشارت مصادر لبنانية متابعة للقضية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «معالجة هذه القضية تتم بالتي هي أحسن»، وقالت إن «بعض هؤلاء المبعدين اللبنانيين ينتمون للطائفة الشيعية الذين بلغ عددهم 75 شخصا حزبيين، بينما البعض الآخر لا علاقة لهم بأي اتهامات نسبت إليهم». وأكدت المصادر أنه «إذا ثبتت مخالفة هؤلاء للقانون، فلبنان يحترم الإجراءات التي تتخذها دولة الإمارات بحقهم». وأضافت «أن الوفد الأمني اللبناني الذي زار الإمارات لمتابعة هذه القضية لم يحصل إلى الآن على أي معلومات متعلقة بهذا الموضوع، رغم أنه كان قد تلقى وعودا بالحصول على تفاصيل دقيقة عن كل حالة على حدة. لكننا لا نزال ننتظر الجواب وهناك جهود تبذل بصمت لإيجاد حلول لهذه القضية، مع حرص من الطائفة الشيعية على عدم إثارة المشكلة بطريقة مبالغ فيها، لأن ذلك قد لا يخدم مصالح الشيعة الذين يعملون في الإمارات، أما التحركات التي تقوم بها اللجنة التي أسسها المبعدون فهي ليست مغطاة من أي جهة سياسية». ونفت مصادر خليجية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن يكون عدد اللبنانيين المستعبدين من الإمارات بلغ المئات، وأكدت أن عددهم «محدود جدا»، مشيرة إلى أن هناك أكثر من مائتي ألف لبناني يعيشون في الإمارات حاليا، «وهناك عشرات الألوف بينهم من الشيعة»، في إشارة إلى أنه ليس هناك استهداف للشيعة اللبنانيين في الإمارات.

وأوضحت المصادر أن من استبعدوا من الإمارات مؤخرا، تم اتخاذ القرار بحقهم بسبب قضايا أمنية سجلت عليهم، وليس بسبب انتمائهم للمذهب الشيعي، أو انتمائهم لأي من التنظيمات السياسية اللبنانية. وأشارت مصادر لبنانية أخرى تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من اللبنانيين المقيمين في الإمارات لديهم انتماءاتهم السياسية منذ سنوات طويلة «ولم يتسبب ذلك في إبعاد أيا منهم»، غير أن المصادر اللبنانية قالت في الوقت نفسه إنه لا توجد لديها أي معلومات مؤكدة عن أعداد اللبنانيين المستعبدين أو نوعية القضايا الأمنية الموجهة ضدهم.

رسميا، اكتفت الإمارات بخبر بثته وكالة الأنباء الإماراتية «وام» عن استقبال رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري، أمس، في بيروت لرحمة الزعابي سفير الإمارات لدى لبنان، بدون الإشارة إلى القضية من قريب أو بعيد، وقالت الوكالة إنه جرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين وآخر مستجدات الأوضاع في المنطقة وفي لبنان. وبحسب الوكالة فإن الحريري عبر عن شكره لدولة الإمارات «على ما قدمته وتقدمه من دعم دائم للبنان».

وقد أكد حسان عليان، رئيس لجنة المبعدين اللبنانيين من الإمارات العربية المتحدة، في مؤتمر صحافي عقد في بيروت أمس، بحضور النواب حكمت ديب في «كتلة التغيير والإصلاح»، والنائبين عن حزب الله نواف الموسوي، وعلي عمار، وعدد من الشخصيات السياسية وعائلات المبعدين، أن اللجنة ستواصل تحركاتها السلمية وزياراتها ولقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين من أجل إيجاد معالجة عادلة لقضيتهم، بعدما باشرت إعداد ملف قضائي لإقامة دعاوى على كل من تسبب بالأذية المعنوية والمادية للمبعدين من الإمارات. وقال عليان لـ«الشرق الأوسط»: «نعتبر أن قضيتنا وطنية بامتياز، لذا كنا نعمل في البداية بطريقة سرية على أمل أن نصل إلى حلول، وقد زرنا رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية فوزي صلوخ وقائد الحرس الجمهوري نيابة عن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لكننا لم نصل إلى نتيجة إيجابية». وشرح قائلا: «إن القضية بدأت منذ التسعينات، حين بدأ يتعرض اللبنانيون المقيمون في الإمارات لضغوط من أجل تجنيدهم أمنيا، موضحا أن الأمور تفاقمت بعد انتصار المقاومة في حربها ضد إسرائيل في عام 2006، وقد تفاقم الأمر بعد انتخابات 2009». وأضاف: «قبل فترة من صدور هذا القرار، لمسنا ضغوطا تمارس علينا وشعرنا أننا بتنا مراقبين، الأمر الذي جعل أقربائي يتخوفون من التواصل والتكلم معي عبر الهاتف، وذلك بعدما صار يستدعى إلى التحقيق كل من يقدم على تجديد إقامته. وأبرز ما كان يركز عليه في التحقيق هو العلاقة مع حزب الله، وكان يطلب من اللبنانيين التجسس على أمن المقاومة». وأضاف: «بدلا من أن يستغرق تجديد الإقامة 4 أو 5 أيام صار الحصول عليها يتطلب شهرا. لذا كنت أتوقع خلال تجديد إقامتي وإقامات أفراد عائلتي أن استدعى للتحقيق لكن ذلك لم يحصل، وجددنا إقاماتنا لثلاث سنوات. أما بعد عودتي إلى الإمارات آتيا من لبنان بعد انتهاء الانتخابات النيابية اللبنانية، تم استدعائي من قسم التحقيق والهجرة والجوازات وأبلغت بقرار إبعادي». وأشار إلى أنه بعدما حاول الاستفسار عن أسباب هذا القرار، قيل له إن القرار «أمني لا عودة عنه»، وقال: «طلب مني إحضار كفيل شخصي واحتفظوا بجواز سفري إلى حين مغادرتي البلاد. وهذا ما حصل بعدما استدعيت أفراد عائلتي الذين كانوا لا يزالون في لبنان لتمضية عطلة الصيف وألغيت إقاماتهم وعدنا إلى لبنان». ويعتبر عليان «أن الأسباب التي أعلنتها دولة الإمارات، التي تتمحور حول الأزمة المالية وارتباطنا بأجندة سياسية معينة ليست صحيحة بدليل أنهم لم يقدموا أي أدلة ملموسة في هذا الإطار». ويقول إن عدد المبعدين اللبنانيين يرتفع يوما بعد يوم وقد وصل إلى المئات، لكن هؤلاء يتخوفون من الإدلاء بأي معلومات لأنهم يأملون في تصحيح الوضع والعودة. ويضيف: «لكنني على يقين بأن ما حصل لا عودة عنه، بدليل ما أبلغ للوفد الأمني اللبناني الذي زار دولة الإمارات، وكان مفاده أنه من أبعد قد أبعد، وقد يعاد النظر بمن أدرجت أسماؤهم لإبعادهم في وقت لاحق، لكن ذلك لم يحصل. وبعد عودة الوفد بعشرة أيام، رحلت مجموعة جديدة من اللبنانيين». وقد تعذر الاتصال بالسفارة الإماراتية في بيروت، كما تعذر التحدث إلى وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ لوجوده خارج البلاد. ويشكل اللبنانيون في الإمارات فعاليات مؤثرة في كل القطاعات الاقتصادية والمالية والإعلامية. وفي عام 2001 تم تأسيس مجلس لرجال الأعمال اللبنانيين في أبوظبي، يهدف إلى تطوير العلاقات التجارية اللبنانية الإماراتية، إضافة إلى اهتمام المجلس بتوجيه اللبنانيين القادمين للإمارات بهدف إيجاد الفرص الاستثمارية المناسبة لهم.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، اتهمت حركة «حماس» السلطات الإماراتية بأنها تقوم بترحيل «مئات» الفلسطينيين من أراضيها «من دون مبرر». في حين صرح السفير الفلسطيني في الإمارات لـ«الشرق الأوسط» أن الاتهامات التي ساقتها «حماس» هي «إساءة للشعب الفلسطيني»، مستغربا الاتهامات التي اعتبرها غير صحيحة «على الإطلاق».وقال السفير الدكتور خيري العريدي، حينها، إن ما قامت به السلطات الإماراتية لا يعدو كونه «إجراءات تنظيمية»، نافيا بشدة أن تكون الإمارات قامت بحملة لإبعاد الفلسطينيين من الإمارات.