نتنياهو يهدد بوقف عملية السلام في حال محاكمة إسرائيل على جرائم الحرب في غزة

في كلمة أمام السفراء الآسيويين المعتمدين في تل أبيب

TT

هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالانسحاب من عملية السلام في الشرق الأوسط إذا ما تم نقل تقرير غولدستون إلى محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي، لمحاكمة إسرائيل على جرائمها في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة. وجاء هذا التهديد خلال محاضرة ألقاها نتنياهو أمام السفراء الآسيويين المعتمدين في تل أبيب، الليلة قبل الماضية. وناشد نتنياهو هذه الدول العمل على منع تقرير غولدستون من الوصول إلى المحكمة الدولية.

وبدا نتنياهو غاضبا جدا خلال المحاضرة من تطورات تقرير القاضي اليهودي، ريتشارد غولدستون الجنوب أفريقي، وتصريحاته الأخيرة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي قال فيها إن سياسة الإفلات من العقاب التي تعامَل بها إسرائيل ستقوّض فرص السلام في الشرق الأوسط.

ويفترض أن يصوت المجلس على التقرير اليوم، والإجراءات التي ستتخذ لاحقا لتنفيذ بنوده. ويمنح التقرير الجانبين (إسرائيل وحماس)، 6 أشهر للقيام بتحقيقاتهم الخاصة، وإذا ما ثبت عدم جديتها فإن مجلس الأمن سينقل القضية برمتها إلى محكمة الجنايات الدولية. وتشعر إسرائيل بغضب من موقف السلطة الفلسطينية التي تحث المجلس على التصويت الإيجابي على التقرير. وقد تقدمت، تدعمها 57 دولة إسلامية، بمشروع قرار معادٍ لإسرائيل، يدعو المجلس إلى تبني هذا التقرير وتوصياته.

وأغاظ هذا الموقف نتنياهو بشكل خاص، إذ إنه يمنح إسرائيل مهلة ستة شهور حتى تباشر في إجراء تحقيق قضائي في شكاوى الفلسطينيين حول جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية خلال الحرب العدوانية على غزة مطلع السنة، وتهديدها بنقل ملف التحقيق إلى محكمة لاهاي في حالة عدم انصياعها للإرادة الدولية.

واتضح أن فكرة تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إسرائيل تلاقي معارضة واسعة في الحكومة الإسرائيلية والبرلمان، مع أن نتنياهو كان قد أبدى تأييده لها في البداية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن نقل الملف إلى محكمة لاهاي يعني أمرا واحدا هو «إعطاء جائزة لقوى الإرهاب وإنزال العقاب بالدول التي تكافح الإرهاب». وتساءل نتنياهو «كيف تريدونني أن أخاطر من أجل السلام وأنا مهدد بالمحاكمة في لاهاي؟.. هل هذه المحاكمة تؤدي إلى منحي الثقة بأن حربي على الإرهاب مسنودة من هيئة الأمم؟».

وقال نتنياهو إنه أمام هذا التقرير والتهديد بنقله إلى لاهاي، يشعر بأنه لا أمان في المجتمع الدولي اليوم لمن يحارب الإرهاب. ولذلك، فإنه لا يرى حاجة إلى التفاوض من أجل السلام وتقديم التنازلات من أجل السلام، لأن هذا السلام يحتاج إلى من يحميه في وجه الإرهاب ولا يمكن حمايته طالما أن العالم يحاكم من يحارب الإرهاب.

ولكن مقربين من نتنياهو حاولوا التخفيف من حدة أقواله هذه، وقالوا إنه ينوي تشكيل لجنة تحقيق قضائية خاصة لدراسة الشكاوى الفلسطينية المقدمة إلى المحكمة البريطانية أو التي وردت في تقرير غولدستون. بيد أن مكتب وزير الدفاع، إيهود باراك، أصدر بيانا نفى فيه أن يكون توجه إلى القاضي الإسرائيلي، أهرون باراك، ليترأس لجنة تحقيق رسمية. وقال إنه توجه إليه فقط لكي يتجند في المجهود الإسرائيلي الوطني لصد الهجمة القضائية الدولية المتوقعة ضد مسؤولين إسرائيليين عسكريين وسياسيين، ممن كان لهم دور في الحرب العدوانية على غزة. وكان الطاقم الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية قد اجتمع، أول من أمس، وقرر تشكيل طاقم من الخبراء في العلاقات الدولية والقانون الدولي يعمل إلى جانب كبار المسؤولين الإسرائيليين في وزارتي الخارجية والعدل ليتصدى لما أسموه «الحملة المعادية لإسرائيل على خلفية العملية في قطاع غزة». وجاء في تفسير القرار أن «أعداء إسرائيل» ينوون إغراقها في المحاكمات وطلبات الاعتقال في مختلف دول العالم للمسؤولين الإسرائيليين بحجة محاكمتهم على جرائم حرب. والأمر يستدعي استعدادا خاصا لمواجهته.

والجدير بالذكر أن موضوع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إسرائيل حول العدوان على غزة يستحوذ على النقاش الجماهيري. وانضمت رئيسة المعارضة، تسيبي لفني، التي شغلت منصب نائب رئيس الحكومة ووزيرة الخارجية في حكومة إيهود أولمرت وشاركت في القيادة الثلاثية للحرب (مع أولمرت وباراك). وأعربت عن معارضتها لإقامة لجنة كهذه. وقالت إنه كان على نتنياهو أن لا ينتظر تقرير غولدستون وأن يجهضه قبل أن يصدر بواسطة إجراء تحقيق قضائي إسرائيلي داخلي. وأما الآن، وبعد صدور التقرير ووضع إسرائيل في قفص الاتهام، لم تعد هناك جدوى من التحقيق.