إسرائيل تبدل خطابها تجاه «التهديد الإيراني».. لكنها تعتبر مباحثات جنيف مضيعة للوقت

مساعد لباراك: فكرة قيامنا بالأعمال القذرة نيابة عن العالم تخضع لمراجعة جادة

TT

على الرغم من تغير لهجة إسرائيل في الأيام الأخيرة تجاه التلويح بعمل عسكري ضد إيران، فإن سيلفان شالوم، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وصف أمس المحادثات التي بدأت في جنيف بين القوى الست الكبرى وإيران بأنها «مضيعة للوقت»، مؤكدا أن طهران لن تتخلى مطلقا عن المساعي المنسوبة إليها للحصول على أسلحة نووية، داعيا إلى فرض «عقوبات حقيقية» عليها.

وقال شالوم إن المحادثات «مضيعة للوقت.. الإيرانيون لن يتخلوا أبدا عن خططهم بأن يصبحوا دولة نووية». وأضاف شالوم حسب وكالة الصحافة الفرنسية أن محاولة فرض عقوبات في إطار مجلس الأمن الدولي على إيران هي كذلك «مضيعة للوقت» لأنه من غير المرجح أن تؤيد الصين وروسيا مثل هذه الخطوة.

وقال شالوم قبل اجتماع الحكومة الإسرائيلية «ما يجب القيام به هو فرض عقوبات على إيران من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكذلك أستراليا واليابان، التي تمثل 60 بالمائة من التجارة الإيرانية».

وأضاف أن ذلك «سيوجه صفعة قوية ستجبر إيران على التخلي عن برنامجها. إذا كانت العقوبات حقيقية فستفيد ضد إيران».

جاء ذلك بينما لاحظ تقرير لـ«رويترز» أنه فجأة يبدو أن «تهديد الوجود» الذي تمثله إيران قد انحسر من أفق إسرائيل.

وأشار التقرير إلى أن ذلك بدأ بمقابلة مع إحدى الصحف نشرت في 18 سبتمبر (أيلول)، أكد فيها وزير الدفاع إيهود باراك أن إيران المسلحة نوويا لا تستطيع تدمير إسرائيل. تلت هذا تصريحات علنية مماثلة من الجنرال المسؤول عن جميع العمليات العسكرية.

حتى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وهو من الصقور، فيبدو الآن مترددا بشأن رغبة حكومته التي يلمح إليها منذ فترة طويلة في خوض حرب بدلا من رؤية عدو يحصل على الوسائل اللازمة لتصنيع قنبلة. وقال للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي «لا سمح الله ليست هناك حاجة لمهاجمة أي شيء».

وفي حين يصر المسؤولون الإسرائيليون على أن جميع الخيارات تظل مطروحة للتعامل مع العدو اللدود لبلادهم، فإنه لا تشكك إلا قلة في أن باراك واضع الاستراتيجيات الأول إلى جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد تبنيا أسلوبا جديدا في الخطاب قبل مفاوضات جنيف بين القوى الست وإيران.

وقال مسؤول إن الإسرائيليين الذين لا يملكون القوات اللازمة لإلحاق ضرر دائم بالمواقع النووية الإيرانية يأملون في أن تنجح المحادثات الجديدة، وإن عدم حدوث هذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى تدخل عسكري بقيادة الولايات المتحدة.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي حسب «رويترز»: «آخر ما نريد أن نفعله الآن هو تحويل الانتباه بعيدا عن دبلوماسية نوع التهديدات الذي تستطيع إيران أن تشير إليه كدليل على أنهم وليس نحن الطرف المعرض للخطر».

وفي عام 1981 قصفت إسرائيل المفاعل النووي العراقي، وفي عام 2007 شنت هجوما مماثلا ضد سورية، لكن هناك مؤشرات على أنه حين يتعلق الأمر بإيران فإن اعتبارات ما سيحدث تاليا تثير القلق.

ومن الممكن أن يؤدي هجوم إسرائيلي أحادي إلى أعمال انتقامية ضد أهداف أميركية بمنطقة الخليج، مما يخضع العلاقات المتوترة بالفعل بين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما لمزيد من التوتر. وإذا أوقفت إيران صادرات النفط فقد تجد إسرائيل نفسها ملومة على أزمة عالمية جديدة.

ويقول مساعد لباراك إن مخاطر شن هجوم فردي ضد إيران أوضحها تقرير للأمم المتحدة يندد بالحصيلة الضخمة من القتلى المدنيين في الحرب التي شنتها إسرائيل في يناير (كانون الثاني) على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، وهو الهجوم الذي قالت إسرائيل إنها شنته لوقف الهجمات الصاروخية التي ينفذها الفلسطينيون.

وقال مساعد لباراك «قبل العملية كانت الرسالة التي تلقيناها من الكثير من اللاعبين الخارجيين بما في ذلك حتى بعض المنظمات غير الحكومية: ادخلوا وافعلوا ما يجب أن تفعلوه للتعامل مع حماس. لكن بالطبع تم نسيان كل هذا بمجرد أن سكن الغبار». وأضاف: «فكرة أن إسرائيل تستطيع القيام بالأعمال القذرة نيابة عن العالم تخضع لمراجعة جادة. الدعم الكافي المتواصل غير موجود».

وفي التصريحات التي أدلى بها لأكثر الصحف اليومية مبيعا «يديعوت أحرونوت» قال باراك إن إسرائيل التي يفترض على نطاق واسع أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة بالشرق الأوسط تستطيع ردع أو صد أي هجوم مستقبلي من إيران مسلحة نوويا. وقال «لا أظن أننا على شفا محارق جديدة» ليناقض علنا ربط نتنياهو المتكرر بين إيران اليوم وألمانيا النازية عشية الحرب العالمية الثانية.

ولدى سؤاله عن المقابلة مع «يديعوت أحرونوت» قال نتنياهو إنه يتفق مع وجهة نظر باراك. ونفى مكتب رئيس الوزراء إجراء أي تغيير في الاستراتيجية الإسرائيلية بشأن إيران. غير أن مسألة القلق من إيران التي هون من شأنها باراك الجنرال البارز المتقاعد ورئيس الوزراء السابق الذي يرأس حزب العمل المنتمي لتيار يسار الوسط في ائتلاف يقوده حزب ليكود اليميني بزعامة نتنياهو، لا بد وأن تجد طريقها إلى المناقشات خلف الأبواب المغلقة.

وحين كان وزيرا للدفاع في عهد إيهود أولمرت، سلف نتنياهو، كان باراك حذرا بشأن إشعال حرب. وقال مسؤول بمجلس الوزراء المصغر آنذاك إن باراك كان معارضا لهجوم عام 2007 الذي دمر مفاعلا نوويا سوريا مزعوما ووصفه بالمتسرع.

ونفى مساعدو باراك هذا، لكن مسألة أن الغارة الجوية نفذت بالفعل تشير على الأقل إلى قدرته على إخفاء الخلافات وإظهار الدعم.

وكانت سورية التي وصفت الهدف بأنه مبنى عسكري غير مستخدم تبحث إجراء محادثات سلام مع إسرائيل آنذاك، وهو ما يمكن أن يكون ساعد في احتواء أي انتقام.

وعلى النقيض تعارض إيران بشدة الاعتراف بإسرائيل، ولديها الكثير من المنشآت النووية البعيدة والمحصنة مثلما هو الحال في محطة تخصيب اليورانيوم التي كشف عنها الأسبوع الماضي.

وقال مسؤول امني إسرائيلي ليس منحازا لوزارة الدفاع «من المؤكد أن تفكير باراك في إيران هو المسيطر في الوقت الحالي».