وزير مغربي يستبعد إجراء تعديل حكومي بعد انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين

سعد العلمي لـ«الشرق الأوسط»: الحديث عن الانتماء السياسي للرئيس المقبل للغرفة الثانية سابق لأوانه

TT

استبعد محمد سعد العلمي، وزير العلاقات مع البرلمان المغربي، اجراء تعديل حكومي بعد انتخابات مجلس المستشارين(الغرفة الثانية في البرلمان)، التي ستجري اليوم لتجديد ثلث المجلس.وقال الوزير المغربي «لا أعتقد أن الأمر وارد في الظروف الحالية».

وكانت تكهنات، راجت في بعض الأوساط الحزبية، أشارت إلى أن عباس الفاسي، الوزير الأول (رئيس الوزراء)، سيجري مشاورات حول تعديل حكومي ثان، بعد التعديل الذي جرى في يوليو (تموز) الماضي، والذي أسندت بموجبه حقيبتان وزاريتان لحزب الحركة الشعبية، عقب انتقال حزب الأصالة والمعاصرة إلى المعارضة، وحقيبة واحد للاتحاد الاشتراكي (وزارة للثقافة)، وحقيبة واحدة للتجمع الوطني للأحرار (وزارة الشباب والرياضة).

وتجنب العلمي، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» في الرباط، التكهن بالخارطة السياسية التي ستسفر عنها انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين. وقال «من الأفضل انتظار نتائج الانتخابات».

واعتبر العلمي الحديث عن الانتماء السياسي للرئيس المقبل لمجلس المستشارين «سابق لأوانه»، موضحا أن أمر اختيار المرشحين لرئاسة الغرفة الثانية للبرلمان، مرتبط بمشاورات بين الأطراف السياسية المعنية، ولا يمكن أن تنطلق إلا بعد الإعلان عن نتائج تجديد ثلث مجلس المستشارين.

وردا على سؤال بشأن الجديد الذي ستحمله بداية الموسم البرلماني المقبل، قال العلمي «إننا سنكون أمام مجلس تم تجديد ثلث أعضائه، وبالتالي سيجدد مكتبه وأجهزته وهياكله، وسيعيد انتخاب رؤساء لجانه».

وزاد قائلا: «مثل كل دورة ستكون هناك بالتأكيد مشاريع قوانين جديدة، ستحال على البرلمان، علما أن 37 مشروع قانون ما زالت معروضة على أنظار لجانه، التي لم ينته بعد من دراستها، وهي نصوص قانونية غزيرة، سوف تكون موضع مناقشة للبت فيها». وأعلن العلمي أن الحكومة ستتقدم، داخل الأجل الذي يحدده القانون، خلال الدورة البرلمانية المقبلة، مشروع موازنة الدولة للسنة المقبلة.

تجدر الإشارة إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة احتج على مبادرة قام بها صلاح الدين مزوار، وزير المالية والاقتصاد، حيث التقى مع رجال الأعمال وتدارس معهم مشروع الموازنة، قبل أن يجتمع مع المجموعات البرلمانية. وعلق العلمي على ذلك قائلا «ربما حصل سوء تفاهم في هذا الأمر»، مشيراً إلى أن الحكومة حريصة على إشراك جميع مكونات البرلمان في مراحل إعداد وتنفيذ الموازنة، بدليل أنه تم عقد اجتماع بالمؤسسة التشريعية خلال يوليو (تموز) الماضي، عرض خلاله وزير المالية والاقتصاد أمام اللجنتين الماليتين لمجلسي النواب والمستشارين، ما يتعلق بتنفيذ الموازنة السنوية الحالية خلال الأشهر الستة الماضية، وكذا الخطوط العريضة لمشروع موازنة العام المقبل.

وقال العلمي إن الحكومة سبق لها أن اتفقت مع الغالبية البرلمانية بشأن الموضوع، ومازالت وفية لالتزاماتها، وحينما تستمع إلى مختلف الحساسيات، وتجمع مختلف الآراء، وتعد الهيكلة الأولى لمشروع الموازنة، ستجتمع مع فرق الغالبية في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قبل افتتاح الدورة البرلمانية المقبلة، وهذا ما سيقوم به وزير المالية والاقتصاد، قبل أن يضع المسودة الأولى للمشروع الذي سيعرضه بعد ذلك على اجتماع للحكومة لمناقشته، والبت فيه.

وعزا العلمي المشاكل التنظيمية الداخلية، التي تعرفها بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة، إلى الاستحقاقات الانتخابية التي تعرفها البلاد. وقال إنه «مسلسل طويل وشاق ومعقد وينتج عنه عدة مشاكل». بيد أن العلمي زاد موضحا، أن الحكومة تبقى في منأى عن المشاكل الحزبية التنظيمية الداخلية، وأنها تعمل بكيفية طبيعية، وفي إطار من الانسجام والتضامن بين مكوناتها، وهي تعكف على مختلف الملفات التي التزمت بها، في إطار البرنامج الحكومي الذي تقدمت به أمام البرلمان.

وأضاف «الوضع الطبيعي هو أن تبقى الأوضاع داخل كل حزب سياسي في منأى عن الشؤون العامة».

ومن جهة أخرى، نفى العلمي أن يكون موضوع اعتصام محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، خلال انتخابات مجلس جهة (منطقة) تازة ـ الحسيمة ـ تاونات، قد طرح في أي اجتماع لمجلس الحكومة. وقال إن عبو مسؤول سياسي، وعضو قيادي في حزب مشارك في الحكومة، اختار أن ينخرط في الاستحقاقات الانتخابية، ونال ثقة الناخبين، وتم تجديد انتخابه رئيسا لمجلس بلدي، ونجح كمستشار في الجهة، ثم ترشح لرئاسة الجهة، وتبعا لذلك فهو يمارس نشاطا سياسيا مثل باقي المنتخبين.

وفي سياق آخر، عبر العلمي عن أسفه لكون الاتفاق لم يحصل بين حزبي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي»، بخصوص مذكرة الإصلاح السياسي والدستوري التي تقدم بها هذا الأخير، بتزامن مع الانتخابات البلدية التي جرت في 12 يونيو (حزيران) الماضي. وقال العلمي إن حزب الاستقلال شرح لحليفه آنذاك «بكل مسؤولية وموضوعية، أن الظرف غير ملائم، وذلك بسبب انشغال البلاد في الانتخابات، ولكن الاتحاد الاشتراكي أصر على تقديم المذكرة منفردا، وكان له ذلك، لأن هذا قراره، وكنا نأمل أن يظل الموقف موحدا بيننا في هذا الموضوع، مثل غيره من المواضيع، التي لنا فيها مواقف مشتركة. بيد أن هذه النقطة لم يحصل الاتفاق بشأنها».

وعن مدى تأثير قيادة حزب الاستقلال للحكومة على صورته لدى الرأي العام، واحتمال انعكاس ذلك عليه سلبا في أي استحقاق انتخابي مقبل، قال العلمي «المهم بالنسبة لنا في حزب الاستقلال هو أن نسخر كل جهودنا لخدمة المصالح العليا للبلاد، وبلورة أهدافها على أرض الواقع، وتوفير الكرامة والعيش الكريم لجميع المواطنين، حرصا منا على أن نبقى باستمرار قريبين من الشعب، مصغين إليه، وعاملين إلى جانبه من أجل تحقيق التغيير المنشود على مختلف المستويات، ونعتقد أننا إذا استطعنا أن نخطو خطوات واسعة في هذا المجال، سنكون حينها قد أرضينا ضمائرنا، وحققنا ما كنا نرجوه، ونتطلع إليه، أما غير ذلك فلا يهمنا، لأن الحياة السياسية قابلة دوما للتطور والتغيير».