الصومال: أكثر من 130 قتيلا وجريحا في معارك كيسمايو.. بين فصيلين معارضين

واشنطن تعلق مساعداتها الإنسانية للصومال مخافة وصولها إلى جماعات إرهابية

صورة تعود الى 26 سبتمبر الماضي لمجموعة من القراصنة الصوماليين القت القوات التركية القبض عليهم (أ.ب)
TT

بلغت حصيلة القتلى في المعارك التي دارت بين حركة «الشباب المجاهدين» و«الحزب الإسلامي» المعارضين للحكومة الانتقالية في مقديشو، أكثر من 40 قتيلا وإصابة 90 آخرين، بينهم بعض القيادات الميدانية لكلا الطرفين، اللذين يتنازعان السيطرة على مدينة كيسمايو الساحلية (500 كلم جنوب مقديشو).

وانفجر القتال في المدينة بعد إعلان حركة الشباب عن تشكيل إدارة خاصة بها لما أسمته بـ«ولاية جوبا» التي تشمل 3 أقاليم بجنوب البلاد، وعين أحد قادة حركة الشباب رئيسا لها، الأمر الذي أغضب الحزب الإسلامي، حيث اعتبر ذلك خطوة لتصعيد الوضع بين الطرفين. وأعلن متحدث باسم الحزب الإسلامي أن الحزب سيعلن عن إدارة خاصة به في هذه المحافظات خلال أيام. وتمثل مدينة كيسمايو عاصمة إقليم جوبا نقطة الصراع الرئيسية بين الحركتين لأهميتها الاقتصادية والعسكرية، كونها ثانية كبرى المدن في جنوب الصومال بعد العاصمة مقديشو. وعلى الرغم من أن مقاتلي حركة الشباب تمكنوا من السيطرة على مدينة كيسمايو بعد ساعات من المعركة، فيما توجه مقاتلو الحزب الإسلامي إلى خارج المدينة، فإن التوتر لا يزال يسود مدينة كيسمايو الاستراتيجية، وهناك مخاوف من عودة ميليشيات الحزب الإسلامي إلى كيسمايو من جديد. وتحسبا لأي هجوم مضاد تقوم الآليات العسكرية التابعة لحركة الشباب بدوريات روتينية في شوارع المدينة، فيما عادت الحركة بشكل تدريجي إلى شوارع كيسمايو.

وبعد المعركة تبادل الطرفان اتهامات شديدة اللهجة بشأن من يتحمل مسؤولية هذا القتال، واتهم المتحدث باسم الحزب الإسلامي الشيخ «إسماعيل حاج عدو» حركة الشباب بمهاجمة مواقع الحزب في كيسمايو، إلا أن حركة الشباب اعتبرت ما حدث أنه دفاع عن الإمارة الإسلامية في كيسمايو، وقال المتحدث باسم الحركة الشيخ «علي محمود راجي» إن القتال في كيسمايو لا يدور بين حركة الشباب والحزب الإسلامي، وإنما بين فصيل يقوده الشيخ أحمد إسلان الذي قال إنه عدو للإمارة الإسلامية في المدينة ومقاتلي الشباب، وتوعد بمواصلة القتال ضد الشيخ إسلان وميليشياته «إلى أن يعود عن قراره بمهاجمة الولاية الإسلامية في كيسمايو»، معتبرا قتاله جهادا، وقال «بدلا من أن يحاربوا الكفار، جاءوا ليدمروا الإدارة الإسلامية في كيسمايو».

وهناك مخاوف من أن تمتد المواجهات بين الجماعتين إلى مناطق أخرى من الأقاليم التي لها تواجد عسكري مشترك لكلا الطرفين، حيث هدد الحزب بنقل المعركة إلى المناطق الأخرى إذا بدأت المعارك في كيسمايو. وقال الشيخ إسماعيل عدو، المتحدث باسم شورى الحزب الإسلامي، «إن أي حرب تشنها حركة الشباب على مقاتلي الحزب في كيسمايو ستنعكس على جميع المناطق الصومالية التي يوجد فيها مقاتلو الحزب الإسلامي وحركة الشباب». وكانت حركة الشباب والحزب الإسلامي فصيلين متحالفين لقتال الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام؛ إلا أن العلاقة بينهما تدهورت الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت حركة الشباب عن أن إدارة مدينة كيسمايو الاستراتيجية تابعة لها، حيث استبعدت أعضاء الحزب الإسلامي من الإدارة، مما أثار غضب الحزب الإسلامي الذي أعلن بدوره أنه لن يعترف بتلك الإدارة الجديدة، ومنذ ذلك الوقت بدأ الطرفان بإدخال تعزيزات عسكرية إلى المدينة. على صعيد آخر قالت واشنطن إنها أرجأت مساعدات إنسانية كانت تقدمها للصومال والتي تقدر قيمتها بـ50 مليون دولار. وذكر مسؤولون أميركيون أن واشنطن علقت هذه المساعدات الإنسانية خشية وصولها إلى جماعات تصفها واشنطن بأنها إرهابية، حيث أعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم من قيام المتعاقدين مع منظمات الأمم المتحدة بتحويل تلك التبرعات الأميركية إلى تنظيم الشباب. وجاء قرار واشنطن بتعليق مساعداتها الإنسانية التي كانت تقدم للصومال في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة من أن الأزمة الإنسانية في البلاد بلغت مرحلة حرجة تفاقمها موجة جفاف خطيرة، إضافة إلى تشريد المزيد من المدنيين بسبب موجة المعارك المستمرة في العاصمة مقديشو وبعض الأقاليم الأخرى. ويحتاج نحو 3.8 مليون صومالي ـ هم نصف سكان الصومال ـ لمساعدات إنسانية عاجلة لإنقاذ حياتهم، وأصبح الوضع الإنساني في الصومال في الوقت الحالي مقلقا جدا حسب تقارير منظمات الأمم المتحدة. وكانت منظمات الأمم المتحدة قد وجهت نداء إلى الجهات المانحة لجمع مزيد من الدعم المالي، من أجل مساعدة ملايين الصوماليين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

وتأتي مخاوف واشنطن من وصول تبرعاتها إلى الجماعات المتمردة في الوقت الذي كشفت فيه لجنة مراقبة توريد السلاح المفروض على الصومال منذ عام 1991 عن تورط بعض رجال أعمال صوماليين متعاقدين مع منظمات الأمم المتحدة بتحويل التبرعات والمساعدات الإنسانية إلى الجماعات المتمردة التي تسعى لإطاحة الحكومة الانتقالية في الصومال، وبدأت اللجنة الشهر الماضي بإجراء تحقيقات مع بعض رجال الأعمال الصوماليين، وهددتهم بتجميد أرصدتهم في الخارج إذا ثبتت الاتهامات التي وجهت إليهم.