نفي فلسطيني لتقارير إسرائيلية عن سحب طلب للجنة حقوق الإنسان لتبني تقرير غولدستون

قال إنه اتفق على تأجيل الموضوع إلى مارس المقبل لجمع أكبر عدد من الأصوات

TT

نفى السفير الفلسطيني إبراهيم قريشي لدى الأمم المتحدة في جنيف، نفيا قاطعا ما تناقلته، بعض وسائل الإعلام عن نية السلطة الفلسطينية سحب مطلبها بأن تقوم لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتبني تقرير ريتشارد غولدستون حول جرائم الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة مطلع العام الحالي.

وقال قريشي لـ«الشرق الأوسط» إن هذه تسريبات إسرائيلية لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، لافتا إلى «أن ما يدل على كذب هذه الادعاءات ما نقل عن السفير الإسرائيلي في جنيف روني ليشنوا يعر، من قول إنني أنا الذي بادرت بإبلاغه بقرار السلطة سحب طلبها». وأكد قريشي مجددا أن «السلطة لم ولن تتخذ قرارا في هذا الشأن»، موضحا أن البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة التي تحمل صفة المراقب «لا تستطيع سحب هذا الطلب أو القرار بشأن هذا التقرير الهام الذي اعتبره تاريخيا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والموضوعي والمهني غير المنحاز، والذي نستطيع أن نستفيد منه إلى أقصى الحدود، الذي اتخذ باتفاق بين المجموعة العربية ومجموعة دول عدم الانحياز والدول الإسلامية إضافة إلى المجموعة الأفريقية».

وقال «وخلال التداول مع باقي المجموعات وجدنا صعوبة في إمكانية التوصل إلى صيغة مرضية تضمن استمرار هذا التقرير واتخاذ مجراه القانوني حسب التوصيات التي جاءت فيها وهي أكثر من 40 توصية». وأضاف «أن يصدر هذا التقرير بهذا الشكل غير المنحاز هو سابقة في تاريخ مجلس حقوق الإنسان. هناك بعض الدول التي لديها بعض التخوفات من أن يصبح هذا التقرير سابقة، لذلك فلديها حساباتها الخاصة. لذا لا نريد أن نأخذ قرار متسرعا.. صحيح أن لدينا مجموعة من الأصوات تكسبنا قرارا، لكن التخوف الكبير أن هناك مجموعة من الأصدقاء كانت ستعارض، لذلك نريد أن ندعم القرار بأكبر عدد ممكن من أعضاء المجلس». وبشأن المجموعة الأوروبية قال قريشي «وقفت ضد مشروع القرار».

وأوضح «نحن نعمل من أجل تجنب اصطدام هذا التقرير بفيتو من نوع ما، خاصة أنه مطروح رفعه إلى مجلس الأمن الدولي ولجنة حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات، ويكون مصير هذا التقرير الذي أعتبره مكسبا لشعبنا، حيث إن هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها لدينا وثيقة تتضمن كل المجازر التي ارتكبت في حق شعبنا، تتحدث عن جرائم حرب وألا يلقى مصير تقرير الأب ديزموند تيتو حول مجزرة بيت حانون».

لذا وكما يقول قريشي «يسعى الجانب الفلسطيني للحصول على أكبر عدد من أعضاء المجلس أو كلهم إن أمكن، إلى جانب مشروع القرار، فتم الاتفاق مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) التريث قليلا ودراسة التقرير المكون من 600 صفحة، بتأن أكبر، حتى لا نصطدم بأكثر من عقبة، ونقل موضوع القرار بشأن التقرير الذي أصبح وثيقة دولية إلى الجلسة الثالثة عشرة للمجلس المقررة في مارس (آذار) المقبل».

وردا على سؤال عن ما إذا كان التأجيل سيفقد هذا التقرير حموته ويجعله «نسيا منسيا» قال قريشي «لا بالعكس. أنا شخصيا أتوقع أن يكون هناك مؤيدن أكثر للقرار».

وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد قالت نقلا مصادر خاصة، إن السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة في جنيف أبلغ رئيس حكومته بنيامين نتنياهو بأن قريشي أبلغه بأن «البعثة الفلسطينية ستعلن هذا الموقف غدا (اليوم)، معتبرا ذلك نصرا للاستراتيجية الإسرائيلية التي حذرت من أن تبني التقرير سيُلحق ضررا بعملية السلام».

ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي القول بأن إلغاء الشكوى وتأجيل النقاش حول التقرير حتى مارس (آذار)، جاء ثمرة للضغوط الإسرائيلية والأميركية. وحسب المسؤول فإنه كان هناك تنسيق للمواقف بين تل أبيب وواشنطن، وأبلغ الأميركيون السلطة بأن المفاوضات لن تستأنف إلا بعد إلغاء الشكوى لمجلس حقوق الإنسان.

إلى ذلك أكد طاهر النونو الناطق باسم الحكومة المقالة أنها تتابع عن كثب الجهود الإسرائيلية الرامية إلى دفع الأمم المتحدة لتجاهل تقرير غولدستون. وحذر النونو من أن تجاهل الأمم المتحدة لهذا التقرير وعدم القيام بأي فعل بناء عليه سيشكل تمهيدا لحرب جديدة في المنطقة بغطاء دولي ترتكب فيها القوات الإسرائيلية جرائم أكثر فظاعة من تلك التي ارتكبت في حرب غزة مطلع العام الحالي ونهاية العام الماضي. وقال النونو: «إن المجتمع الدولي مطالب بوقف سياسة الازدواج في المعايير التي يقوم بها لصالح إسرائيل والتعامل معها خارج إطار ونطاق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بشكل يلزمها باحترام هذه القوانين وتطبيقها». ودعا المتحدث باسم الحكومة الجامعة العربية إلى القيام بدور فاعل لحصار المحاولات الإسرائيلية للتهرب من هذا التقرير ونتائجه، مؤكدا أن «قيام حملة دولية فاعلة الآن تدفع إلى محاكمة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال أمر ملح يجب القيام به وعلى كل المستويات».

وفي جنيف قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية، في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن قرار تأجيل اتخاذ قرار بشأن تقرير غولدستون إلى مارس المقبل، يلزم الولايات المتحدة والدول الأخرى المعارضة، بالضغط على إسرائيل وحماس، لإجراء تحقيقات جدية داخلية. وأضافت «هيومان رايتس» القول إن مسؤولية الولايات المتحدة عن تأجيل اتخاذ القرار وانتقادها للجنة برئاسة غولدستون، تحملها مسؤولية خاصة لضمان إجراء إسرائيل تحقيقات ذات مصداقية وغير منحازة تتماشى مع المستويات الدولية.