لام أكول لـ «الشرق الأوسط» : الحركة الشعبية فشلت وحولت الجنوب إلى «جحيم»

منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية تجده خاليا الآن.. والوزراء الثمانية ماذا يفعلون؟ * رئيس «الحركة الشعبية ـ التغيير الديمقراطي»: الاتهامات بوجود علاقة بيننا وبين حزب البشير لا تستحق النفي

لام أكول (رويترز)
TT

شن الدكتور لام أكول رئيس حزب «الحركة الشعبية ـ التغيير الديمقراطي»، المنشق عن الحركة الشعبية ـ الشريكة في حكم السودان ـ هجوما عنيفا على الأخيرة، وقال إنها بعد اتفاق السلام الشامل حصلت على فرصة في الجنوب لتطبيق أفكارها، ولكنها فشلت، بل حولت الجنوب الآن إلى «جحيم»، واتهم أكول، وهو وزير خارجية سابق، قيادات الحركة الشعبية بالفساد، وقال في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في منزله جنوب الخرطوم إن الفساد في الجنوب ينتشر من «القمة إلى القاعدة»، وقدم الدليل على ذلك. مقابل ذلك، نفي أكول، بشدة، الاتهام بأن حزبه ما هو إلا نسخة جنوبية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير، وقال: «هذا الاتهام لا يستحق النفي، لأنه يجيء من ناس يريدون التهرب من الواقع»، وكشف أكول، وهو أستاذ جامعي سابق، أنه يمتلك المال لخوض الانتخابات المقبلة، وصمت عن الكشف عن مصادر تمويله، «إلا في حال كشف الآخرين عن مصادر تمويلهم»، وتحدى أكول: «سندخل الانتخابات، وسنفوز، وسننفذ اتفاق السلام»، كما نفي أن يكون لديه «قوة عسكرية».

* ما دوافع وأهداف خروج لام أكول وآخرين من الحركة الشعبية وتكوين حزب موازٍ للحركة الشعبية باسم «الحركة الشعبية ـ التغيير الديمقراطي»؟

_ أعضاء أي حزب هم مجموعة تتواثق على عمل سياسي مشترك لديهم مبادئ مشتركة وأفكار مشتركة، بعضهم عندما لا يجد أي دور له في الحزب، سيخرج من الحزب، لا أظنه سيستمر. والحركة الشعبية وعدت بأنها حركة وطنية لديها أفكار ومبادئ وبرامج، وجدت قبول الكثير من الناس، بدليل الاستقبالات الهادرة التي قوبل بها وفود الحركة في أول زيارة لها إلى الخرطوم بعد توقيع اتفاق السلام، إلا أنه بمرور الزمن اتضح أن الحركة لم توفِ بما وعدت به الشعب وأصبح الفشل ملازما لكل خطوات الحركة. بعد توقيع الاتفاق أصبح الجنوب فرصة للحركة الشعبية لتثبت فيه للعالم أن مشروعها يمكن تطبيقه، لأن كل الجنوب سلم للحركة إداريا وأمنيا، وهناك نحو 8 مليارات دولار، وصلت إلى الجنوب خلال أربعة الأعوام الماضية من عائدات النفط، ولكن لا يوجد أي دليل على أن هذا المبلغ قد أُنفق في القضايا التي تهم المواطن، والواقع أن الجنوب بلا خدمات من تعليم أو صحة، وأصبح المواطن في الجنوب يتحسر ويتحدث بأن أيام الحرب كانت أفضل من أيام السلم الآن، كما أن الأمن غير موجود، والحرب تشتعل الآن في كل ولايات الجنوب عدا اثنتين. قيادات الحركة الحالية هم الذين خذلوا الجماهير، وعليه فإن مشروع التغيير الديمقراطي جاء إنقاذا للحركة الشعبية. الذين يسيطرون على السلطة في الجنوب الآن سنحت لهم الفرصة لحكم الجنوب وخلق الاستقرار، ولكن الجنوب بدلا من ذلك تحول إلى جحيم الآن. لا توجد حريات هناك الآن، في وقت تحدث فيه قيادات الحركة تحدث الضجيج في الخرطوم حول التحول الديمقراطي، هكذا هناك عدم توافق بين الأقوال والأفعال.

* ذكرتم أن غياب الدور بالنسبة إليكم في الحرة الشعبية كان من دوافع الانسلاخ عن الحركة وتكوين الحزب الجديد، ولكن أنت قيادي بارز معروف في الحركة، وتوليتم منصب وزير الخارجية، أليس هذا دورا رفيعا في الحركة الشعبية؟

_ أنا أقول دور، ولا أقول منصب، لأن المنصب لا أظن أنه سيضيف لي أي شيء، الدور هو أنك تؤثر في القرار، مثلا: عندما كنت وزيرا للخارجية كانت النتيجة أن الحركة تلاحقني. هذا ليس موقف الحركة، وهذا موقف شخصي. ولم تستطع الحركة أن تلعب الدور الوطني. ثم انظر منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، وهو منصب رفيع، تجده خاليا الآن, في إشارة إلى بقاء النائب الأول سلفا كير بشكل شبه دائم في جنوب السودان بدلا عن الخرطوم , والحركة لم تستفد منه، الوزراء الثمانية من نصيب الحركة الشعبية في حكومة الوحدة الوطنية ماذا يفعلون؟ وهناك رسم سياسات الحركة الشعبية ومواقفها من القضايا القومية الكبرى مثل القوات الدولية في دارفور والمحكمة الجنائية الدولية وقضية التعداد السكاني. كل هذه الأشياء لا تعطيك الانطباع بأن الحركة الشعبية حركة مسؤولة ولها برامج قومية.

* الحركة الشعبية ظلت تحارب لأكثر من 20 عاما، فهل من الإنصاف أن تحكم عليها بالفشل في 4 أعوام من الحكم؟ أليس في هذا الحكم نوع من التسرع؟

ـ (مقاطعة منه) الحكومات السودانية أعمارها كم؟ (لم أقدم له إجابة، ثم قاطعني مرة أخرى) الحكومة الأميركية عمرها كم؟

* أربعة أعوام.

ـ (واصل يجيب) إذا كانت الحكومة الأميركية تمنح أربعة أعوام من قبل الذين أولوها الثقة لتقدم شيئا لهم...

* (قاطعته) ولكن الرئيس الأميركي لا يحكم دولة خارجة من الحرب أو دولة غير مستقرة. إنه يحكم دولة مستقرة ولعقود طويلة، لذا فإن المقارنة غير واردة.

ـ (واصل يسألني) وما المشكلة التي تسببت فيها الحرب في الجنوب طوال الأعوام الماضية؟

* (أجبت) كثيرة، على الأقل لا توجد بنية تحتية وإن وجدت فمدمرة بسبب الحرب، حكومة الجنوب تبدأ من آثار الحرب.

ـ لا، هذا غير صحيح، فالحركة ورثت مباني منذ عام 1974، كما ورثت الحركة إمكانيات دولة كاملة في الجنوب غير ناقصة من أي شيء، كما ظلت خلال الأعوام الماضية تتعامل في ميزانية قدرها مليار دولار في السنة، إذن أين المشكلة التي تعوق الحركة من العمل في اتجاه تطبيق أفكارها؟

* من يزُر الجنوب يشاهد أعمال طرق مثلا في المدن الرئيسية مثل جوبا العاصمة أو ملكال أو واو.

ـ هذا أيضا غير صحيح على الإطلاق، في جوبا هناك طريق واحد يؤدي إلى المطار، فأين الطرق الأخرى في المدينة، يا أخي جوبا كلها غبار، هناك سيارات كثيرة ولا توجد لها طرق معبدة، والمواطن الآن في جوبا يشعر بأن المدينة غير نقية، بسبب الغبار.

* أنت متهم بالقلق السياسي، وأن هذا القلق هو الذي دفعكم إلى الانشقاق عن الحركة، كما أن نفس القلق هو الذي كان السبب في الانشقاق الأول عن الحركة في أوائل التسعينات من القرن الماضي.

ـ لا أدري ماذا تقصد بالقلق السياسي، ولكن أنا شخص لدي مبادئ، والحزب وسيلة لتحقيق تلك المبادئ، فإذا فشل الحزب في تطبيق المبادئ التي تؤمن بها، ستخرج من الحزب، لن تكون أسير أوعية أو تتنازل عن أفكارك ومبادئك. نفس الأفكار التي اختلفت عبرها مع الحركة الشعبية في 1991 (الانشقاق الأول له من الحركة الشعبية)، ونفسها جعلتني أختلف حولها مع حزب المؤتمر الوطني في عام 2002 (عاد أكول إلى الخرطوم عام 1996 عبر اتفاق عُرف باتفاق الخرطوم للسلام، ولكن تمرد على الخرطوم مرة أخرى في عام 2002 وعاد إلى الغابة من جديد وانضم مرة أخرى إلى الحركة الشعبية)، وهي ذات الأفكار التي نريد أن نعبر عنها عبر الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي. إذا عجز الحزب عن تطبيق أفكارك فعليك الخروج منه دون غضاضة.

* هذا التنقل ينظر إليه بأنه لا يساعد على تنفيذ الأفكار، و...؟

ـ (مقاطعة منه) هذا ليس تنقلا، لا الأفكار ثابتة عندي، ولم أغير أي شيء فيها...

* (قاطعته) أنت ترفض كلمة «التنقل» من حزب إلى حزب، وعليه فالنقل «الخروج» من الحزب. هناك من يرى أن «الخروج» عن الحزب الذي تعتمده وسيلة لتصحيح الأمور يأتي دائما خصما على رصيدكم السياسي. هل الأمر كذلك؟

ـ لا، ما قمت به ليس خروجا. بل هم الذين يخرجون عن الحركة الشعبية بممارساتهم طوال السنوات الماضية.

* لماذا لا يعمل الدكتور أكول في الفترة المقبلة لتغيير الأمور من الداخل، خصوصا أنه قيادي في الحركة وله أعوان، بدلا عن الخروج عنها وتكوين الحزب الجديد؟

ـ التغيير من الداخل يأتي إذا كان لك دور داخل الحركة.

* وأين دورك ودور الآخرين من مناصريك في التفكير في إحداث التغيير من الداخل؟

ـ إذا كنت غير موجود في أي مؤسسة من مؤسسات الحزب فكيف تؤثر؟ وكيف يمكن أن تغير؟

* أنت قيادي ولك أنصار وأعوان يمثلون تياركم في التفكير، بوسعكم خلق هذا الدور.

ـ لا توجد ديمقراطية في الحركة الشعبية، والتغيير لا يأتي إلا عبر الديمقراطية. المكتب السياسي للحركة معين، ولم يتم تعييني ضمن أعضاء المكتب السياسي، فكيف يتسنى التغيير من الداخل؟

* وهل تتوقع أن يكون لحزبكم «الحركة الشعبية ـ التغيير الديمقراطي» دور في الجنوب في الفترة المقبلة في ظل سيطرة الحركة الشعبية على الجنوب؟

ـ كيف لا يكون له دور؟ فقد أعلنّا هذا الدور، نحن نريد أن نطبق أفكار الحركة الشعبية في الجنوب أن الحركة الشعبية فشلت، أعطوها الفرصة لتطبيق أفكارها على أرض الجنوب، ولكنها فشلت.

* ولكن حزبكم، أيضا، موجود في الخرطوم حتى الآن، ولا وجود له في الجنوب.

ـ عملنا مؤتمرا عاما للحزب شاركت فيه وفود من كل الولايات الجنوبية. نفس العدد المطلوب للمؤتمر جاء، وهذا يدل على أننا موجودون في الجنوب.

* هناك من يرى أن حركتكم تمثيل قبيلتكم قبيلة الشلك الجنوبية، فقط.

ـ لا، الشلك جزء من ولاية واحدة في جنوب السودان، ربما هم ثلث ولاية، فهناك قبائل أخرى في ولاية أعالي النيل مثل: النوير، والدينكا، والمبان، إلى آخره. كل هؤلاء أتوا إلى المؤتمر، طيب، ماذا تقول في الذين أتوا من الولايات الأخرى مثل البحيرات وواراب وغيرها من الولايات، التي ليست فيها قبيلة الشلك.

* ويقولون إن «التغيير الديمقراطي» يمثل تعبيرا صارخا للمنافسة بين أكول والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم ابن ذات القبيلة في الحركة الشعبية.

ـ لماذا تُخلق أهداف أخرى لقيام حركتنا خلاف الأهداف التي ذكرتها لكم في السابق؟

* ربما فات عليكم ذكر هذا الهدف.

ـ لا، ذكرتها كلها، وليس من حقكم ذكر أهداف أخرى.

* أنت تتهم الحركة الشعبية بأنها صرفت 8 مليارات دولار في الأعوام الماضية دون أن يكون لذلك عائد يذكر على الحياة العامة في الجنوب، ما السبب في تقديركم؟

ـ الفساد، الفساد الآن في الجنوب من القمة إلى القاعدة، ولا يوجد أي شخص يجرى التحقيق معه، ناهيك عن تقديمه للمحاكمة.

* ما الدليل؟

ـ قادة الحركة يشترون منازل في الولايات المتحدة وأستراليا وجنوب إفريقيا وأوغندا، فمن أين أتوا بالمال؟ عائلاتهم حتى الآن في الخارج، ويطالبون الآخرين بأن يرجعوا إلى الجنوب. أنت عائلتك لم يعودوا وتطالب الآخرين بذلك، كيف يُعقل هذا؟! اسألوهم.

* ربما لأبنائهم ارتباطات دراسية خارجية لم تنتهِ بعد؟

ـ كل أبنائنا كانوا يدرسون في الخارج، وها هم الآن يدرسون في الداخل.

* وهل الفساد على مستوى قيادة الحركة في المركز أم حتى على المستوى المحلي في الجنوب؟

ـ كل المستويات. الفساد لو بدأ من فوق ينزل إلى تحت.

* هل أنتم مستعدون للانتخابات المقبلة؟

ـ نعم، مستعدون، والمؤتمر العام للحزب أقر بذلك.

* على أي مستوى؟

ـ كل المستويات.

* حتى المستوى الرئاسي؟

ـ كل المستويات.

* الحركة الشعبية تتهمكم بقوة بأنكم نسخة أخرى من المؤتمر الوطني.

ـ (يسأل هو) وما قوة الاتهام؟

* ظهوركم الفجائي، والتأييد الكبير الذي حصلتم عليه من حزب المؤتمر الوطني.

ـ هذا ليس اتهاما قويا. أليست لقيام حزبنا دوافع ذاتية كافية؟ وهل قيام الحزب ينبع من عوامل خارجية لا داخلية ذاتية؟ الدوافع التي ذكرتها أقوى. ولماذا المؤتمر الوطني يختار الدكتور لام أكول دون الآخرين لتكوين حزب آخر في الجنوب؟

* لوجود تقارب بينكم وبينه في الفترة الماضية حول الكثير من القضايا المطروحة.

ـ (يسأل) في أي ناحية؟

* في كل النوحي السياسية وقضايا اتفاق السلام.

ـ يا أخي حزب المؤتمر الوطني لديه لجان مشتركة مع الحركة الشعبية تجتمع يوميا وربما أكثر من مرة في اليوم، فهل تسمي هذا تقاربا بين الطرفين؟

* ولكن بين الطرفين اتفاق ضرورة يحتاج إلى تنفيذ مشترك. ـ وماذا تسمي ما بيننا وبين المؤتمر الوطني.

* إذا كنت تنفي بشدة وجود علاقة بين حزبكم وحزب المؤتمر الوطني، كما يردَّد.

ـ هذا حديث لا يستحق النفي، لأنه يجيء من ناس يريدون التهرب من الواقع، قيادات الحركة، فقط، ترمي أخطاءها على الآخرين، لا يعترفون بفشلهم في إدارة الجنوب، يبحثون عن شخص آخر يتهمونه.

* هم يتهمونكم بأنكم حصلتم على أموال من حزب المؤتمر الوطني لتكوين الحزب.

ـ أين الدليل؟

* في الأصل أنتم لا تملكون المال لتكوين حزب، ولكن فجأة تم تكوين الحزب.

ـ ولماذا لا يكون لديّ المال، ويكون المال لديهم هم؟

* تلك حركة وأنت فرد.

ـ هؤلاء ليسوا حركة، وإنما أفراد.

* وهل تنكر وجود مؤسسة اسمها الحركة الشعبية؟

ـ الحركة تدار عبر أفراد، لا توجد ديمقراطية داخل الحركة، وهذا هو سبب خروجنا عنها.

* إذن من أين حصلتم على التمويل لتكوين الحزب؟

ـ ومن أين حصل الآخرون على التمويل؟ قدّم لنا دعوة كلنا في الأحزاب، وقل لنا من أين حصلتم على التمويل، لكي أتحدث عندها عن مصادرنا لتمويل الحزب. لماذا مصادر تمويلنا وليس مصادر تمويل الآخرين؟ لماذا نحن؟ فقط.

* الشفافية تحتم عليكم التحدث عن مصادر تمويلكم.

ـ إذن علينا كلنا أن نكون شفافين.

* ما موقفكم من الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان؟

ـ موقف حزبنا هو تطبيق اتفاق السلام، لأنها هي التي أتت بالاستفتاء، والمفروض تسفيه أشياء كثيرة وأهم هذه الأشياء إدارة الجنوب بصورة سليمة وأن تذهب المليارات التي يحصل عليها الجنوب إلى الخدمات للمواطن. إن شعر المواطن في الجنوب بأن هناك حكومة في الجنوب جاءت بعد اتفاق السلام، وأن الوحدة جاذبة.

* أليست جاذبية الوحدة مسؤولية الشمال؟

ـ نعم، الحركة حسب الاتفاق ملتزمة بالوقوف مع الوحدة.

* وكذلك الشريك الآخر المؤتمر الوطني؟

ـ نعم، المسؤولية مشتركة بين الطرفين. على الحركة أن تجعل الوحدة جاذبة لا أن تقول على الشمال فعل ذلك. على الحركة أن تجعل الوحدة جاذبة في وزارة الخارجية، وفي مجلس الوزراء، وفي وزارة الاستثمار، وفي وزارة التجارة الخارجية، والصحة، والتعليم العالي، وكل الوزارات التي توجد فيها الحركة الشعبية ضمن الشراكة.

* وعلى من تحمّل مسؤولية جعل الوحدة جاذبة؟

ـ على الشريكين. لكل منهما أخطاء في الفترة الماضية، ولكن الخطأ الأكبر ارتكبته الحركة الشعبية؛ بدلا من أن تعمل بشراكة مع المؤتمر الوطني أصبحت تتحالف مع القوى المعارضة. الحركة يمكن أن تكون حكومة ومعارضة في نفس الوقت. وماذا تتوقع من الشريك الآخر إذا كنت تتحالف مع ناس ضده؟ تخيل ماذا سيكون الوضع لو تحالف المؤتمر الوطني مع ناس ضد الحركة الشعبية.

* هل نتوقع أن يتحالف حزبكم مع أي من القوى السياسية في الفترة المقبلة؟

ـ نعم، لا يوجد حزب سياسي يعمل في فراغ، والتحالفات مع القوى السياسية جزء من قرارات المؤتمر العام للحزب، والمعيار عندنا هو قبول تلك القوى لاتفاق السلام الشامل، قد نتحالف مع تلك القوى حتى بعد الانتخابات لتكوين حكومة ائتلافية، وكل هذه الأمور احتمالات.

* القراءات تشير إلى أن تحالفكم مع حزب المؤتمر الوطني هو الأقرب.

ـ لماذا تلك هي القراءة الأقرب؟ هذه أوهام من جانبكم، تخيلتم خيالات معينة وبنيتم عليها استنتاجات. نحن نتحالف وفقا لمبادئنا ومواقفنا المنشورة، ومن ينسج مواقف لنا غير مواقفنا «على كيفو».

* الحركة الشعبية تكتسب تأثيرها في الساحة عن طريق اتفاق السلام، فمن أين تكتسب أنت التأثير في الفترة المقبلة، خصوصا عندما تتحدث عن الانتخابات.

ـ تأثيرها سيكون عبر الانتخابات، سندخل الانتخابات وسنفوز، وسننفذ اتفاق السلام.

* بمناسبة التأثير، هل يمتلك الدكتور أكول قوة عسكرية؟

ـ الشعب السوداني هو الذي يحمي اتفاق السلام وليست الجيوش.

* هل تنكرون فكرة أن الجيش الشعبي، قوات الحركة الشعبية، جزء أساسي في تنفيذ اتفاق السلام؟

ـ الجيش الشعبي جزء من مؤسسات حكومة الجنوب.

* وجهة مؤثرة في عمليات تنفيذ اتفاق السلام.

ـ لكي يعمل ماذا؟

* هناك تلويحات من الشريكين من وقت إلى آخر بالعودة إلى الحرب، مما يعني الإشارة إلى القوات المسلحة في الجنوب (الجيش الشعبي)، أو في الشمال (الجيش السوداني)؟

ـ هذا كلام ساكت (أي دون معنى)، وما أظن أن الحرب ستندلع مرة أخرى بتلويحات الطرفين بها.

* إذن أنت لا تمتلك أي قوة عسكرية في الجنوب.

ـ هذا معروف، ليس لدي ولو عسكري واحد في الجنوب، وقد أعلنّا هذا أمام مجلس الأحزاب.

* هناك من يرى أن تحركاتكم في الداخل والخارج هذه الأيام تهدف إلى الحصول سلاح لحزبكم تحسبا لأي مستجدات في الجنوب.

ـ الذي يريد السلاح لماذا يخرج إلى الخارج؟ السلاح موجود بكثرة في الداخل، الأمر لا يحتاج أي تحرك خارجي، نحن مستقبلنا في العمل السلمي، وواثقون من أن الشعب معنا. نحن نعمل لخوض الانتخابات المقبلة، فلماذا نخلق عدم استقرار؟ الذين يخافون من الانتخابات هم من يتهمون الآخرين بهذه الاتهامات.

* هناك توترات أمنية في الجنوب الآن، ما الأسباب حسب متابعتكم؟

ـ هناك عدم استقرار، وهناك حروب في الجنوب، «توترات» كلمة خفيفة لوصف ما يجري هناك، والسبب هو ضعف الحركة الشعبية، وعدم قدرتها على بسط هيبتها في كل أنحاء الجنوب.

* هل لحزبكم دور في التوترات الماثلة، كما يتهم البعض؟

ـ لا، بالعكس، إننا نحاول الآن احتواء الأمر.

* أنت متفائل أم متشاءم بقيام الانتخابات في البلاد في أبريل (نيسان) المقبل؟

ـ أنا متفاءل جدا بأن تمضي الأمور في اتجاه الانتخابات.

* إلامَ كانت تهدف الزيارة التي قمتم بها إلى مصر أخيرا؟

ـ عمل سياسي، أنا رئيس حزب من حقي أن أزور أي مكان أرغب في زيارته، ولنا علاقات مع مصر.

* أليست الزيارة من أجل الحصول على دعم مالي، مثلا؟

ـ نحن ملتزمون بقانون الأحزاب السودانية، الذي يحرّم على أي حزب الحصول على دعم مالي من الخارج، لسنا مثل الآخرين.

* وهل لحزبكم أموال تساعده لخوض الانتخابات المقبلة؟

ـ الجماهير معنا.

* تقصد أبناء قبيلتكم الشلك؟ _ يا أخي سجل عندك، أنت عندما تقول بأننا نعتمد على الشلك فقط، هذا قول فيه إساءة لنا، نحن حركة في كل الجنوب، قولك هذا مثل أن تقول إن الحركة الشعبية، فقط، هم قبيلة الدينكا، التي ينتمي إليها رئيس الحركة الحالي سلفا كير، وزعيم الحركة الراحل الدكتور جون قرنق.