إسرائيل ترفض التعقيب على تفاهم مع أميركا بعدم مطالبتها بكشف مفاعلها النووي.. ولكنها لا تخفي اغتباطها

قلقة من عودة الوكالة الدولية لوضعها تحت المجهر بعد 18 عاما من الصمت

TT

رفضت إسرائيل التعقيب رسميا على ما نشرته صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية، أمس، من أن الرئيس الأميركي قرر الامتناع عن مطالبة إسرائيل بكشف نشاطها النووي والاستمرار في سياسة سابقيه بهذا الشأن. ولكن المسؤولين الإسرائيليين لم يستطيعوا إخفاء اغتباطهم بهذا النبأ. بل إن مصدرا رفيعا قال، أمس، إن «هذا النشر ليس جديدا ولا مفاجئا. فقد اتفق عليه أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في لقائهما في مايو (أيار) الماضي».

وكانت الصحيفة الأميركية قد نشرت، أمس، أن أوباما قرر عدم تغيير السياسة الأميركية المقررة منذ 40 عاما وبموجبها تتعامل مع التسلح النووي الإسرائيلي بضبابية. فلا تتحدث عنه بشكل عيني ولا تتوجه لإسرائيل بمطالب جديدة حوله. يذكر أن الاتفاق المذكور كان قد وقع في سنة 1969 بين رئيسة الحكومة الإسرائيلية، غولدا مائير، والرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون. ففي حينه نشرت أنباء في الصحافة الغربية، نقلا عن مصادر إسرائيلية وأميركية عليمة، تقول إن إسرائيل نجحت في تطوير أربع قنابل نووية في مفاعلها النووي في ديمونة. وبعد نقاش طويل بين الدولتين، توصلت مائير مع نيكسون إلى تفاهم تلتزم إسرائيل بموجبه بأن لا تقر بوجود أسلحة نووية فيها وتمتنع عن إجراء تجارب نووية. وبالمقابل تمتنع الولايات المتحدة عن إثارة هذا الموضوع في الساحة الدولية وتشارك في الضبابية الإسرائيلية حوله. ويتضمن الاتفاق أيضا أن تتعامل إسرائيل مع واشنطن بشفافية في الموضوع وتحافظ واشنطن على السرية التامة فيه.

وفي حينه خرقت إسرائيل هذا الاتفاق عدة مرات، إذ إن العديد من قادتها ألمحوا إلى تسلحها النووي. وأشاروا إلى شيمعون بيريس بوصفه «أبو التسلح النووي» الإسرائيلي. ونشرت في الغرب عدة كتب تتحدث عن هذا التسلح، اعتمدت كلها على مصادر إسرائيلية. وقامت إسرائيل، حسب عدة منشورات خارجية، بإجراء تجارب نووية مع نظام الأبارتهايد العنصري في جنوب أفريقيا في سنوات السبعينات والثمانينات. ورغم ذلك، فإن الإدارات الأميركية في تلك الفترة لم تغير من سياستها.

وخشيت إسرائيل من أن يكون أوباما قد قرر تغيير هذه السياسة، خصوصا بعد تكرار تصريحاته حول ضرورة تخليص البشرية من التسلح النووي. وحرصت الحكومة الإسرائيلية على طرح الموضوع مع أصدقائها العديدين في الولايات المتحدة. وزادت من جهودها في هذا المجال، بعد أن تبين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنوي التوجه لإسرائيل كي تفتح مفاعلها النووي في ديمونة (النقب) وفي شوريك (غربي القدس) أمام المراقبة الدولية.

وبالفعل، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتخذت قرارا بهذا الشأن في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي وضمنته دعوة إلى إسرائيل أن تنضم إلى ميثاق حظر انتشار السلاح النووي في العالم. واتخذ القرار بتأييد 49 دولة بينها روسيا والصين، ومعارضة 45 دولة (بينها الولايات المتحدة وسائر دول الغرب) وامتناع 6 دول عن التصويت. وهذه هي أول مرة منذ 18 عاما، يتخذ فيها قرار حاد كهذا تجاه إسرائيل (آخر قرار بهذا الشأن اتخذ في سنة 1991).

ويشعر الإسرائيليون بأن هذا القرار يسبب حرجا للرئيس أوباما وإدارته تجاه التسلح النووي الإسرائيلي، خصوصا مع بدء الحوار بين دول الغرب وإيران من أجل إلغاء مشروع التسلح النووي الإيراني. ويعتقد أن إيران طرحت في هذا الحوار مطلبا حازما بأن تعامل بالمثل مع إسرائيل. وتتساءل طهران عن سبب إتاحة الفرصة أمام إسرائيل أن تتسلح نوويا، وهي الدولة التي ما زالت تحتل أراضي الغير (فلسطين وسورية ولبنان) وتشن حروبا مستمرة على العرب بمعدل حرب كل 3 ـ 4 سنوات، بينما هي ـ أي إيران ـ لم تشن حربا على أحد.

ويحاول الإسرائيليون استباق الأحداث والضغط على الإدارة الأميركية كي لا تتنازل عن سياستها التقليدية في هذا الشأن. ولذلك، تروج أنباء عن الموقف الأميركي، قبل أن يصدر فيه موقف رسمي واضح.