مسؤولون أوروبيون: «تقرير وكالة الطاقة السري» يؤكد أن إيران تستطيع صنع قنبلة نووية

تقرير في لندن: إسرائيل حددت أسماء علماء روس ساعدوا إيران في إنتاج سلاح ذري

TT

أكد مسؤولون بارزون بالأمم المتحدة في تقرير سري أن إيران قد حصلت على «المعلومات الكافية التي تمكنها من تصميم وإنتاج قنبلة ذرية فعالة».

ويؤكد التقرير الذي أصدره خبراء في الهيئة الدولية للطاقة الذرية، في وقت سابق من هذا العام، وتجري مراجعته منذ ذلك الوقت، أن النتائج التي توصل إليها ما زالت غير مؤكدة، وتحتاج إلى المزيد من الأدلة التي تقدمها الوكالات الاستخباراتية، بالإضافة إلى التحقيقات التي تجريها. فيما أكد خبراء أوروبيون اطّلعوا عليه، أن التقرير الذي أثار جدلا واسعا وخلافات داخل الوكالة الدولية أخيرا، وطالبت عدة دول بكشف محتواه، «ليس جاهزا للنشر كوثيقة رسمية».

وقال مسؤولون أوروبيون بارزون إن النتائج التي توصل إليها ذلك التقرير الذي يحمل عنوان «الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي»، تخالف المواقف العامة للعديد من الحكومات، بما في ذلك الولايات المتحدة. فقبل عامين، نشرت الاستخبارات الأميركية تقريرا مفصلا أشار إلى أن طهران قد وقفت جهودها لتصميم سلاح نووي في عام 2003، ولكن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل عارضوا ذلك التقرير في الشهور الأخيرة، مؤكدين أن المساعي الإيرانية لم تتوقف. وخلال الأسبوع الماضي أكد مسؤول أميركي بارز أن الولايات المتحدة تعيد تقييم النتائج التي كانت قد أعلنت عنها في عام 2007.

ومن جهة أخرى، يقدم تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية دليلا على أنه ـ بخلاف التطور الذي أحرزته إيران من خلال المعلومات التي حصلت عليها من خبراء نوويين متمردين والمتعلقة بكيفية تصنيع القنبلة ـ أجرت إيران أبحاثا مكثفة وتجارب تتعلق بكيفية تصنيع مكونات السلاح النووي، ولكن التقرير لم يذكر المدى الذي تمكنت إيران من بلوغه.

يُذكر أن تقرير «الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي»، تم إنتاجه باستشارة عدد كبير من خبراء السلاح النووي داخل الوكالة وخارجها. وهو يحدد إطار برنامج معقد تديره وزارة الدفاع الإيرانية «يستهدف تطوير رؤوس نووية يحملها نظام شهاب3 الصاروخي»، وهو الصاروخ الإيراني متوسط المدى الذي يستطيع الوصول إلى أي منطقة داخل الشرق الأوسط وبعض المناطق في أوروبا. ومن الواضح ـ وفقا للتقرير ـ أن العمل على ذلك البرنامج قد بدأ عام 2002.

وعلى أي حال، فحتى إذا تمكنت إيران من تصميم رأس نووي، فإن ذلك لا يمثل إلا جزءا واحدا من العملية المركبة لتصنيع الأسلحة النووية. ومن المفترض أن تقوم الدراسات الهندسية بتحويل الأفكار إلى أجهزة. والمرحلة الأصعب سوف تكون تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه كوقود نووي، مع العلم بأن الخبراء يقولون إن إيران قد أنجزت تلك المهمة بالفعل.

وعلى الرغم من أن ذلك التقرير يلقي الضوء على رأي المسؤولين البارزين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد نشب خلاف في الشهور الأخيرة حول الإعلان عن ذلك التقرير، حيث وقف محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مواجهة المسؤولين في الوكالة والحكومة الأجنبية التي ترغب في تشديد الضغط على إيران. يذكر أن البرادعي كان يعارض دائما استراتيجية المواجهة مع إيران، حيث يرى أن ذلك التوجه لن يحقق النتائج المرجوة. وفي استجابة للدعوات التي تطالب بنشر التقرير، أعلن البرادعي عن شكوكه حول كمال ذلك التقرير ومصداقيته.

وكانت الوكالة قد أصدرت خلال الشهر الماضي تصريحا استثنائيا تشير فيه إلى أنها «ليس لديها دليل مادي متماسك» بشأن مساعي إيران للحصول على سلاح نووي، أو تصنيع رؤوس نووية. وفي تصريح أطلقه الدكتور البرادعي من الهند يوم السبت قال إن وجود «شكوك كبرى» حول مصداقية الدليل، هو ما جعل الوكالة تحجم عن «الإعلان عن حكمها» حول ما إذا كانت إيران قد سعت إلى تصميم رأس نووي. ومع ذلك، تمثل قناعة أجهزة الاستخبارات العالمية المتنامية بأن إيران قد تمكنت من حل المشكلات الكبرى المتعلقة بالتصميم النووي تحديا دبلوماسيا للرئيس أوباما وحلفائه.

وكانت هناك تسريبات حول التقرير الداخلي للوكالة في الأسابيع الأخيرة ربما بغرض الضغط على الدكتور البرادعي للإفراج عن التقرير. وذلك حيث كانت حول ذلك التقرير إشاعات منذ عدة أشهر، وقد نشرت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» بعض أجزاء منه في سبتمبر (أيلول) الماضي. كما ظهر يوم الجمعة المزيد من الاقتباسات على الموقع الإلكتروني لمعهد العلوم والأمن القومي الذي يديره الخبير النووي دايفيد أولبرايت.

وفي اللقاءات الأخيرة، وصف مسؤول أوروبي بارز على اطلاع بالتفاصيل الكاملة للتقرير في حوار مع «نيويورك تايمز» التقرير، مؤكدا أن الاقتباسات التي نشرها السيد أولبرايت كانت حقيقية. وهذه الاقتباسات مأخوذة من نسخة التقرير التي تتكون من 67 صفحة والتي تم إصدارها في بداية العام، والتي تمت مراجعتها بعد ذلك والإضافة إليها، ولكن المسؤول يؤكد أن النتائج الأساسية التي توصل إليها التقرير لم تتغير. مضيفا: «إنه يعكس الوضع الراهن، ولكن التقرير يستخدم في بعض الأحيان لغة غير دقيقة، وبالتالي فهو غير جاهز للنشر باعتباره مستندا رسميا».

بالإضافة إلى أن التقرير يذكر أن الوكالة «تعتقد أن إيران لديها المعلومات الكافية لتصميم وإنتاج جهاز تفجير نووي فعال» يعتمد على اليورانيوم عالي التخصيب.

وترجح الاقتباسات المأخوذة من التقرير أن إيران أجرت بحوثا وتجارب لكي تتمكن من تصنيع سلاح نووي، مثل تصنيع مفجرات عالية القدرة الكهربائية، وإطلاق متفجرات تجريبية، وتصميم الرؤوس النووية. والدليل الذي يعتمد عليه التقرير ليس جديدا، فقد عرض كبير المفتشين بالوكالة أولي هنونين أجزاء منه في عرض سري للعديد من الدول في بداية عام 2008.

ومن جهة أخرى، أكدت إيران أن علماءها لم يُجرُوا أي أبحاث حول كيفية تصنيع رؤوس نووية، مؤكدة أن أي مستندات تشير إلى شيء بخلاف ذلك هي مستندات مزيفة. ولكن التقرير العام الذي رفعه فريق العمل بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في أغسطس (آب) إلى مجلس إدارة الوكالة رجح مصداقية المزاعم المتعلقة بالنشاط العسكري لإيران، حيث قال: «تبدو المعلومات الموجودة في الوثائق والتي يبدو أنها مأخوذة من مصادرة متنوعة في فترات مختلفة من الوقت، في مجملها متماسكة وشاملة ومفصلة ويجب مناقشتها مع إيران لتفنيد الشكوك» المتعلقة بطبيعة برنامجها النووي.

وتوصل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن مفتشي الوكالة يعتقدون أن «التجارب غير النووية التي أجرتها إيران الأيام الماضية، تؤكد أن نظام التفجير سوف يعمل بكفاءة». كما يشير تقرير الوكالة غير المؤكد إلى أن إيران قد حصلت «على الأرجح» على المعلومات التي تحتاج إليها كي تتمكن من تصميم وبناء القنبلة النووية «من مصادر خارجية» ثم كيّفت هذه المعلومات وفقا لحاجاتها. وعلى الرغم من أن التقرير لم يحدد تلك «المصادر الخارجية»، فإن العديد من وكالات الاستخبارات تعتقد أن إيران قد حصلت على تصميم القنبلة الذرية من عبد القدير خان الباكستاني الذي باع أجهزة تصنيع اليورانيوم، ومن المحتمل أن يكون عالم السلاح النووي الروسي الذي كان يتردد على إيران قد أكمل تلك المعلومات، وفقا لمفتشي الوكالة. وفي لندن ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية في عددها أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلّم روسيا قائمة بأسماء علماء روس يعتقد الإسرائيليون أنهم ساعدوا إيران في تطوير رأس نووي، مشيرة إلى أن تسليم القائمة تم خلال الزيارة السرية التي قام بها لموسكو الشهر الماضي. وذكرت تقارير إخبارية أن نتنياهو طار سرا إلى موسكو وبصحبته أوزي أراد مستشاره للأمن القومي الشهر الماضي على متن طائرة خاصة. وزعم مكتب نتنياهو أنه كان في إسرائيل حيث يقوم بزيارة سرية لمؤسسة عسكرية في ذلك الوقت، غير أنه ظهر في ما بعد أنه كان يجري محادثات مع فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي والرئيس ديمتري ميدفيديف. ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من وزير الدفاع الروسي قوله الأسبوع الماضي: «لقد سمعنا أن نتنياهو جاء ومعه قائمة ودليل دامغ يظهر أن روسا يساعدون الإيرانيين لتطوير قنبلة».

* خدمة «نيويورك تايمز»