تقرير مغربي يورد 9 مؤشرات لرصد مظاهر التدين في المجتمع خلال 2007 و2008

حذر من التشيع والتطرف

من اليمين: الباحثون المغاربة، الطيب بوعزة، وعبد الحكيم أبو اللوز، ومصطفى الخلفي، وسمير بودينار، خلال تقديم «تقرير الحالة الدينية بالمغرب» الليلة قبل الماضية بالرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

كشف تقرير حول الحالة الدينية بالمغرب خلال عامي 2007 و2008، عن وجود توجه متنام نحو التدين في صفوف الشباب، والمجتمع عموما.

وأوضح التقرير السنوي الأول، الذي قدمه المركز المغربي للدراسات والأبحاث (مؤسسة بحثية مغربية مستقلة) الليلة قبل الماضية بالرباط، وشارك فيه باحثون في العلوم الاجتماعية، والسياسية، واللغوية، والدراسات الإسلامية، وصحافيون، أن هذا التوجه نحو التدين يتسم بتعزيز موقع المرجعية الإسلامية في تحديد هوية الأفراد، مع وجود استعداد للانفتاح على مختلف التعبيرات الدينية الحديثة، في ظل تراجع الصيغ التقليدية مثل زيارة الأضرحة. وأورد التقرير تسعة مؤشرات لرصد مظاهر التوجه الديني لدى المغاربة، بدءا بحركة بناء المساجد والإقبال عليها، إذ انتقل عدد المساجد بالمغرب من 41 ألفا و755 مسجدا، حسب إحصائية أجرتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 2007، إلى 47 ألفا و967 مسجدا سنة 2009، منها 13 ألفا و183 مسجدا في المدن، و34 ألفا و784 مسجدا في القرى، وهو ما يشكل، حسب هذه المعطيات، وجود 7 مساجد لكل 5000 نسمة.

ويتعلق المؤشر الثاني بصيام رمضان ووتيرة الإقبال على المساجد. وتطرق التقرير إلى مميزات التدين عند المغاربة في هذا الشهر الكريم، والقيم التي تسوده، ووتيرة الإقبال على المساجد، ونسب الاستهلاك، والأنشطة الدينية. وتوقف التقرير عند المؤشر الثالث، وهو الحج، باعتباره يمثل حدثا استثنائيا في حياة المغاربة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نظام القرعة الذي أصبح معمولا به، أدى إلى التمكن من تنظيم الطلب المتزايد عليه، والذي بلغ سنة 2007 أزيد من 110 آلاف طالب، بينما تجاوز سنة 2008، 170 ألف طلب، إضافة إلى الإقبال المتنامي على العمرة.

وارتكز المؤشر الرابع على التعليم العتيق ودور القرآن، ويتجلى ذلك في ارتفاع عدد تلاميذ مؤسسات التعليم العتيق الأولي إلى أزيد من 300 ألف، فضلا عن وجود حوالي 500 مدرسة خاصة بهذا التعليم، علما أن فترة إعداد التقرير عرفت حملة إغلاق عدد من دور القرآن، التي اعتبرت خارج إطار نظام مدارس التعليم العتيق، وبلغ عددها أزيد من 60 مدرسة، مما أثار في حينه جدلا قانونيا وحقوقيا.

وتطرق المؤشر الخامس إلى موضوع اللباس وتعبيراته المختلفة، وخصوصا ظاهرة الحجاب وعلاقتها بالتوجهات الدينية للمغاربة، وذلك بالاعتماد على رصد أشكال التدين عند الشباب. أما المؤشر السادس فتناول تأثير الفضائيات الدينية على حركة التدين. وأثار المؤشر السابع إشكالية الفتوى والتأطير الديني بالمغرب، بعد إحداث الهيئة العليا للإفتاء، وتمكين البلاد من سلطة مرجعية في الموضوع بالنسبة لمختلف المؤسسات، حيث سجل لجوء بعض القطاعات الحكومية لها من أجل الإفتاء، مشيرا إلى أن حضورها لا يزال محدودا. ولاحظ التقرير وقوع تطور في برامج الوعظ التي تشرف عليها المجالس العلمية المحلية، والتي تجاوزت 290 ألف حصة وعظ خلال سنتي 2007 و2008.

وخصص المؤشر الثامن للحديث عن التراث الإسلامي من خلال عملية مسح لأهم الإصدارات والمخطوطات التي نشرت في الفترة نفسها، والتي تتوزع على مختلف الخزائن والمكتبات في المدن المغربية. فيما تطرق المؤشر التاسع إلى الوقف المغربي، باعتباره مجالا من مجالات الأنشطة الدينية للمجتمع الذي تقوم الدولة على تنظيمه وتنميته. وتجنب التقرير تناول موضوع أداء الزكاة على مستوى المجتمع، وذلك «في ظل غياب أية تقديرات علمية في هذا الباب»، رغم وجود صندوق خاص بالزكاة ضمن قانون الموازنة المالية.

واشتمل التقرير على خمسة محاور هي: الواقع الديني بالمغرب، والفاعلون الدينيون، وتحديات التدين بالبلاد، وتفاعلات الديني والسياسي، واليهود المغاربة.

وأبرز التقرير أن الفاعلين الدينيين هم: مؤسسة إمارة المؤمنين، التي تعددت مبادراتها خلال سنتي 2007 و 2008 في مسار عملية إصلاح الشأن الديني، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تحتل مكانة خاصة داخل بنية النظام السياسي المغربي، والتي سجل التقرير حصول تقدم في عملها. واعتبر التقرير أن العلماء من الفاعلين في الحقل الديني، مذكرا بتزايد الاهتمام الرسمي بهم، بعد تفجيرات الدار البيضاء ليوم 16 مايو (أيار) 2003، إذ أخذوا موقعا مهما في برامج «إعادة تأهيل الحقل الديني»، و«توفير الأمن الروحي» للمغاربة.

وحذر التقرير من بعض المظاهر السلبية، مثل التشيع والتطرف، والغلو، والعنف، «مما فرض اعتماد رؤية أوسع وأشمل إزاء العلماء في ظل ما تتيحه ثورة المعلومات والاتصالات من إمكانات واسعة للتأثير والتجنيد والتعبئة، فضلا عن الجاذبية السياسية التي اكتسبها هذا الفكر».

وعالج التقرير موضوع تطور الحركة الإسلامية المغربية بمختلف تياراتها الأساسية، في علاقاتها بالسلطة، وعلاقاتها البينية، وعلاقاتها الخارجية، ونشاطها المجتمعي، بوصفها فاعلا دينيا يسهم في مجال القيم، وهي حركة التوحيد والإصلاح، والعدل والإحسان، وجماعة الدعوة والتبليغ. وتناول الفصل الأخير من التقرير وضعية اليهود المغاربة، من خلال خلفية تاريخية لهجرة اليهود، وجرد لأهم المواسم اليهودية، وتفاعلهم في الحياة العامة، ووضعيتهم في مدونة (قانون) الأحوال الشخصية، ومواقفهم من العدوان الإسرائيلي على فلسطين.

وقال التقرير إن عددهم في المغرب حاليا لا يتجاوز 3000 شخص، مسجلا غياب حالات توتر بينهم وباقي المغاربة إلا من استثناءات نادرة، تتداخل فيها اعتبارات غير دينية، كما أن هناك «عودة متنامية للاهتمام الروحي، وذلك بإحياء المناسبات الدينية في مزارات اليهود المغاربة».