مسؤول أميركي: مباحثاتنا مع مقداد كانت أكثر صراحة من جولات سابقة مع سورية

نائب وزير الخارجية السوري: نعلم أن بيننا اختلافات لكن الحوار بدأ

TT

في الوقت الذي مضت فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قدما في مغامرتها السياسية المحفوفة بالمخاطر مع إيران الأسبوع الماضي في سويسرا، عملت في هدوء على تناول علاقة أخرى مشحونة بالتوتر، ورحبت بزيارة أعلى مسؤول سوري من حيث المكانة لواشنطن منذ خمس سنوات.

في هذا الإطار، أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، في أثناء مقابلة أُجريت معه، داخل السفارة السورية في واشنطن: «جئنا حاملين روح التعاون البنّاء. نعلم أن بيننا اختلافات حول عدد من القضايا، لكن الحوار بيننا قد بدأ». وأثني مقداد على الرئيس أوباما لإبدائه استعداده خوض معترك الشرق الأوسط، ولانتهاجه ما وصفه المسؤول السوري بتوجه أكثر توازنا عن سلفه الرئيس جورج بوش، الذي اتهمه مقداد بتشجيع العناصر المتطرفة بدعمه المطلق لإسرائيل. وأضاف: «نعتقد أن الصورة المشوهة للولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش تتحسن حاليا. إن الرئيس أوباما يؤمن بالحوار في حل المشكلات الدولية، الأمر الذي نرحب به». يذكر أنه في أعقاب توليه الرئاسة بفترة قصيرة، سعى أوباما لإذابة الجليد المسيطر على العلاقات مع سورية، وهي حالة جمود ترجع إلى دعم الأخيرة جماعات إسلامية مسلحة والشكوك الأميركية في تورطها في اغتيال الزعيم السياسي اللبناني رفيق الحريري. في يونيو (حزيران) قررت الولايات المتحدة تعيين سفير لدى سورية بعد فراغ في المنصب دام أربع سنوات، كما بعثت الإدارة مبعوثها للشرق الأوسط جورج ميتشيل إلى دمشق مرتين هذا الصيف. في يوليو (تموز)، خففت الإدارة بعض العقوبات الاقتصادية ضد دمشق، لكن لا تزال تصنفها باعتبارها واحدة من أربع دول ترعى الإرهاب، بجانب إيران وكوبا والسودان. يتركز هدف أوباما في اجتذاب سورية بعيدا عن حليفها الرئيسي بالمنطقة، إيران، وتقليص دعمها لجماعتَي حماس وحزب الله المسلحتين.

يُذكر أن محادثات مقداد مع مسؤولي الإدارة في واشنطن الأسبوع الماضي لم تثمر أي إنجازات محددة، طبقا لما ذكره مسؤول أميركي. ومع ذلك، أكد الجانبان أن المحادثات تميزت بصراحة أكبر عن الجولات السابقة. والتقى مقداد نائب وزيرة الخارجية جاكوب جيه. لو، ومساعد وزيرة الخارجية جيفري دي. فيلتمان، والمدير بمجلس الأمن القومي دانييل شابيرو.

وتُبرِز الانفراجة الأخيرة الدور المهم الذي تعتقد الإدارة أن سورية ـ جارة العراق، وصديقة إيران، وعدو إسرائيل ـ بإمكانها الاضطلاع به في الشرق الأوسط. اللافت للانتباه أن زيارة مقداد واشنطن تأتي في ذات الأسبوع الذي يشهد انعقاد محادثات مع إيران، وهما دولتان تتسمان بعلاقات وثيقة، لكن معقدة، حسبما أوضح المحللون.

في هذا السياق، قال مارتين إس. إنديك مدير شؤون السياسة الخارجية لدى «معهد بروكنغز»، والذي عمل مفاوضا لفترة طويلة في ما يخص قضايا الشرق الأوسط: «يشعر الإيرانيون بالتوتر حيال إبرام السوريين صفقة مع الولايات المتحدة، مثلما هي الحال تماما مع السوريين المتخوفين من عقد الإيرانيين اتفاقا خاصا بهم». وأضاف إنديك أن الإدارة أطلقت ثلاث مبادرات يعزز بعضها بعضا في ما يتعلق بالشرق الأوسط: محاولات التقارب تجاه إيران وسورية، وتجديد الجهود لكسر حالة التأزم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. في الوقت الذي تسير فيه المفاوضات مع إسرائيل والفلسطينيين ببطء، نجد أن جهود التقارب مع إيران وسورية اكتسبت زخما.

من ناحيته قال مقداد إن بلاده ترحب بالدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، تقوم خلالها الولايات المتحدة أو أوروبا بدور الوساطة. إلا أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، لم يُبدِ أي اهتمام بالأمر.

يُذكر أن التوتر الأكبر المرتبط بسورية حاليا يتركز مع العراق، الذي اتهم جارته دمشق بالتورط في تفجيرين كبيرين باستخدام شاحنات مفخخة في بغداد في أغسطس (آب) الماضي. وقال مقداد إن العراقيين لم يقدموا أي «أدلة ملموسة» تثبت التورط السوري، مشيرا إلى أن الشرطة السورية احتجزت أكثر من ألفَي شخص لعبورهم حدودها مع العراق بصورة غير قانونية.

من جانبهم، نوه خبراء بأن الولايات المتحدة التزمت الصمت على نحو لافت للنظر إزاء المزاعم العراقية.

وقال مقداد: «هناك مصالح حيوية وراء تعاون العراق مع سورية. إننا ملتزمون بمساعدة العراق على تحقيق قدر أكبر من الأمن بداخلها. إننا نرغب في تجاوز هذا الأمر، اليوم قبل الغد».

*خدمة «نيويورك تايمز»