معتقلو غوانتانامو سيواجهون ظروفا قاسية إذا ما نقلوا إلى سجون داخل الولايات المتحدة

خالد شيخ محمد يستمتع بشمس الكاريبي ويقرأ الصحف والكتب ويمارس التمرينات الرياضية يوميا

TT

يستطيع خالد شيخ محمد، الذي أقر بمسؤوليته عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، الاستمتاع بشمس الكاريبي أربع ساعات يوميا والتحدث عبر السياج الحديدي مع المعتقلين الآخرين في ساحة الرياضة في معتقل غوانتانامو بكوبا.

يستطيع خالد شيخ محمد أيضا استغلال هذا الوقت في غرفة الإعلام لمشاهدة الأفلام التي يختارها وقراءة الصحف والكتب، أو لعب الألعاب الإلكترونية، وبمقدوره أيضا والمعتقلين الآخرين ممارسة التمرينات الرياضية على الدراجات الثابتة والأجهزة الرياضية الأخرى.

ويشير التقرير، الذي أصدره البنتاغون حول الأوضاع في المعسكر السري السابع، الذي يضم 16 من المعتقلين ذوي القيمة العالية بالنسبة للولايات المتحدة، إلى أن تلك الأنشطة في غوانتانامو تخفف من الأوضاع الكئيبة التي يعيشونها، لكن تلك المميزات قد تختفي قريبا.

وكانت وزارة العدل الأميركية قد بدأت في الإشارة، خلال ملفات المحاكمة، إلى بعض من المتهمين بالضلوع في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إضافة إلى أبرز المشتبه بهم في القضايا الإرهابية سينقلون إلى السجون الفيدرالية في الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي تركز فيه انتباه المشرعين وجماعات الدفاع عن حقوق الإنسان في مناقشات حول تلك الخطوة، لم يسلط الضوء على الأوضاع التي سيواجهها خالد شيخ محمد والمعتقلون الآخرون، ذوو القيمة العالية، لدى نقلهم إلى الولايات المتحدة، التي اتضح أنها ستكون أكثر قسوة مما هم عليه الآن في غوانتانامو.

وقال الرئيس أوباما في كلمة له أمام الأرشيف الوطني في مايو (آيار): «سنسعى إلى نقل المعتقلين إلى نفس النوعية من المنشآت التي نتمكن فيها من السيطرة على سلوك المجرمين الخطرين داخل حدودنا بحسب مقتضيات العدالة والأمن القومي، واضعين في أذهاننا الحقيقة التالية: (أنه لم يهرب أحد أبدا من السجون الفيدرالية شديدة الحراسة التي يوجد بها مئات من الإرهابيين المدانين)».

وبناء على القيود التي تفرضها السجون الفيدرالية شديدة الحراسة، سيواجه خالد والمعتقلون الآخرون عزلة تامة في الولايات المتحدة.

وإذا ما أرسل خالد شيخ محمد والمعتقلون الآخرون إلى المنشأة شديدة الحراسة في فلورنس بولاية كولورادو، فسوف يقبعون 23 ساعة يوميا في زنزاناتهم ذات النوافذ الزجاجية التي يبلغ سمكها أربع بوصات وأثاث خرساني. وإذا ما حسنوا من سلوكهم فسيسمح لهم بممارسة الرياضة لمدة ساعة يوميا في باحة السجن، لكن، كل بمفرده، ولن يتاح لهم سوى الاتصال بأشخاص عدا من مسؤولي السجن، حتى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي كانت الطرف الخارجي الوحيد، الذي يتمكن من الوصول إلى المعسكر السابع، لن تتمكن من الوصول إليهم بعد نقلهم إلى الأراضي الأميركية. وقال القاضي ليوين برينكيما لزكريا موسوي قبل أن ينتقل إلى سجن فيدرالي شديد الحراسة في فلورنس ليقضي عقوبة السجن مدى الحياة: «ستموت من الأنين، ولن تحظى بفرصة أخرى للحديث مع أحد».

يحوى السجن الذي يشتمل على 490 غرفة والمعروف رسميا بـ«المنشأة الإدارية شديدة الحراسة» أعتى المجرمين في الولايات المتحدة من بينهم محمد ابن شقيق رمزي يوسف، الذي أدين عام 1993 بالهجوم على مركز التجارة العالمي، وجي كارنيسكي، الذي أدين بحملة الخطابات المفخخة، وعميل مكتب المباحث الفيدرالية، الذي أدين بالجاسوسية لصالح الاتحاد السوفيتي، روبرت هانسن، وتيري نيكولاس، الذي أدين عام 1995 بتفجير مركز أوكلاهوما الفيدرالي بالإضافة إلى ثلاثة وثلاثين إرهابيا أميركيا.

وقال المدافعون والرافضون لإغلاق المعتقل، إن شبح الأوضاع القاسية الموجودة في فلورنس والأماكن الأخرى في السجون الفيدرالية تتصل بصلة غير مباشرة بقضايا أكبر جاءت في قرار أوباما بإغلاق السجن العسكري.

فقال كيرك ليبولد، الذي خدم من قبل في الأسطول الأميركي كقائد للمدمرة الأميركية «يو. إس. إس. كول»، ويعمل حاليا كزميل عسكري بارز لجماعة مليتري فاميليز يونايتد الحقوقية: «يقدم السجن العسكري الآن أعلى درجات الأمن والاعتقال الإنساني للإرهابيين بما يتواءم مع بنود معاهدات جنيف، وما لم تخطط الإدارة لإنفاق ملايين الدولارات على تغيير الأوضاع السيئة في المنشأة شديدة الحراسة ذات الظروف البالغة القسوة، فإن نقل المعتقلين إلى سجن مثل فلورنس ستنتج عنه ظروف أقل إنسانية بالنسبة للمعتقلين وأقل أمنا بالنسبة للأميركيين».

فيما أشار اتحاد الحريات المدنية الذي يساعد محامي الدفاع في المعتقل، إلى أن الهدف الرئيس هو محاكمة المتهمين أمام محاكم فيدرالية، حيث تعتقد الجماعة أن لديها فرصة أفضل في مع حكم الإعدام في حال أدين أي من المعتقلين.

وقال أنتوني روميرو، المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية الأميركي: «الحماية في السجون الفيدرالية فائقة، وغياب العملية القانونية في غوانتانامو يجعل منها ثقبا أسود أكثر من فلورنس».

وعلى الرغم من مزاعم البنتاغون بالتزامه بمعاهدات جنيف بالنسبة لمعسكر 7 أشار روميرو، إلا أنه لا يزال غير مقتنع بأن الأوضاع أكثر تسامحا كما يشير المسؤولون، فقد عبر بعض محاميي معتقلي معسكر 7 عن قلقهم إزاء الصحة العقلية لموكليهم عندما أشاروا خلال عرض القضية إلى أنهم يرغبون بالاعتراف بالتهم المنسوبة إليهم ويواجهون عقوبة الإعدام كدليل على حالة الإحباط والعجز واليأس التي يمرون بها».

تجربة موسوي الذي حوكم أمام محكمة فيدرالية في الإسكندرية تعطي فكرة حول الأوضاع التي قد يواجهها معتقلو غوانتانامو إذا ما نقلوا إلى الولايات المتحدة. يقول مسؤولون في سجن الإسكندرية، حيث يحتجز موسوي، إنه يقضي 23 ساعة في اليوم بمفرده في زنزانة يبلغ اتساعها 80 قدما مربعا، وللزنزانة أرض خرسانية وحوائط بيضاء مجردة ومرحاض وفراش يعلو سريرا خرسانيا. وهناك وحدة كاملة من ست زنزانات وساحة مشتركة مخصصة له وحده، ويخضع لمراقبة مشددة عبر كاميرات مراقبة أمنية ولم يرى أيا من الموجودين داخل السجن.

وأشار المسؤولون إلى إنه يقضي غالبية أوقاته في هدوء يقرأ القرآن ويصلي على بطانية، وخلال ساعة التريض تصاحبه حراسة من زنزانته وممارسة التمرينات الرياضية، وإذا ما نقل إلى أحد الطوابق السفلية داخل السجن، ودائما ما يكون مصفدا ويغلق كلا الطابقين.

وكان اثنان من المشتبه بهما في عمليات الإرهاب في بريطانيا قد تقدما بالتماس إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لوقف عملية تسليمهما إلى الولايات المتحدة محتجين بأن الأوضاع في سجن فلورنس قاسية، حيث يفترض أن ينقلا، وأنهما سيتعرضان لمعاملة مهينة وقاسية وغير إنسانية، وقد وجدت العديد من الدراسات أن العزلة المفروضة في السجون شديدة الحراسة يمكن أن تتسبب في حدوث اضطرابات عقلية.

يقضي نزلاء سجن فلورنس البالغو الخطورة أوقاتهم في زنزاناتهم ولديهم جهاز تلفزيون أبيض وأسود وكتب لتمضية الوقت.

ويشير بيرنارد كلينمان، المحامي الذي مثّل رمزي يوسف، إلى أن موكله أخبره أنه نادرا ما يمارس الرياضة داخل السجن، لأنه يرفض الخضوع للتفتيش كل مرة يعود فيها إلى زنزانته، ودائما ما يصفد في كلتا قدميه ورجليه. وقد باءت كل محاولات المسجونين ومحاميهم بالاعتراض على أوضاعهم داخل السجن بالفشل، فقد أوضح كلينمان، الذي يمثل رمزي يوسف منذ عام 1998: «إنه حبس انفرادي مدى الحياة».

* شاركت جيري ماركون في الإعداد لهذا التقرير

* خدمة «واشنطن بوست»