حلف الأطلسي ما زال يبحث عن إستراتيجية في أفغانستان

جدل بين أصحاب فكرة انتشار كثيف للقوات وتدريب قوات أفغانية قادرة على فرض سيطرتها

TT

بعد ثماني سنوات على سقوط طالبان، ما زال الحلف الأطلسي يسعى جاهدا إلى وضع إستراتيجية تمكنه في آن من وقف تمرد امتد إلى كافة أرجاء أفغانستان، ومراعاة رأي عام يشتد غضبه لرؤية جنوده يعودون في نعوش. وفور وصوله إلى البيت الأبيض، طلب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي وضع أفغانستان في صلب أولوياته، من هيئة أركانه طرقاً جديدة للخروج من المستنقع الأفغاني.

وأول تدبير اتخذه تمثل بإرسال 21 ألف جندي إضافي، على غرار الإستراتيجية التي اتبعت في العراق، لكن هذه المرة في بلد أصعب بكثير، حيث العدو مختلف، وكذلك طبيعة الأرض والمهمة. وهناك بوجه عام نهجان فكريان يتواجهان في واشنطن في الأشهر التي تلت: أصحاب فكرة انتشار كثيف للقوات، والحد من الضربات الجوية التي تقتل عددا كبيرا من المدنيين وتدريب قوات أفغانية قادرة على فرض سيطرتها على البلاد في حال انسحاب القوات الدولية. أنصار فكرة إرسال عدد محدود من الجنود للتركيز على تصفية «القاعدة». ويعتبر هؤلاء أن طالبان لا تشكل خطرا على الولايات المتحدة، وأن إرسال تعزيزات كثيفة سيزيد الانطباع بوجود جيش احتلال، وبالتالي الاستياء لدى الشعب. وبعد تنحية الجنرال ديفيد ماكيرنان في مايو (أيار)، طالب خلفه على رأس القوات الدولية في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، بوضع إستراتيجية جديدة يرى البعض أنها ليست سوى استمرار للسابقة مع وسائل متزايدة. وقال مسؤول عسكري أوروبي سابق كبير في كابل أخيراً «الإستراتيجية الجديدة لا بد من إقناعي من أنها جديدة فعلا». مضيفا «لا نرى في الوقت الراهن أي فرق كبير على الأرض باستثناء واقع أن هناك المزيد من كل شيء. مزيد من الرجال ومزيد من العتاد ومزيد من المال». وفي سبتمبر (أيلول)، رفع الجنرال ماكريستال إلى قياداته توصياته للأشهر المقبلة للمطالبة بإرسال تعزيزات تصل إلى 40 ألف جندي إضافي لنشرهم، خصوصا في المناطق الشمالية والغربية المهملة حتى الآن. وسيتجاوز عدد القوة الأميركية آنذاك المائة ألف جندي. وينشر الحلف الأطلسي والقوة الأميركية المشاركة في عملية «الحرية الدائمة» حاليا مائة ألف جندي من أربعين بلدا. وفي موازاة ذلك تسعى القوات الدولية للتكيف مع خطر القنابل اليدوية الصنع. وأعلنت واشنطن عن إرسال آليات مصفحة جديدة أفضل تجهيزا للصمود أمام هذه القنابل التي تسببت بخسائر قياسية في الأشهر الأخيرة. وهذه الآليات الجديدة هي نسخ معدلة للمصفحات «إم.آر.إيه.بي»، المعروفة بأنها توفر حماية أفضل للقوات الأميركية في العراق. والنموذج الجديد يتميز بأنه خفيف أكثر ويتكيف بشكل أفضل مع طبيعة الأرض الجبلية في أفغانستان. وكان باراك أوباما حذر في الربيع من أن «الطريق ستكون طويلة»، معلنا خطته التي تتلخص في «زعزعة وتفكيك (القاعدة) في باكستان وأفغانستان والتغلب عليها ومنعها من العودة إلى هذين البلدين في المستقبل». وأسوأ السيناريوهات التي يخشاها المراقبون أن لا يتبدل أي شيء مع وضع إستراتيجية جديدة، وأن يكون مصير الغربيين في نهاية المطاف في أفغانستان التي يسهل احتلالها، لكن من الصعب الاحتفاظ بها، ما كان مصير السوفيات في الثمانينات والبريطانيين في القرن التاسع عشر.