الاشتراكيون يستعدون للعودة إلى الحكم في اليونان

خطة اليمين لتعزيز موقعه بالانتخابات المبكرة ضعفت أمام الفساد والأزمة الاقتصادية

طفلة تنظر من داخل كشك الاقتراع، فيما يختار والدها ممثليه في مركز انتخابي بأثينا أمس (رويترز)
TT

توجه اليونانيون أمس إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تشريعية مبكرة يتوقع أن يفوز فيها الحزب الاشتراكي المعارض (باسوك) بسبب الاستياء العام من إخفاق الحكومة في الحد من الفساد وأسلوب معالجتها للأزمة الاقتصادية. ودعي نحو 10 ملايين ناخب لاختيار ممثليهم في البرلمان المؤلف من 300 عضو. وأظهرت استطلاعات الرأي مسبقاً تقدم الحزب الاشتراكي (باسوك) المعارض بزعامة جورج باباندريو على حزب الديمقراطية الجديدة بزعامة رئيس الوزراء اليميني كوستاس كرامنليس. وكان رئيس الوزراء المنتهية ولايته قد دعا إلى هذه الانتخابات المبكرة الشهر الماضي أملا في تعزيز موقعه داخل البرلمان.

لكن الناخبين بدوا، حسب استطلاعات الرأي الأولية، محبطين بسبب انتشار الفساد وغير مقتنعين بدعوة كرامنليس لعامين من التقشف لإعادة الاقتصاد المتباطئ إلى مساره بما في ذلك تجميد مرتبات العاملين بالقطاع العام. وقالت ديميترا سيسيري، 59 عاما، التي تعمل سكرتيرة بعد أن أدلت بصوتها في أثينا: «اخترت باسوك لأنني شعرت بخيبة الأمل إزاء الحكومة السابقة. الأمر الوحيد الذي حصلنا عليه منهم هو اللامبالاة وعدم الاكتراث».

وحسب استطلاعات لآراء الناخبين لدى خروجهم من مكاتب الاقتراع، حصل الاشتراكيون على ما بين 39 و44% من الأصوات، أي بنسب تؤمن للحزب الاشتراكي الغالبية المطلقة (ما بين 151 و159 نائبا من أصل 300). وتفيد الاستطلاعات أيضا أن حزب الديمقراطية الجديدة لم يحصل سوى على ما بين 34 و37%، أي ما بين 94 و100 مقعد، مقابل 150 مقعدا له في البرلمان الحالي.

وعرض الاشتراكي باباندريو استراتيجية مختلفة جدا حيث وعد بخطة لتحفيز الاقتصاد حجمها ثلاثة مليارات يورو (4.36 مليار دولار) على أساس فرض ضرائب على الأغنياء ومساعدة الفقراء. ووصف كرامنليس أفكار باباندريو بأنها غير واقعية، وقال أثناء إدلائه بصوته في سالانيك بشمال البلاد: «اليوم يحدد اليونانيون طريقة آمنة للخروج من الأزمة. إنهم يحددون سياسات صعبة لكنها تضمن استئنافا نشطا للسباق من أجل النمو من 2011 والى ما بعد ذلك».

ويتحدر كرامنليس وباباندريو، المتنافسان الرئيسيان في هذه الانتخابات، من أسرتين سياسيتين وهما يتنافسان للمرة الثالثة.

وكان كرامنليس هزم مرتين خصمه في 2004 و2007 أولها بعيد وصول باباندريو إلى قيادة الحزب الاشتراكي الذي أنهك بعد عشرين سنة متواصلة في السلطة. ويسعى نجل مؤسس الحزب الاشتراكي اندرياس باباندريو ورئيس الاشتراكية الدولية الذي يبلغ من العمر 57 عاما إلى إعطاء دفع جديد للحزب الذي اهتز بفقدانه السلطة وتمزقه التيارات الشعبوية وأنصار إصلاح اجتماعي ليبرالي. لكن في مواجهة كرامنليس المحافظ الذي كان يحكم في الوسط ودون أن يثير ضجيجا كبيرا، واجه صعوبة في تحقيق اختراق في استطلاعات الرأي. وقد دخل باباندريو السياسة برعاية والده الذي كان رئيس أول حكومة اشتراكية في اليونان. وقد أمضى هذا الرجل الهادئ والمتحفظ الذي درس علم الاجتماع سنوات في السلطة شغل خلالها عدة وزارات منذ الثمانينات. وفي منصبه الوزاري الأخير في الخارجية أصبح مهندس تطبيع العلاقات مع تركيا في 1999 واكتسب احترام الحكومات الأوروبية.

وباباندريو مولود عام 1952 في سانت بول في ولاية مينيسوتا الأميركية ودرس في الولايات المتحدة والسويد وبريطانيا. وقد عمل على تحسين العلاقات بين ضفتي الأطلسي على الرغم من معاداة الرأي العام للأميركيين.

ويقول باباندريو ردا على الذين يأخذون عليه انه «ورث» الحزب، انه راهن بولايته بعد الهزيمة الانتخابية الثانية في 2007 ليتم انتخابه مجددا من قبل مؤتمر عام موسع. وفي حال فوزه في الانتخابات سيكون ثالث سياسي من أسرة باباندريو يقود البلاد بعد والده وجده الذي يحمل اسمه جورج باباندريو (1888ـ1968) (وسط) الذي كان على رأس اليونان بعد الاحتلال الألماني في 1944. وفي المقابل، يعد كرامنليس، 53 عاما، ماهراً في المناورة. وقد عرف عنه لفترة طويلة انه سياسي مترفع عن المشاكل.

وقد تضاءل تقدمه المريح على الاشتراكيين في الأشهر الأخيرة خصوصا منذ أعمال العنف التي شهدتها المدن اليونانية أواخر عام 2008 بعد مقتل فتى برصاص الشرطة نتيجة خطأ.

وانتخب كرامنليس رئيسا لحزب الديمقراطية الجديدة في نهاية 1997 بناء على اسم هو اسم عمه قسطنطين كرامنليس الشخصية اليمينية المهمة التي أعادت الديمقراطية إلى اليونان في 1974 قبل انتخابه رئيسا للجمهورية. وقد ورث حزبا ضعيفا ومقسما. وبانفتاحه على كل التيارات وبفضل قدرته على احتمال الضربات، نجح في إعادة بناء الحزب وأنهى في نهاية 2004 هيمنة الاشتراكيين.

وبعد ولاية أولى سجلت نتائج اقتصادية جيدة ونسبة نمو تجاوزت الـ 4% وخفض العجز إلى 6، 2% في إجمالي النتاج الداخلي، أعيد انتخاب كرامنليس في 2007. لكن في أوج الأزمة الاقتصادية وبينما تدهورت شعبيته إلى أدنى حد ولم يعد يملك سوى غالبية صوت واحد في البرلمان، قرر في منتصف ولايته الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.