عقبات تنتظر دوريات مشتركة للقوات العراقية والأميركية والبيشمركة في الموصل

مخاوف عربية ـ كردية متبادلة من توترات لدى وصولها مناطقهم

جنود عراقيون ينفذون مهامهم في نقطة تفتيش بمدينة الموصل (رويترز)
TT

يأمل مسؤولون أميركيون أن تبني الدوريات المشتركة بين الجيش العراقي، وأغلبيته من العرب، والقوات الكردية، الثقة في المناطق الشمالية المتنازع عليها التي يسودها التوتر لترطب من جفاف العلاقات الذي يخشى كثيرون أن يكون سببا في اندلاع الحرب المقبلة في العراق. ولا تثق القوات ذاتها في تحقيق ذلك.

ويقول شموك حيدي (28 عاما)، من قوات البيشمركة الكردية، من نقطة تفتيش خارج بلدة وانا الصغيرة التي تحيط بها الجبال: «لا نحتاج الجيش العراقي هنا.. سيثيرون مشكلات ولن يقبلهم الناس». وبعد ستة أعوام ونصف العام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، لا يزال شمال العراق محور النزاع بين الأقلية الكردية والحكومة العراقية في بغداد للسيطرة على أراضيه واحتياطياته النفطية.

ويريد الأكراد ضم مناطق شاسعة بشمال العراق، ومن بينها مدينة كركوك المنتجة للنفط، لمنطقتهم شبه المستقلة. ويعتبر المسؤولون الأميركيون، الذين يسابقون الزمن لإقرار الهدوء في العراق قبل انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق، الخلاف أكبر تهديد لاستقرار البلاد الذي كادت أعمال العنف بين السنة والشيعة تمزقه. ونقل صدام حسين آلاف الأكراد من كركوك ومناطق أخرى في إطار سياسة «التعريب» ولكن السكان العرب يقولون إن الأكراد انتقلوا بأعداد كبيرة بعد عام 2003 لقلب الميزان لصالحهم. وتأجل استفتاء بشأن وضع المناطق المتنازع عليها، ويخشى مسؤولو الأمم المتحدة أن يؤدي إلى نشوب حرب أهلية. وحتى الآن حدثت عدة مواجهات بين القوات العربية والكردية في المناطق المتنازع، ولكن لم يقع اشتباك مسلح فعلي.

وفي أغسطس (أب) لمح قائد القوات الأميركية في العراق، الجنرال راي أوديرنو، إلى تشكيل قوات ثلاثية من الجيش العراقي والبيشمركة والقوات الأميركية للإشراف على نقاط التفتيش والقيام بدوريات مشتركة.

والفكرة بسيطة.. فمن خلال العمل معا وبناء علاقات يقل احتمال تبادل إطلاق النار.

ويتوقع أوديرنو أن يقوم الجيش الأميركي بدور أشبه بدور قوات حفظ السلام في منطقة تشهد استقرارا متزايدا، ولكنها ما زالت قابلة للاشتعال. ويقول مسؤولون عراقيون وأميركيون إن قادة جميع الأطراف يوافقون من حيث المبدأ، ولكن لم يتم الاتفاق على التفاصيل بعد. ويعارض بعض الساسة العرب في المناطق المتنازع عليها الفكرة بشدة. وصرح أوديرنو للصحافيين في واشنطن هذا الأسبوع: «لا يزال أمامنا شوط نقطعه».

ومثل كثير من البلدات في هذا الجزء المضطرب من العراق يعيش الأكراد والعرب جنبا إلى جنب في وانا. وعلى الرغم من النزاع عليها فإن البيشمركة يسيطرون فعليها عليها. ويرفرف العلم الكردي بشمسه الصفراء فوق المباني ونقاط التفتيش، وكثيرا ما يكون ذلك بالقرب من صور رئيس كردستان العراق، مسعود بارزاني، بينما لا يرى العلم العراقي في أي مكان.

وحين تسير بمحاذاة نهر دجلة في اتجاه الموصل تختفي نقاط تفتيش البيشمركة وتظهر نقاط تفتيش الجيش العراقي ومعظم أفراده من العرب. وهناك يثير جنود عرب مخاوف مماثلة بشأن الأكراد.

وقال مهدي نعيم، الذي يحرس نقطة تفتيش في حي تقطنه أغلبية من العرب في الموصل: «اسأل أي أسرة هنا وستقول نفس الشيء.. لا نريد البيشمركة هنا». وأضاف: «لا أعتقد أنها فكرة جيدة حتى إذا كان ذلك إلى جانب الجيش العراقي». وشكا بعض السكان العرب في الموصل من سوء معاملة القوات الكردية منذ عام 2003. وتشير مثل هذه التعليقات تساؤلات بشأن إثارة الدوريات توترات بدلا من تهدئتها، مهما كانت النوايا طيبة.

ومع استمرار نشاط تنظيم القاعدة وجماعات أخرى حول الموصل مستهدفة القوات المحلية والمدنيين في محاولة لتأجيج صراعات عرقية بشمال العراق فإن التعاون أمر ملح. وأدت سلسلة من التفجيرات الهائلة في مناطق متنازع عليها في نينوى إلى تبادل الاتهامات بين العرب والأكراد، مما صعد من خلاف يصب في مصلحة المسلحين. وقال الكولونيل غاري فوليسكي، قائد القوات الأميركية في الموصل، لوكالة «رويترز»: «لا يتعلق بالأمن بل السياسة.. ما فعله المسلحون في بعض هذه المناطق هو.. هناك فجوة..

توجد نقطة تفتيش في الشمال وأخرى في الجنوب وهناك فراغ بينهما يمكن للمسلحين التحرك داخله دون أن يعترضهم أحد، وهو المكان الذي وقعت فيه هذه الهجمات. نحن نسد هذه الفجوات». وربما كما هو متوقع يكون الأكثر حرصا على الدوريات المشتركة هم العرب الذين يقيمون في مناطق يسيطر عليها الأكراد والسكان الأكراد في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش العراقي ويشكو كل من الاثنين من تفرقة.

ومحمود أحمد موظف عربي يعمل في سد الموصل ويشكو من تأخره كثيرا عن العمل بسبب نقاط تفتيش البيشمركة، ويقول: «يضطهدنا البيشمركة... ولا يحترمون العرب على الإطلاق».

وكادت قوات البيشمركة والقوات العراقية تدخل في صدام بسبب بلدة خانقين الشرقية في أغسطس (آب) من العام الماضي. وفي نينوى اضطرت القوات الأميركية للتدخل هذا العام والتوسط ثلاث مرات لمنع اشتباكات بين قوات شديدة التسليح من الجانبين.

وفي إحدى المواجهات أمر رئيس الوزراء، نوري المالكي، القوات بالتوجه إلى سد الموصل بعدما سمع عن تهديد أمني هناك مما أدى إلى توترات مع البيشمركة التي تسيطر على السد.

دور الوسيط الذي تقوم به القوات الأميركية لتهدئة التوترات أثار مخاوف بشأن ما سوف يحدث بعد انسحابها.

وقال أحمد علي، وهو عربي يقيم في جزء يسيطر عليه الأكراد في نينوى: «إذا ذهب الأميركيون ستندلع حرب أهلية بكل تأكيد».