اليونان: الاشتراكيون يعودون للحكم.. وباباندريو يشكل حكومته غداً

مسؤول في الحزب الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط»: سنسعى لحل القضايا العالقة مع تركيا دبلوماسياً

TT

حقق الحزب الاشتراكي اليوناني (الباسوك) بزعامة جورج باباندريو، فوزا ساحقا على حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم بزعامة كوستاس كارامنليس، في الانتخابات التشريعية التي جرت أول من أمس. ووفقا للنتائج الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية بعد فرز 99.71% من الأصوات، فاز الحزب الاشتراكي بـ160 مقعداً (43.92%) من أصل 300، بينما حاز الحزب المحافظ، 91 مقعداً (33.48%)، وهي أسوأ نتيجة له منذ عام 1974. وجاء في المرتبة الثالثة الحزب الشيوعي بحصوله على 21 مقعدا، تلاه حزب الحركة الشعبية الأرثوذكسية بحصوله على 15 مقعدا، وأخيراً الحزب اليساري الائتلافي التقدمي بحصوله على 13 مقعدا. وتجاوزت نسبة المشاركة 70%.

وقال باباندريو (57 عاما)، معلنا فوزه أمام حشد من المناصرين تجمعوا أمام مقر الحزب بوسط أثينا «نحن متحدون أمام المسؤولية الكبيرة التي أتحملها. ندعو اليونانيين إلى توحيد قواهم. نعلم أننا سننجح». ودعا اليونانيين إلى «طي الصفحة» معلنا فوزه في الانتخابات. وبدوره، قال كارامنليس في كلمة مقتضبة أمام الصحافيين، إن الطريقة الوحيدة المشرفة والمسؤولة بالنسبة لي هي تحمل مسؤولية الهزيمة والدعوة إلى مؤتمر طارئ للحزب في غضون شهر، وذكر أنه سيستقيل من زعامة الحزب ولن يترشح في انتخابات رئاسة الحزب المقبلة، لكنه سيبقى في الصفوف الأولى للحزب، وسيساند المرشح الذي يراه من وجهة نظرة مناسبا لرئاسة الحزب. وقال أيضاً إنه يريد أن يهنئ جورج باباندريو على فوزه. وبهذه النتائج سيعود الاشتراكيون إلى السلطة بعد هزيمتهم مرتين متتاليتين عامي 2004 و2007 أمام حزب الديمقراطية الجديدة. وسيتعين الآن على باباندريو تشكيل الحكومة المقبلة في البلاد. وقال الحزب الاشتراكي إن الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة قد يتم (غدا) الأربعاء.

وكان باباندريو، وهو نجل الزعيم الراحل أندريا باباندريو، مؤسس الحزب الاشتراكي، قد ركز خلال حملته الانتخابية على دعم أصحاب الدخل المحدود ومحاربة الفساد وتحريك العجلة الاقتصادية وزيادة المرتبات والمعاشات، ووعد بإخراج البلاد من الأزمة المالية.

وبخصوص العلاقة مع تركيا، لم يستبعد باباندريو، خلال الحملة الانتخابية، استخدامه، في حال الفوز وتشكيل الحكومة، حق الفيتو على مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، «إذا امتنعت أنقرة عن احترام واجباتها». وقال باباندريو وقتذاك في مؤتمر صحافي: «نتمنى دوما أن تكون لتركيا تطلعات أوروبية، شرط أن تحترم واجباتها تجاه الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي». وأضاف «في هذا الإطار، لا استبعد استخدام حق الفيتو على انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، إن لم تحترم قواعد حسن الجوار ولا تساهم في حل مشكلة قبرص».

وبدوره، قال تليماخوس شيتيريس، أحد صقور الحزب الاشتراكي، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» بعد إعلان النتائج، إن هناك عدة قضايا عالقة بين تركيا واليونان، في مقدمتها الخلاف على الحدود البحرية والمجال الجوي، والجزر الصخرية على الحدود في بحر إيجة والقضية القبرصية، وذكر أن الحزب الاشتراكي سيعمل على حل هذه القضايا بسبل دبلوماسية، لأن بلاده، على حد قوله، تحترم الدولة الجارة وتريد أن تعيش في أمن ليس فقط مع تركيا، بل أيضا مع مقدونيا بسبب استخدامها هذا الاسم.

وبموجب نتائج انتخابات الأحد، سيكون جورج باباندريو ثالث زعيم يحمل الاسم نفسه يقود البلاد، على أمل إعادة تنشيطها عبر تبني نظام اشتراكي ليبرالي ترافقه سياسة بيئية. وباباندريو هو حفيد الزعيم الوسطي الكبير ما بعد الحرب جورج باباندريو. وقد بدأ حياته السياسية في الـ29 من العمر بإرشاد والده أندرياس، مؤسس الحزب الاشتراكي في 1974. وسيسلك الطريق نفسه بين البتر مع العائلة والاستفادة من انتمائه إليها.

وبعد تولي عدة مناصب ثانوية في حكومتي والده (1981-1989، 1993-1996)، أدار عالم الاجتماع المتأثر بالتجربة الاشتراكية الديمقراطية الاسكندنافية ظهره في التسعينات إلى الحرس القديم الشعبوي في باسوك. وانخرط آنذاك في المعسكر الحداثوي الذي قاده كوستاس سيميتيس، رئيس وزراء البلاد بين 1996 و2004. وأوكل في ظل حكومة سيميتيس حقيبة الخارجية، قبل أن يبتعد عن رئيس الوزراء ويستبعده من الحزب. وفي 1999 أصبح باباندريو المعروف بلطفه وميله إلى التسوية مهندس التهدئة مع تركيا وجيران اليونان في البلقان. ولد باباندريو في 1952 في سينت بول بولاية مينيسوتا الأميركية، من والدة أميركية. وهو الكبير بين أربعة أخوة. وقد عمل من خلال مختلف المناصب التي تولاها على إقامة علاقات طيبة عبر الأطلسي، على الرغم من حدة مناهضة الأميركيين لدى اليونانيين. واستوحى في حملته الانتخابية طريقة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فصاغ برنامجا «للأيام المائة» الأولى في الحكم، يشمل «إجراءات فورية لإنعاش الاقتصاد، وضخ السيولة في الأسواق ودعم عائدات العمال». وأكد خلال حديث سابق له مع وكالة الصحافة الفرنسية أنه يريد أن يحكم «في اتجاه مزدوج» متوخيا «إعادة ترتيب» شؤون الدولة التي أثقلتها المحسوبية والفساد، إلى جانب إعادة تنشيط الاقتصاد. كما سيسعى هاوي الدراجات الهوائية والركض في بلاد السيارات وكرة القدم إلى إرشاد اليونانيين نحو «التنمية الخضراء».