المعارضة تستبعد تأليف الحكومة قريبا وجعجع يدعو الرئيس إلى التوقيع على أي حكومة

عون رفض عرضا من الحريري «لأنه يخلق له مشكلة مع بري وحزب الله وجنبلاط»

TT

لا تزال الأنظار في لبنان شاخصة باتجاه القمة السعودية ـ السورية بانتظار «الانعكاسات الإيجابية» للقمة على الوضع الداخلي اللبناني، وخصوصا عملية تأليف الحكومة المتعثرة منذ بدء ولاية البرلمان الحالي في 20 يونيو (حزيران) الماضي.

وفيما استمر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري على «صومه» عن الكلام، مفضلا انتظار النتائج بدلا من «الإسراف في التفاؤل»، متعظا من تجربة سابقة كان فيها في مقدمة المتفائلين، حافظ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري على «لغة الصمت» التي يعتمدها في التعامل مع الملف الحكومي، مواصلا اتصالاته مع قيادات المعارضة والموالاة من أجل استكمال الصورة لديه. لكن مصادر بارزة في المعارضة اللبنانية رفضت «الإسراف في التفاؤل»، داعية إلى الانتظار. وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن شيئا ملموسا بعد لم يحصل ما خلا «الغداء والتحلاية» بين الرئيس المكلف ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وقالت المصادر إن الوزارات التي طرحها الحريري على عون من شأنها «إحداث مشكلات بينه وبين حلفائه في المعارضة من جهة، ومع النائب وليد جنبلاط، مشيرة إلى أن عون رفض مباشرة اقتراح تعويضه عن وزارة الاتصالات بوزارات المهجرين (التي يطالب بها جنبلاط) والصحة (من حصة الرئيس بري) والعمل (حصة حزب الله). وفي المقابل استبعد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع تشكيل حكومة لبنانية تضم جميع الفرقاء المتنافسين في وقت قريب محملا المسؤولية لائتلاف الأقلية البرلمانية. وقال جعجع: «بكل صراحة أنا لا أرى أن فرص تشكيل الحكومة أصبحت كبيرة لأن من جهة الرئيس المكلف سعد الحريري يصر إلى آخر لحظة أن تكون الحكومة حكومة ائتلاف وطني ومن جهة أخرى الفريق الآخر الذي يشكل الجزء الثاني من الائتلاف الوطني يصر على مجموعة شروط ومطالب لا تتحملها أي حكومة ممكن أن تتشكل»، وأضاف: «للأسف أنا أرى أن الأمور ما زالت مكانها ما دام الرئيس المكلف يصر على حكومة ائتلاف وطني والآخرون مصرون على شروطهم»، وإذ أيد أن «يستنفد الرئيس المكلف كل الجهود الممكنة للوصول إلى حكومة ائتلاف وطني» قال: «كل شيء له حدوده لأن البلاد أصبح لها أربعة أشهر وبالتحديد عقب الانتخابات النيابية التي حصلت في يونيو (حزيران) الماضي دون حكومة وهذا أمر غير طبيعي. متى؟ الأمر بيد رئيس الجمهورية والرئيس المكلف»، ودعا جعجع رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى التوقيع على مرسوم أي حكومة يشكلها الحريري قائلا: «في غضون أسبوع أو عشرة أيام إذا لم يتبين أنه يوجد جدية في تشكيل حكومة ائتلافية فنتمنى من رئيس الجمهورية أن يستعمل القلم الذي بحوزته. لا يمكن له أن يترك البلد دون حكومة». وقال: «إذا بقينا دون تشكيل حكومة... نكون أمام أزمة كبيرة جدا، ولكن لا يجب أن ننسى أن رئيس الجمهورية لديه قلم في يده خصوصا عند بروز أزمات كبيرة».

واعتبرت كتلة نواب «المستقبل» بعد اجتماعها الأسبوعي أن «الخيار الوحيد المتاح للجميع هو المرونة في المواقف وتغليب مصلحة الوطن فوق أي مصالح خاصة لهذا الفريق أو ذاك، بما يتيح للرئيس المكلف تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن». وثمنت الكتلة الجهود العربية والدولية الداعمة للبنان في اتجاه تعزيز استقراره وانتظام عمل مؤسساته الدستورية، واعتبرت أن استقرار العلاقات العربية ـ العربية عامل إيجابي مهم لقضايا العرب عموما وأن لبنان في مقدمة من يستفيد من هذه التطورات الإيجابية. وأمل وزير السياحة إيلي ماروني (الكتائب) أن «تبصر الحكومة النور الأسبوع المقبل وان تكون لبنانية ـ لبنانية بعيدة عن المحاور الإقليمية، وأن لا تكون الولادة نتيجة للتقارب السوري ـ السعودي حتى لا نشعر نحن اللبنانيين بأننا فقدنا رشدنا السياسي ونحتاج إلى عناية إقليمية».

وأعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا «وجود تقارب في وجهات النظر بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، ولكن بعض الناس المحيطين بالحريري ليسوا مقتنعين بضرورة إصلاح الدولة وما زال المشروع الأميركي كما هو»، آملا أن «يستطيع الحريري التحرر من هذه التأثيرات عليه». ورأى أن «قضية الحقائب والأسماء أصبحت ثانوية جدا بالنسبة إلى المرحلة التي وصلنا إليها»، لافتا إلى أنه «تبين أن العماد عون ليس هو المعطل بل فريق السلطة الذي كان يتلطى وراء توزير الراسبين وغيرها من الحجج».

وشدد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني على أن «المرونة مطلوبة من الجميع وخصوصا من تكتل (التغيير والإصلاح) للوصول إلى التفاهم على الحكومة بشكل واضح»، مشيرا إلى أن «مرحلة الأسماء بدأت وهي بحاجة إلى وقت، ويجب إعطاء الرئيس المكلف بضعة أيام لتوضيح هذه الأمور». فيما أعلن عضو كتلة حزب الله النائب نواف الموسوي أنه «متفائل بقرب تشكيل الحكومة اعتقادا منه أن عقبة الأسماء قد تم تجاوزها»، وأن «اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري والعماد ميشال عون هو الآن حول توزيع الحقائب». وحول موضوع الحقائب الوزارية، أشار إلى أن «الموضوع لم يحسم بصورة نهائية لا في مجال حصة المعارضة ولا في حصة الموالاة»، مؤكدا أن «المعارضة على خط واحد في رؤيتها بتشكيل حكومة وحدة وطنية».

وحول نشر معلومات صحافية عن لقاء تم بين الرئيس الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، نفى الموسوي حصوله قائلا: «حين يحصل لقاء من هذا النوع فليس هناك ما نخبئه، ولا غضاضة في الإعلان عنه، وندعو الجميع إلى التدقيق في المعلومات وخصوصا في هذه المرحلة».