سلفيون يتحدثون عن «عمليات تطهيرية» ستطال تكفيريين في عاصمة الشمال اللبناني

أعدادهم محدودة ومعظمهم من صغار السن.. والإنترنت صلتهم بالخارج

TT

نفت مصادر إسلامية طرابلسية، مختلفة التوجهات، لـ«الشرق الأوسط» علمها بوجود أشخاص خليجيين أو غرباء أصوليين في المدينة. وكانت أخبار صحافية تحدثت عن تخلف مئات الخليجيين عن مغادرة لبنان بعد الموسم السياحي الصيفي وانضمامهم إلى جماعات تكفيرية في لبنان. وقيل إن هؤلاء الأشخاص يوجدون في أماكن انتعاش التيارات الإسلامية الأصولية في شمال لبنان والبقاع والجنوب وفي بعض المخيمات الفلسطينية. وتُعتبر طرابلس، بسبب ما تعج به من حركات إسلامية، إحدى أكثر المناطق جذبا للمتطرفين. ومع ذلك أكد كل الإسلاميين الذين سألناهم أنهم لم يلحظوا أي وجود لغرباء متطرفين أو تكفيريين لا في «باب التبانة» المنطقة الأكثر حساسية من الجهة الأمنية، ولا في أي منطقة أخرى. وقال مصدر سلفي رفض الكشف عن اسمه، إن وراء هذه الأخبار قد تكون عودة مجموعات تكفيرية لبنانية للظهور بشكل واضح. ورغم أن هذه المجموعات صغيرة، وأعداد أفرادها محدودة، فإنها موجودة في أماكن متفرقة من المدينة، وقد باتت لافتة للنظر. وكانت حالة تكفيرية قد نمت في طرابلس في أثناء موجة تنظيم «فتح الإسلام» وبعد القضاء عليه بفترة، ثم عادت للظهور بعد أحداث 7 أيار (مايو) 2008 التي حدثت في بيروت، كرد فعل على ما سُمي حينها بـ«الاعتداء الشيعي على أهل السنة». ويشرح المصدر السلفي: «الملاحظ الآن أن هؤلاء التكفيريين بينهم صغار في السن لا تتجاوز أعمارهم السابعة عشرة، كما أن هناك بعض الذين شهدنا لهم دورا في الأحداث التي عصفت بطرابلس بعد 7 أيار». وهي معلومات يؤكدها سلفي من منطقة «باب التبانة» رفض الكشف عن اسمه قائلا: «ثمة مجموعة تكفيرية صغيرة في باب التبانة اليوم، معظم أفرادها من صغار السن، وصل التطرف بأحدهم أن ادّعى أنه المهدي المنتظَر، مما أثار الفزع من تطور وضعه، واستدعى إبلاغ السلطات الأمنية عنه». ويكمل الرجل شارحا: «شخصيا لا أعرف من يدير هؤلاء ومن يعلمهم، وعلى من يتلقون الدروس، لكن ثمة كتب وأشرطة، وإقبال شديد في باب التبانة على مقاهي الإنترنت، التي قد تكون المصدر الأول لتلقّي المعلومات، فنحن نراهم يطبعون ما يحتاجونه، ولا بد أنهم يقرأون جيدا ما يقعون عليه». وتتحدث الأوساط السلفية في طرابلس، عن مراقبة أمنية للمجموعات التكفيرية، واهتمام سياسي، إذ أن أكثر من جهة سياسية وأمنية تلتقي بالشخصيات الإسلامية في طرابلس، بشكل منفرد، وتسأل عن أفضل السبل للتخفيف من غلواء وتطرف من باتوا عبئا على السياسيين أنفسهم الذين ربما لم يروا فيهم موضعا للانزعاج أو القلق في فترات سابقة. وتتناقل الأوساط الإسلامية في طرابلس، أخبارا عن رغبة، ربما، عند الأمنيين في إجراء «عمليات تطهيرية» في أوساط الإسلاميين، وإلا ما تفسير اختفاء اثنين من الأسماء المعروفة، أحدهما هو عبد الوهاب جغبير الذي يقول معارفه إنه توارى عن الأنظار من نحو عشرة أيام، بسبب مذكرة توقيف قديمة ضده، واستدعائه للتحقيق، ففضل الاختباء. أما الشخص الآخر فهو نور غلاييني الذي يُروى أنه ودّع عائلته قبل أن يتوارى هو الآخر عن الأعين، ويختفي منذ نحو خمسة أيام رافضا الامتثال لمذكرة توقيف. وبين السلفيين الطرابلسيين وجهتا نظر لتفسير ما يحدث، إحداهما تعتبر أن مجرد الكلام في موضوع التطرف، وإثارة الدعايات حول بقاء خليجيين في لبنان، هو دسّ ومحاولة لإثارة الفتنة، وتآمر على أهل السنة كي لا تقوم لهم قائمة، في ما غيرهم يسرح ويمرح بالسلاح، وله مطلق الحرية. أما الموقوفون الإسلاميون السنة في السجون اللبنانية، فهم قيد الاعتقال منذ مدة طويلة دون محاكمات أو توجيه أي اتهامات لهم، وهذا في حد ذاته ظلم لا يمكن السكوت عنه. وللشيخ مازن شحود إمام مسجد حربا، أكبر جوامع منطقة باب التبانة، رأي مشابه، فهو يقول: «أخشى أن يكون كل ما نراه ونسمعه، هو انعكاسات لتعذر تشكيل الحكومة، وتحضير للأرض لتصبح مهيئة للتفاعل مع أي فتنة يراد إحداثها عندنا». ويضيف الشيخ شحود: «ما أعرفه أن ليس عندنا إرهابيون أو أصوليون متعصبون، وفي تصوير الأمور تضخيم ومبالغة. وكل جهة سياسية تحاول التهويل على الجهة الأخرى، لابتزازها وربح جولة في الحرب القائمة بين الطرفين»، ويقصد الموالاة والمعارضة. أما وجهة النظر الأخرى بين السلفيين الطرابلسيين فمفادها أن تعذر تشكيل حكومة سيكون له انعكاسات سلبية جدا في طرابلس بسبب الأجواء القلقة أصلا. أما ولادة حكومة الوحدة الوطنية، فلعل السلفيين المتطرفين هم من سيدفع ثمنها، بحيث سيتوجب التخلص من بعض المشاغبين منهم، بوسائل مختلفة، إما بإحياء مذكرات توقيف قديمة بحقهم، أو بفتح ملفات أمنية دسمة لبعضهم تم التغاضي عنها لغاية اللحظة، بسبب الأجواء القائمة.