واشنطن تعتبر نهاية الشهر موعدا لمعرفة التزام طهران بالحوار البنّاء

مجلس الشيوخ الأميركي يطالب بفرض المزيد من العقوبات على إيران ويحذّر من تضييع الوقت

رجل أمن إيراني بجانب مفاعل «بوشهر» جنوب طهران (رويترز)
TT

تؤكد الإدارة الأميركية أنها تنظر إلى نهاية الشهر الماضي كموعد لإثبات إيران نيتها في التعاون مع المجتمع الدولي ومعالجة الشكوك حول برنامجها النووي. وهو أيضا الموعد الذي ينظر إليه الكونغرس للإعلان عن قانون أميركي جديد لفرض عقوبات موسعة وفعالة على إيران، في حال فشلت مساعي الدبلوماسية. وشهد مجلس الشيوخ الأميركي جلسة عاصفة استمرت ساعتين ونصف الساعة بين لجنة الصيرفة في مجلس الشيوخ من جهة ومع مسؤولين من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذ طالب أعضاء في اللجنة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بعمل سريع للضغط على إيران بالتزامن مع المفاوضات الجارية.

وقدم نائب وزيرة الخارجية، جيمس ستاينبرغ، شهادة أمام اللجنة، أمس، مشددا على التزام الولايات المتحدة بـ«استراتيجية المسارين» في التعامل مع إيران، أي التفاوض والضغوط، في آن واحد. وقال ستاينبرغ: «سنقيم أفعال إيران في اجتماع الدول الست هذا الشهر. لدينا قلق، وهذا القلق يزيد من الأهمية الزمنية». ويذكر أنه من المتوقع أن تجتمع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا وإيران في 19 أكتوبر (تشرين الأول) لتقييم التقدم الذي أحرزته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ما يخص الملف النووي الإيراني. وأوضح: «لدينا أهداف واضحة حول جدية إيران في الحوار، وما إذا كانت تضيع الوقت»، مشيرا إلى أن مواعيد التفتيش والاجتماعات يوم 19 أكتوبر مع الإيرانيين. وقال إن «بحلول نهاية الشهر سنعرف نوايا الإيرانيين»، موضحا أنه «إذا طبق الإيرانيون ما التزموا به في جنيف وشحنوا اليورانيوم المنخفض التخصيب، ستكون خطوة مهمة أولى، إذ ستؤخر عملها على تخصيب اليورانيوم وستكون مؤشرا على استجابتهم». ولكن رفض ستاينبرغ تحديد موعد نهائي لتطبيق إيران جميع التزاماتها، مما أدى إلى تعبير عدد من السناتورات عن غضبهم. وحذر السناتور الديمقراطي إيفان بيه من أن «الوقت ليس من صالحنا.. لدينا نافذة للعمل خلال العام أو العامين المقبلين».

وشدد أعضاء الكونغرس، أمس، على أن مسار التفاوض الجاري حاليا مع إيران يجب أن لا يعني رفع الضغط عليها، على العكس تضيق الخناق على إيران كي تلتزم بالتفاوض. وصرح رئيس اللجنة النافذة السناتور الديمقراطي كريستوفر دود بأن حصول إيران على أسلحة نووية يهدد المصالح النووية الأميركية، بالإضافة إلى أنه «يشكل تهديدا للشرق الأوسط، وخصوصا أقرب صديقة لنا في المنطقة، إسرائيل». واعتبر دود أن اجتماع الأسبوع الماضي بين القوى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا وإيران في جنيف «يظهر التزام الولايات المتحدة باتباع أي مسار لجعل إيران تكون واضحة في الكشف عن برنامجها النووي». وقال دود، الأمر غير واضح بعد، إذا كانت إيران جدية في الحوار أو «إذا كان ذلك تكتيكا آخر للتلاعب والتأخير». وأضاف: «أنوي تقديم مشروع قانون عقوبات شامل هذا الشهر، وإعطاء الرئيس كل الآليات التي نحتاجها لمواجهة إيران»، بما في ذلك تشديد الحصار على إيران. واعتبر دود أن ذلك يعطي «إشارة واضحة جدا للقادة الإيرانيين بما سيكون أمامهم، إذا واصلوا تحديهم المجتمع الدولي». وخاطب دود أعضاء إدارة أوباما مباشرة قائلا: «نحن لا نتمتع باتخاذ هذه القرارات، ولكن هذا تهديد كبير، وعلينا أن نكون حذرين من أن تتلاعب بنا إيران، ويكون أمامنا فقط الخيار الذي نريد تجنبه»، في إشارة إلى الخيار العسكري.

وقال دود إنه ينوي الكشف عن مشروع قرار يشدد العقوبات على إيران نهاية الشهر المقبل، بينما كان 318 عضوا في الكونغرس قد وقعوا على مشروع قانون يفرض عقوبات في ما يخص المنتجات النفطية منذ أبريل (نيسان) الماضي. ويدرس الكونغرس هذا المشروع في الوقت الراهن. وحذر السناتور الجمهوري ريتشارد شيبلي: «على الرغم من نفي إيران أنها تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية، فإنها لم تتخذ أي خطوات لبناء ثقتنا»، مضيفا: «يجب ألا يكون هناك شك في أن إيران ما زالت تشكل تهديدا جديا».

وأشار السناتور دود إلى أن الخوف من فرض عقوبات على المشتقات النفطية قد «يؤدي إلى نتيجة عكسية» مع مضايقة الشعب الإيراني من دون التأثير على النظام. ورد ستاينبرغ قائلا: «تأثير العقوبات تقييم وليس علما»، مقررا بأن العقوبات قد لا تنجح وتجعل الشعب الإيراني يحقد على الولايات المتحدة. وأكد ستاينبرغ قائلا: «إننا نريد التعامل مع اللجنة حول حزمة إجراءات»، رافضا توضيح دعم الإدارة الأميركية لمشروع قرار حول المشتقات النفطية المثير للجدل. وقال ستاينبرغ: «هدفنا هو منع إيران من الحصول على إمكانية إنتاج أسلحة نووية، ومواجهة الأعمال الإيرانية، التي ستقوم بزعزعة استقرار الشرق الأوسط والعالم». ولفت إلى أن «الاستراتيجية الثنائية» ستكون من الضغط والتحفيز، موضحا: «نحن نسعى إلى الحوار ليس لأننا نؤمن بالحدث من أجل الحديث، بل لأنه سيدفع أهدافنا إلى الأمام».

واعتبر السناتور الجمهوري سام براونبك أنه «على الرغم من عملنا وجهودنا، فإن إيران ما زالت تختار طريق الصدام»، متهما إيران بأنها «الدولة الأكثر تصديرا للإرهاب» حول العالم. وحذّر من أن «إيران تستغل الدبلوماسية للحصول على المزيد من الوقت». ومن جهته، قال السناتور الديمقراطي تشارلز شومر: «في ما يخص إيران، علينا ألا نسحب خيار العمل العسكري أبدا، ولكن علينا أيضا اتباع العقوبات لخنق قدرات إيران النووية».

وشارك في الجلسة وكيل وزير الخزانة لمكافحة الإرهاب، ستيورت ليفي، الذي شدد على أهمية تضييق الخناق على إيران. ولفت إلى أن «نسبة البطالة في إيران أكثر من 20 في المائة، واعتماد الحكومة الإيرانية على الفساد» يشكلان نقطتي ضعف، في النظام الإيراني والنظام المصرفي الإيراني، يمكن التركيز عليهما. ولكنه لفت إلى أنه «إذا أردنا تشديد العقوبات يجب أن يكون بدعم دولي إلى أكبر حد ممكن، مما يقوي عملنا». واعتبر ليفي أنه: «لا شك أن فرض عقوبات من الأمم المتحدة على البنوك سيكون ذا فعالية عالية مثل ما حصل مع سيبي وميلي». وأضاف: «نواصل جهودنا لاتخاذ عقوبات على الشركات التي تتواصل مع الحرس الثوري»، «في هذه المرحلة نحاول التأكد من شرائهم جزءا من مركز الاتصالات الإيراني».

وخصص جزء من الجلسة للتعاون الصيني والروسي في فرض العقوبات على إيران. وقال ستاينبرغ إنه «من المهم الإقرار بأن الصين لم تقف في مجال قرارات مجلس الأمن السابق، وقد حصلنا على دعم الصين في التقدم مع كوريا الشمالية... قد يمكن تكرار ذلك مع إيران»، مضيفا: «اتباعنا الحوار يقوي موقفنا مع الصينيين». وتابع ستاينبرغ بأن «تصريحات (الرئيس الروسي ديمتري) ميدفيديف مشجعة، والاعتراف بشكل واضح بدور العقوبات، نأمل بقدرتنا على إقناع الصين أيضا، ولكن لا أستطيع الحديث عنه الآن». ولم تحصل الولايات المتحدة بعد على التزام روسيا بوقف بيع أنظمة صاروخية لإيران.وأشار عدد من السناتورات إلى قضية حقوق الإنسان في إيران، إذ قال براونبك: «علينا النظر إلى حقوق الإنسان على أنها همنا الأول وآخر تنازلاتنا، لا العكس»، مطالبا بـ«تعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان في إيران». ومن جهته، قال السناتور روبرت كيسي: «هذا نظام يرفض الاعتراف بقرار الشعب الإيراني الصيف الماضي... إنه نظام يهدد حليفتنا، إسرائيل، ويهدد مصالحنا الوطنية». وأوضح: «علينا أن ندعم الأصوات الديمقراطية ونشطاء حقوق الإنسان، وذلك لا يعني تغيير النظام، بل دعم شرعية مطالبهم».

وحضر الجلسة عدد من دعاة السلام وسيدة تحمل لافتة تقول: «تخلصوا من أسلحة إسرائيل» خلال الجلسة. وبعد انتهاء الجلسة صرخت أكثر من مرة: «عليكم التخلص من الأسلحة الإسرائيلية.. عليكم المطالبة بعالم خال من السلاح».