ترقب في وكالة الطاقة لمحادثات 19 الحالي للتأكد من التزام إيران بتسليم ما خصبته من يورانيوم

تساؤلات عن هدف طهران من تأجيل موعد زيارة المفتشين الدوليين لـ«قم» لفترة تزيد عن الأسبوعين

TT

فيما رحبت معظم العواصم بالانفراج الملحوظ تجاه قضية الملف النووي بدءا من مباحثات جنيف مرورا بزيارة الدكتور محمد البرادعي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعودته بموعد محدد لزيارة المفتشين الدوليين لطهران، لم تخف مصادر دبلوماسية لصيقة بهذا الملف داخل أروقة الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا قلقها المعهود تجاه نوايا حكومة طهران، وما دأبت على انتهاجه من الاعتماد على المناورة وتكتيك التعاون بما لا يزيد عن خطوة ثم الالتفات عليها سريعا ما أمكن ذلك بعد أن تكون طهران قد نجحت في امتصاص شيء من غضب المجتمع الدولي وشق صفوفه كما كسبت المزيد من الوقت.

في ذات السياق لم يخف أكثر من دبلوماسي غربي استغرابه عند الحديث مع «الشرق الأوسط» التي سعت لمتابعة ردود الأفعال حول ما تمر به آخر تطورات قضية الملف النووي الإيراني بمقر الوكالة. متسائلين عن مساعي وأغراض إيران من تأجيل تحديد موعد زيارة المفتشين الدوليين لفترة تزيد عن الأسبوعين. وكان البرادعي قد أعلن يوم 4 من الشهر الحالي أن إيران وافقت على زيارة وفد من مفتشي الوكالة لمنشأة قم الجديدة يوم 25 الحالي. مشيرين بكثير من القلق لما يمكن لإيران القيام به لتغيير معالم المنشأة التي أخفت عن الوكالة خبر إنشائها. مشككين فيما تسعى إيران لتخبئته وإخفائه عن أعين المفتشين. مذكرين أن إيران سبق أن نجحت في إزالة كثير من الأدلة بل دك مبان كاملة وتسوية أراضيها وتحويلها لما يشبه منطقة سكنية بريئة كل البراءة من أن يطالها اتهام بأنها كانت مختبرات تجارب نووية مدمرة مما دفع فرق التفتيش الدولية السابقة للجأر بالشكوى من المماطلات الإيرانية وعمليات التمويه، وهو ما جعل الوكالة تصر على المطالبة بضرورة تفعيل إيران للبروتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة بالقيام بعمليات تفتيش فجائية دون إخطار مسبق.

في سياق آخر أشارت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أنها تتابع بترقب بالغ نتائج المحادثات التي ستشهدها الوكالة يوم 19 الحالي للتأكد فعلا من أن إيران ستوافق على تسليم ما خصبته من يورانيوم (يقدر بحوالي 1500 كيلوغرام مخصب بدرجة 5%) والسماح بأن يبعث لروسيا لإعادة معالجته ومن ثم إلى فرنسا التي ستحوله إلى وقود نووي ثم يعاد إلى إيران لتستخدمه ضمن الضروريات الطبية الذرية المشعة لمعالجة أمراض السرطان!! مما يعني أن إيران لن يكون بمقدورها تقنيا أن تسارع من درجة تخصيبه بالدرجة المطلوبة لصنع أسلحة نووية. ومما يعني كذلك أن إيران ستخسر 1250 كيلوغراما من الـ1500 التي كانت تمتلكها قبل الدخول في تلك العملية التي لو تم الاتفاق بشأنها ستصبح مشتركة بين إيران وروسيا وفرنسا بمراقبة ومساعدات تقنية توفرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الجدير بالذكر أن إيران كانت قد اشتكت للوكالة من شبه نفاذ مخزونها من هذا النوع من الوقود المخصب الذي ظلت تستورده من الأرجنتين، والذي ظلت تعتمد عليه طبيا، فيما تضيف مصادر أن إيران تحتاج لكثير من الدعم التقني الضروري لمعالجة أمراض السرطان.

من جانب آخر، وكما هي العادة فإن الملف النووي الإيراني يحظى بردود فعل شديدة التضارب إذ بدأت أصوات تعلو مطالبة بأهمية أن تعامل إسرائيل ذات المعاملة القاسية التي تتعرض لها إيران.

وفي هذا السياق ذكر لـ«الشرق الأوسط» دبلوماسي فاعل ضمن مجموعة «السبعة والسبعين»، دول عدم الانحياز والصين، أن ما كشفته وسائل إعلام أميركية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما (الذي وجد قبولا دوليا لإعلانه الالتزام بالتغيير) أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، التزام الإدارة الأميركية الجديدة بالحفاظ على سرية البرنامج النووي الإسرائيلي ومواصلة العمل بمنهج أميركي قديم تم الاتفاق عليه منذ 1969 بين الرئيس نيكسون ورئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، يقوم على غض الطرف عن عدم توقيع إسرائيل على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، مما سيؤجج المواقف في الوكالة ويقود لاحتجاجات قوية داخل الاجتماع القادم لمجلس الأمناء. متوقعا أن تعلن إيران مدعومة بالمجموعة رفضها لسياسة المحاباة والازدواجية لما وصفه من استمرار حصول إسرائيل على «كرت أبيض» يجعلها تفلت من المساءلة والعقاب فيما تعلو الأصوات للتضييق على إيران. مذكرا أن الرئيس أوباما بالذات قد بدأ عهده بالدعوة لعالم يخلو من الأسلحة النووية. ويمضي المصدر متسائلا في حديثه مع «الشرق الأوسط» عن فحوى التغيير إذن في الموقف الأميركي الأخير الذي لم يعارض مشروع قرار مصري أجازه المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في دورته الـ54 التي اختتمت جلساتها الشهر الماضي بالموافقة أن تصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. ومعلوم أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة بالمنطقة التي لم توقع على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية.