غيتس وكلينتون: لا نعلم جدية إيران في التفاوض.. ولن نتخلى عن أفغانستان

عقدا ندوة مشتركة في واشنطن لسد الفجوة بين أعمال وزارتي الدفاع والخارجية

TT

شهدت واشنطن الليلة قبل الماضية حدثا لم تعتد عليه تمثل في مشاركة كل من وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في ندوة صحافية مشتركة وأجابا عن أسئلة حول السياسة الخارجية الأميركية بصوت واحد. وأقر غيتس بأهمية لقاء الوزيرين، قائلا: «خلال معظم سنوات عملي، وزيرا الخارجية والدفاع لم يتحدثا إلى بعضهما بعضا، وصراحة، كانت الأمور تصل إلى درجة قبيحة»، إلا أنه شدد على أنه وكلينتون يعملان سويا بشكل جيد. واستضافت جامعة «جورج تاون» الندوة التي عقدها غيتس وكلينتون بحضور المئات من الطلبة، وبثتها أمس قناة «سي إن إن». وحملت الندوة عنوان «القوة والإقناع» كطريقتين تتبعهما الولايات المتحدة في سياستها الخارجية خاصة في أفغانستان وإيران، الأولويتين في إدارة الرئيس باراك أوباما. وأقرت كلينتون، وأيدها غيتس في ذلك، بأنه ليس واضحا بعد ما إذا كانت إيران جادة في التوصل إلى حل مرض لكل الأطراف في التعامل مع برنامجها النووي. وقالت إن المراحل المقبلة من التفاوض قد تظهر ذلك. ومن جانبه، قال غيتس: «إيماني الشخصي هو أن لدى (الإيرانيين) النية لتطوير الأسلحة النووية»، موضحا أن «من الصعب القول إذا ما كانوا قد بدأوا هذا البرنامج بالفعل». واعتبر غيتس أن الهدف هو توصيل رسالة إلى الإيرانيين مفادها أن بلدهم من دون أسلحة نووية أفضل من كونها حاصلة على أسلحة نووية. ورأى أن هذا ليس جيدا «فقط من الجانب الأمني بل الاقتصادي أيضا و(لتفادي) عزلتهم في المجتمع الدولي».

وردا على سؤال حول جدية إيران في المحادثات، أقرت كلينتون أن واشنطن لا تعلم في الوقت الراهن مدى جدية إيران في الحوار. وأضافت كلينتون أنه كان في اجتماع جنيف «ثلاثة اتفاقات، واحد بأن يستمر تفتيش المواقع النووية قدما»، مشيرة إلى ضرورة «التقدم بسرعة في ما يخص المواقع التي كشف عنها الرئيس (أوباما) ورئيس الوزراء (البريطاني غوردن) براون والرئيس (الفرنسي نيكولا) ساركوزي قبل أكثر من أسبوع في بتسبرغ». وأضافت أنه «تم الاتفاق مبدئيا بأن يشحن الإيرانيون اليورانيوم لإعادة التخصيب وإعادته إلى منشآتهم للبحوث، وسيكون هناك فريق من الخبراء يجتمعون لمعرفة كيف سيتم تطبيق ذلك بالضبط خلال 10 أيام». وكررت كلينتون موقف الإدارة الأميركية بأن «هذه ليست نقطة وقوف، بل سيكون هناك مزيد من العمل المطلوب ونحن نتوقع أكثر مما حصل». وسعى غيتس وكلينتون ليظهرا في صف واحد فيما يخص الملف الأفغاني، في وقت يواصل أوباما مراجعته للسياسة في هذا البلد. وأكد غيتس أن «الهدف لم يتغير» في ما يخص المهمة في أفغانستان وحماية المصالح الأميركية، مشددا على أن الولايات المتحدة ستبقى في أفغانستان على المدى البعيد. وقالت كلينتون إن «هدفنا الأساسي هو حماية بلدنا، ومنع وقوع الهجمات علينا، ومحاولة حماية مصالحنا وحلفائنا». وعبر غيتس عن أهمية «الخصوصية» في إعطاء المسؤولين العسكريين والمدنيين الأميركيين النصيحة للرئيس الأميركي في الوقت الراهن. وتدور تساؤلات في واشنطن حول توتر العلاقات بين أوباما وقائد القوات الأميركية وقوات حلف الشمال الأطلسي «الناتو» الجنرال ستانلي ماكريستال بسبب تصريحاته حول الحرب في أفغانستان، إلا أن غيتس عبر عن دعمه الكامل لماكريستال، قائلا: «أعتقد أن ماكريستال هو الشخص المناسب بالضبط لأن يكون القائد في أفغانستان في الوقت الراهن. لدي كل الثقة بأنه بغض النظر عن القرار الذي يتخذه الرئيس، فإن ستان ماكريستال سيطبقه بأكبر كفاءة ممكنة».

وأقر غيتس وكلينتون بأن هناك مخاوف في باكستان حول المراجعة الأميركية الحالية للسياسة في أفغانستان وإمكانية تقليص الولايات المتحدة لدورها هناك. وكان غيتس قد التقى بالسفير الباكستاني في واشنطن، حسين حقاني، وعبر له عن التزام واشنطن بالمهمة في أفغانستان. وقال غيتس: «قد تكون هناك بعض الشكوك قصيرة المدى من جانب حلفائنا، من حيث الخطوات المقبلة. يجب ألا تكون هناك أي شكوك من حيث التزامنا بالبقاء في أفغانستان واستمرار بناء علاقة شراكة وثقة مع الباكستانيين». وأضاف: «إذا كان منتقدو هذه (السياسة) يشعرون بالقلق لأسابيع، فهذه مشكلة عابرة».

وأشارت كلينتون إلى تخلي الولايات المتحدة عن أفغانستان بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي وانسحابه من هذا البلد في أواخر التسعينات من القرن الماضي. وقالت: «الباكستانيون يشعرون أننا تركناهم، وفجأة وجدوا أنفسهم غارقين في الأسلحة والمخدرات». وأكدت أن الإدارة الأميركية ستكون ملتزمة بمهمتها في أفغانستان. وكانت الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان على جدول أعمال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي أثناء زيارته إلى واشنطن، حيث التقى كلينتون أمس.

من جهة أخرى، تحدث غيتس عن أهمية هزم «آيديولوجية القاعدة»، موضحا أن «المجاهدين (الأفغان) هزموا القوة العظمى الأخرى في أفغانستان ويعتقدون أن لديهم الآن فرصة لهزم قوة عظمى ثانية». واعتبر أن «هذا يقوي أكثر من أي أمر آخر رسالتهم وفرصهم للتجنيد والتمويل والتخطيط للعمليات». ويعد هزم آيديولوجية «القاعدة» وكسب التأييد للسياسة الخارجية الأميركية جزءا أساسيا من عمل «الدبلوماسية العامة» التي تقوم بها وزارة الخارجية الأميركية و«الاتصالات الاستراتيجية» التي تقوم بها وزارة الدفاع الأميركية. وشدد غيتس وكلينتون على أهمية سد الفجوة بين التكتيكين، أي الدبلوماسية العامة والاتصالات الاستراتيجية، التي تتبعها الوزارتان والمسؤولون المدنيون والعسكريون.

يذكر أن جامعة «جورج واشنطن» استضافت ندوة أول من أمس للحديث عن المقارنة بين «الدبلوماسية العامة» و«الاتصالات الاستراتيجية»، بعد أن طالبت إدارة أوباما بإجراء مراجعة للدبلوماسية العامة التي تقوم بها الإدارة في الوزارتين وبقية الدوائر الحكومية الأميركية بحلول العام المقبل. وكانت هناك منافسة واضحة بين الوزارتين في التواصل مع العالم خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وهذا ما تسعى الإدارة للتخلص منه.