النساء.. الضحايا الأسهل لمرتكبي العنف في غينيا

صور بالهواتف لعمليات اغتصاب وإهانات تؤجج غضب السكان ضد الجنود

جنود يحرسون المنطقة المحيطة بالمطار في كوناكري في الخامس من الشهر الحالي (رويترز)
TT

أخذت الصور الملتقطة من هواتف جوالة، التي اتسمت بالبشاعة وصعوبة تفنيدها، تنتشر بين الغينيين لتزيد من تأجج الغضب العارم الذي يسود البلاد، حيث أظهرت الصور أن نساء كن أهدافا خاصة للجنود الغينيين الذين قمعوا المظاهرة السياسية في إستاد العاصمة كوناكري الأسبوع الماضي. ووصف الضحايا وشهود العيان وقائع الاغتصاب والضرب وأعمال الإذلال المتعمد.

وقالت امرأة في أواسط العمر من عائلة مقيمة في كوناكري، التي روت تفاصيل تعرضها للتحرش الجنسي: «لا أستطيع النوم خلال الليل بعد ما شهدته. إنني خائفة. لقد رأيت الكثير من النساء يتعرضن للاغتصاب والكثير من جثث القتلى».

وتظهر إحدى الصور امرأة عارية ترقد على الأرض الطينية ورجلا بملابس عسكرية يقف أمامها. وفي صورة ثانية يظهر رجل عسكري يلبس قبعة عسكرية حمراء ينزع الثياب عن امرأة مذعورة نصف راقدة، على الأرض الطينية. وفي صورة ثالثة تجلس امرأة شبه عارية على الأرض ترفع سروالها.

انتشرت الصور كالنار في الهشيم من دون تحديد مصدر تلك الصور، لكن الكثير من شهود العيان ساهموا في نشرها. كان الهجوم جزءا من مواجهة عنيفة جرت وقائعها في 28 سبتمبر (أيلول)، حيث أطلق فيه الجنود النيران على عشرات المتظاهرين في الإستاد الرئيسي في العاصمة، الذي تشير التوقعات إلى احتشاد حوالي 50 ألف شخص بداخله. وتشير منظمات حقوق الإنسان المحلية إلى ان ما يقرب من 157 شخصا لقوا حتفهم برصاص الجنود، لكن الحكومة قالت، إن عدد القتلى 56.

بيد أن الأقسى من إطلاق النار على المواطنين، هو أن مهاجمة النساء، التي ينظر فيها بنوع من الاشمئزاز في الدول الإسلامية مثل غينيا، آلمت المواطنين وزادت من تصميم المعارضة على إقالة الحاكم العسكري موسى ديدي كامارا.

وإذا استمر تنامي المعارضة الداخلية فربما يضطر كامارا إما إلى التنحي عن السلطة أو العمل على تشديد قبضته على الحكومة الديكتاتورية. وأعرب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، أن بلاده لم تعد قادرة على العمل مع كامارا، وحث المجتمع الدولي على ضرورة التدخل لإنهاء الأزمة في غينيا (المستعمرة الفرنسية السابقة).

ولم تتضح بعد الأعداد الدقيقة للنساء اللواتي تعرضن للاغتصاب بسبب خشية الضحايا من عواقب الإبلاغ عما تعرضن له. بيد أن الشهود كانوا أكثر صلابة. ويقول ممادو مختار ديالو، 34 عاما، وقائد المعارضة الذي قال إنه تعرض للضرب المبرح: «إنني أؤكد أن النساء اغتصبن. ليست امرأة واحدة بل العديد من النساء».. وأكد ديالو أنه شاهد 10 سيدات يتعرضن للاغتصاب.

ووصفت ثلاث نساء تعرضن للاعتداء محنتهن في مقابلة هذا الأسبوع. فقالت إحداهن التي قالت سابقا إنها لم تعد تستطيع النوم خلال الليل وقد تحدثت بهدوء من قاعة مظلمة، وتجلس على سرير إلى جوار السيدتين الأخريين، من داخل فيلا في منطقة على أطراف العاصمة كوناكري: «لم نكن نعلم أن الجنود سيؤذوننا. عندما سمعنا طلقات الرصاص، حاولت الهرب، كان الأمر أشبه بحظيرة الدجاج. حاولت الهرب لكن جنديا منعني، وضربني ثم مزق ملابسي بيديه، واعتدى عليّ، ثم ضربني بالبندقية على رأسي، كما أصيب وجهي بالكدمات نتيجة الضرب». وقالت بهدوء «لقد تعرضنا للإهانة».

ووصفت الثانية تلك الاعتداءات بالقول: «رأيت امرأة نزعت عنها ثيابها، وقد اغتصبوها ومزقوا ملابسها. أحاطوا بها وجعلوها ترقد على الأرض ثم تعاقبوا على اغتصابها». وروت إحدى النساء التي تمت إجراء المقابلة معهن في الفيلا المنعزلة واصفة تمزيق الجنود لملابسها بسكين مما أحدث جرحا في جسدها حيث طعنها الجندي بسكين وأحدث بها جرحا آخر عميقا في كتفها. أما المرأة الثالث فقالت، إنها تعرضت للضرب من قبل أحد الجنود، الذي وجدته يغتصب سيدة عندما كانت في طريقها إلى الهرب من الإستاد. وقد تم تأكيد وقائع الهجمات من أكثر من منظمة مساعدات خارجية في العاصمة الغينية، فقال الدكتور جيروم من مقر منظمة «أطباء بلاد حدود» في العاصمة كوناكري، إن فريقه عالج ثلاث سيدات تعرضن للاغتصاب، وثلاث سيدات تعرضن لانتهاكات جنسية بعد ساعات من التظاهرات.

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها قمع التظاهرات المناوئة للحكومة في غينيا، إذ هناك سابقة شهيرة لذلك في عام 2007، عندما أطلقت قوات الأمن النار على العديد من المتظاهرين ضد نظام الرئيس لانسانا كونتي الذي سبق الكابتن كامارا.

ويعد الاغتصاب أداة شائعة للقمع العسكري في أفريقيا، لكن الجانب الأكبر من هذا العنف الذي يمارس ضد النساء لم يكن أسلوبا تمارسه الحكومة السابقة هنا. وقال سيدي توري، رئيس الوزراء الأسبق الذي تعرض للضرب في الإستاد، إنه شاهد وقوع العديد من الأعمال الوحشية هناك: «لقد وصلنا إلى مرحلة جديدة من العنف. صارت النساء الهدف في ميدان المعركة، وهو أمر لم نتخيل وقوعه من قبل. كيف يجرؤ هؤلاء الأشخاص على اغتصاب السيدات في وضح النهار. إنه أمر مناقض لثقافتنا التي لا تؤذي حتى السيدات اللاتي يحملن البنادق».

وعندما سئل الجنرال كامارا في مكتبه الواقع في معسكر الجيش عن صحة المعلومات بشأن واقعة الاغتصاب أجاب: «لم أكن موجودا في الإستاد، وتلك أمور أخبرني بها الناس»، ونفى كامارا أي علاقة له بمقتل المتظاهرين داخل الإستاد ملقيا باللوم على قادة المعارضة.

وكرر كامارا نفيه لمسؤولية رجاله عن عمليات القتل في مقابلة أجرتها معه «إذاعة فرنسا الدولية»، فيما قال كوشنير في مقابلة إذاعية: «إن المذابح الجماعية ليست شؤونا داخلية».

* خدمة «نيويورك تايمز»