خلاف بين حماس وفصائل المنظمة حول تأثير تداعيات قرار تأجيل تقرير غولدستون على مستقبل الحوار

بعد مطالبة بعض قادتها تأجيل توقيع اتفاق المصالحة بسبب مواقف السلطة

TT

رفضت فصائل منظمة التحرير دعوات بعض قادة حركة حماس إلى تأجيل التوقيع على اتفاق المصالحة، وأعلن كايد الغول عضو اللجنة التنفيذية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تأييد الموقف المصري الداعي إلى عدم الربط بين تداعيات قيام السلطة بسحب تقرير غولدستون والحوار الوطني.

في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» قال الغول إنه «يتوجب أن يكون واضحا.. نحن نشدد على ضرورة إجراء تحقيق مع كل الذين تورطوا في سحب تقرير غولدستون وتقديمهم للمحاكمة والمحاسبة، وفي حال تبين أن أبو مازن هو من وراء كل ما جرى فإننا نصر على تقديمه للمحاكمة ومحاسبته، لكن هذا يجب ألا يكون على حساب الحوار الوطني».

واعتبر الغول أنه يتوجب التوصل إلى اتفاق مصالحة ينهي حالة الانقسام في أسرع وقت ممكن، مشددا على أن هذا أصبح مصلحة وطنية من الطراز الأول. وشدد الغول على أن الجبهة الشعبية تطالب بأن يضمن اتفاق المصالحة الاتفاق على برنامج وطني شامل يتوافق عليه الجميع ويضع حدا لحالة التهافت على المفاوضات مع إسرائيل التي لم تساهم إلا في المس بالقضايا الوطنية الفلسطينية. وشدد على أن اتفاق المصالحة يتوجب أن يضع آليات تضمن عدم العودة إلى مثل السلوك الذي أقدمت عليه السلطة بشأن تقرير غولدستون، وضمن ذلك تحقيق أكبر قدر من الشراكة في صنع القرار الوطني.

وصدرت تصريحات مشابهة عن ممثلي فتح وقوى اليسار الأخرى. وجاءت تصريحات ممثلي فصائل المنظمة في أعقاب الدعوات التي أطلقها كل من صلاح البردويل ومحمود الزهار من قادة حماس لتأجيل التوقيع على اتفاق المصالحة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وقال البردويل إنه يتوجب على حركته مطالبة مصر تأجيل التوقيع على اتفاق المصالحة الوطنية مع حركة فتح احتجاجا على طلب السلطة الفلسطينية سحب تقرير غولدستون. وأضاف: «لقد بات واضحا أن حماس ستخاطر بمصداقيتها أمام الجمهور الفلسطيني في حال وقعت على اتفاق مع عباس.. شعبنا لن يرحمنا إذا وضعنا أيدينا في أيدي من تآمر وتواطأ مع الاحتلال في الحرب الإجرامية على القطاع».

من ناحيتها شددت حركة حماس على أنها لم تضع شروطا جديدة للمصالحة بعد تأجيل التصويت على تقرير غولدستون. وقال فوزي برهوم الناطق باسمها إن حركته معنية بإنجاح الجهد المصري ومعنية بإنجاز المصالحة. واستدرك برهوم أن القاهرة لم تبلغ حركته وكافة الفصائل بتاريخ توقيع اتفاق المصالحة، مشددا على أن كل ما تم الاتفاق عليه في القاهرة هو أن تتوجه وفود الفصائل إلى القاهرة في 18 أكتوبر (تشرين الأول)، لتنطلق جولات الحوار في 19 ليكون التوقيع في العشرينات من الشهر الجاري. ونفى برهوم أن تكون القاهرة عازمة على إجبار الفصائل على التوقيع على اتفاق المصالحة، مشيدا بالجهود التي تبذلها من أجل إنجاز الاتفاق.

لكن ممثلي حركتي فتح وحماس يؤكدون أن موقف السلطة من تقرير غولدستون ليس العائق الوحيد الذي يحول دون التوصل إلى اتفاق مصالحة. وأكد محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لفتح أنه ما زالت هناك قضايا خلافية عالقة تحول دون التوقيع على اتفاق المصالحة، مشيرا إلى أن التوصل إلى اتفاق يتوقف على التوضيحات بخصوص الورقة المصرية التي يسعى عباس للحصول عليها من ممثلي الحكومة المصرية. وأشار دحلان إلى أن حماس ترفض البند الذي ورد في الورقة الذي يدعو إلى تشكيل لجنة فصائلية مشتركة للإشراف على قطاع غزة حتى إجراء الانتخابات.

من ناحيته قال الدكتور إبراهيم أبراش، القيادي في فتح ووزير الثقافة السابق في حكومة سلام فياض، إنه لا يوجد لديه أي شك في أن تحقيق المصالحة أصبح هدفا بعيد المنال بعد الكشف عن قرار السلطة سحب تقرير غولدستون من التداول في مجلس حقوق الإنسان. وفي مقال نشره في عدد من المواقع قال أبراش: «بات من المؤكد بعد كل ما جرى أن المصالحة التي تعني إعادة توحيد الضفة وغزة تحت سلطة وحكومة ورئاسة واحدة باتت في حكم المستحيل، وأن أقصى ما يمكن التوصل إليه من خلال الورقة المصرية هو إدارة للانقسام القائم، حتى في هذه الحالة فالأمر يحتاج إلى حسن نية وعقلانية حتى لا تتزايد الفجوة بين أهلنا قي الضفة وأهلنا في غزة، ويتحول الانقسام السياسي إلى انقسام ثقافي وقيمي وشعبي»، على حد تعبيره.

وشدد الوزير الفلسطيني السابق على أن سلوك السلطة الأخير أفقدها «مصداقيتها وأساء لعلاقاتها، ليس فقط مع الشعب الفلسطيني، بل مع العالم العربي والإسلامي والدولي، وخصوصا مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية». وأردف قائلا: «شخصيات قميئة وبلا حس وطني تم فرضهم كمستشارين للرئيس ومسؤولي ملفات خطيرة في السلطة والمنظمة وممثلين لهما في المحافل الدولية». وحمل أبراش حكومة فياض جزءا من المسؤولية عما جرى، منوها بأنها «أصبحت أكثر خضوعا للابتزاز الصهيوني والأميركي والغربي عموما». وتساءل أبراش: «إلى متى ستبقى جهات خبيثة وغير وطنية تسللت إلى مواقع القرار في السلطة تتلاعب بمصالحنا وحقوقنا الوطنية وتدفع بالمشروع الوطني للهاوية؟».