إجماع على انعكاسات إيجابية للتقارب العربي.. ولكن من دون اطمئنان إلى تشكيل قريب للحكومة

القيادات اللبنانية «تقرأ» في نتائج زيارة الملك عبد الله إلى سورية قبل حصولها

TT

شاعت أمس في لبنان أجواء إيجابية وإن بحذر، بين فريقي الأكثرية والمعارضة مع الإعلان الرسمي لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سورية حيث سيمكث ثلاثة أيام، يجري خلالها محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد «تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والأوضاع على الساحتين العربية والدولية». فعلى الرغم من الترحيب بالزيارة وبالتقارب العربي ـ العربي، لم تتسع دائرة الاطمئنان لتبلغ حدا يمكن معه التهليل بقرب ولادة الحكومة اللبنانية الأولى بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 يونيو (حزيران) الفائت.

ففي استطلاع أجرته أمس «الشرق الأوسط» لآراء عدد من نواب الفريقين، رحب الجميع مع إبداء نسب مختلفة من التفاؤل. فعضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري قال إن «أي انفراج في العلاقات العربية ـ العربية ينعكس إيجابا على لبنان، وأي توتر في هذه العلاقات ينعكس سلبا على لبنان، بغض النظر عن أي ارتباط عضوي ومباشر بين الزيارة وعملية تأليف الحكومة اللبنانية، لكنها ربما تعكس أجواء إيجابية طيبة. وفي مكان ما، تؤثر في المعارضة لسحب شروطها التعجيزية. ذلك أن هذه الزيارة ستجعل السوريين في مكان ما يضغطون على حلفائهم لسحب هذه الشروط». وفيما فضل «عدم الخوض في تفاصيل» هذه الشروط، قال: «بعض العقبات التي تقف في وجه تأليف الحكومة تتمتع ببعد إقليمي، لذلك قد تساعد الزيارة على تجاوزها». وعن حذر البعض من الإفراط في التفاؤل خوفا من نسف أميركي للتقارب العربي ـ العربي، قال: «هذا الاحتمال الذي يحكي عنه البعض لا مضمون له. الزيارة خطوة إيجابية علينا التطلع إليها».

في المقابل، قال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود: «يبدو أننا لم نتعظ من مرحلة ما قبل عام 2005 ونأخذ دروسا لنجيد التعامل بعضنا مع بعضا في مرحلة ما بعد 2005. ذلك أن شؤوننا للأسف لا تزال رهن التقارب العربي ـ العربي، ولا نزال غارقين في دوامة هذا التقارب. فبعد 2005، كان هناك مسؤولية يجب على القيادات اللبنانية تحملها تجاه الشعب». وأضاف: «الرئيس (البرلمان نبيه) بري من بين هذه القيادات التي تعول على معادلة «س ـ س» (السعودية ـ سورية) وتؤمن بأن التقارب بين هاتين الدولتين يؤدي إلى حل المشكلات في الداخل اللبناني. وهذا صحيح مع الأسف، ذلك أن لبنان لم يخرج بعد من دائرة التجاذبات الإقليمية التي لا تزال لها تأثيراتها في لبنان». وردا على سؤال، قال: «شخصيا، لا أعلق آمالا على الزيارة، بل على النضوج اللبناني. إنما ولكي لا أكون مفرطا في المثالية، أقر بأن زيارة كهذه لها انعكاساتها على مشكلاتنا التي يبدو أن قسما منها يتمتع ببعد إقليمي». وعن تنازلات يمكن أن تقدمها المعارضة في حال نجاح القمة السعودية ـ السورية، قال: «على مستوى الحقوق، لا تنازلات. نحن نتجاوب مع اللقاءات المرنة والحوارات التي من شأنها أن تخفف الاحتقان، لأن التشنج لا يؤدي إلى مكان. أما التنازل عن حقوقنا فأمر غير وارد». وعن الشروط التعجيزية، قال: «لا أحب استخدام مفردات هذا القاموس الذي يقدم صورة سخيفة ليقول إن المشكلة لدى المعارضة. المشكلة ليست عندنا لأن حلها يكمن في الاقتناع بأننا شعب واحد ولنا حقوق. والحل يكون في إعادة التوازن الذي يحفظ فاعلية الجميع وحقوقهم، وليس في التنازلات». أما عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيّب فرحب بالزيارة، معتبرا أن «أي تقارب عربي ـ عربي يعزز الآمال بولادة حكومة». وقال إن «دور المملكة العربية السعودية أساسي في لبنان ودورها داعم له ولمؤسساته، يكفي أن اتفاق الطائف ولد في المملكة». وأضاف أن «زيارة الملك عبد الله لسورية ستؤسس لعلاقة واضحة معها، وهذا بالتأكيد سيكون له انعكاسات جيدة على المنطقة ولبنان تحديدا، لا سيما أن الجو المحلي يؤسس لثقة بين الأفرقاء في ظل خطاب هادئ». وقال إن «الآمال معقودة على الزيارة ليس فقط بالنسبة إلى الملف اللبناني، بل الفلسطيني والعراقي، إنما لبنان يبقى في قلب الحدث العربي. فلبنان رسالة للمنطقة يجب الحفاظ عليها».

أما عضو «القوات اللبنانية» النائب فريد حبيب فبدا أكثر حذرا حين قال إن «مشكلتنا مع النظام السوري والطريقة التي يقارب بها الأمور. فجلالة الملك عبد الله يحمل كل الرغبة في حل المسائل العربية ابتداء من فلسطين مرورا ببغداد ووصولا إلى لبنان. لذلك نتمنى أن تترجم رغبته على الأرض ونأمل في أن تنفرج الأوضاع ميدانيا». وقال: «الملك عبد الله صديق للبنان وسليل عائلة لها فضل على غالبية الدول العربية ومن بينها لبنان. فلم تتأخر يوما في تقديم المساعدات من دون أن يكون وراءها غرض سياسي أو نية لتوظيفها. لذلك نأمل في أن تتم هذه الزيارة ويهتدي النظام السوري ويكف عن التدخل في الشؤون اللبنانية». وردا على سؤال، قال: «لا يمكن الحديث عن تفاؤل مع حصول هذه الزيارة، لأن ذلك يبقى رهن مزاج النظام السوري وأدائه. فمشكلتنا مع هذا النظام أنه يعطي من طرف اللسان حلاوة».