السلطة تدعم جهود ليبيا لبحث تقرير غولدستون في مجلس الأمن وتتهم دولا بتشجيعها على التأجيل

الكل يتبرأ وأصابع الاتهام تشير إلى أبو مازن

TT

في محاولة لمواجهة الغضب الشعبي والرسمي في الداخل والخارج، أقرت السلطة الفلسطينية بخطأ موافقتها على تأجيل النظر في «تقرير غولدستون» حول الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه انه سيجري الاعتراف بالخطأ، ومحاولة تصحيحه لطي هذا الملف.

ومن بين الخطوات التي اتخذتها السلطة «لتصحيح الخطأ» دعم الجهود الليبية من أجل دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد لمناقشة التقرير. وقرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الذي بدا المتهم الأول في قضية تأجيل النظر في قرار غولدستون، إيفاد وزير خارجيته، رياض المالكي إلى نيويورك لحضور جلسة مجلس الأمن. ورحب أبو مازن بقرار ليبيا، دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد لمناقشة التقرير.

ويبدو أن السلطة لم تقدر عواقب موافقتها على التأجيل. فجاءت ردة الفعل غاضبة شعبية ورسمية وعلى جميع المستويات، وحتى بعض الدول العربية والمؤسسات الدولية، شاركت في الإدانات وقالت إن السلطة ستدخل التاريخ، كأول ضحية تمد حبل النجاة لجلادها.

وقال ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية إن السلطة الفلسطينية أنقذت إسرائيل من إدانة دولية حتمية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف بجرائم الحرب التي ارتكبتها في قطاع غزة من خلال تأجيل التصويت على «تقرير غولدستون». وأضاف فولك وهو اليهودي أيضا كما هو حال القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون، في تصريح صحافي أول من أمس، أن «ما حصل هو أنه في اللحظة الأخيرة قام مندوب السلطة (إبراهيم خريشة) بسحب التقرير والموافقة على تأجيل مناقشته، وهو ما اعتبر ضربة قوية لجهود أخذ توصيات التقرير على محمل الجد». وتابع: «كان محيرًا أن يقوم الفلسطينيون أنفسهم بإنقاذ إسرائيل من هذه المعضلة التي وجدت نفسها فيها»، واصفًا تبريراتهم بالغريبة. وأمام هذه الهجمة الكبيرة التي هزت صورة القيادة الفلسطينية، فإن كل الهيئات القيادية في رام الله، تعمل جاهدة للتبرؤ من قرار الموافقة على التأجيل. وقالت منظمة التحرير إنها تدين، بينما طالبت حركة فتح بالتحقيق، وتنصلت الحكومة من هذه القضية، وبقي إصبع الاتهام موجها نحو الرئيس الفلسطيني الذي من المتوقع أن يعود اليوم إلى رام الله ويلقي خطابا يوضح فيه ملابسات الحادثة.

وقالت مصادر مسؤولة في اللجنة التنفيذية للمنظمة لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئات القيادية في السلطة لم تعلم بقرار التأجيل وفوجئت مثل غيرها بما فيها اللجنة التنفيذية التي كانت قبل يوم واحد، قد باركت المضي قدما في دعم التقرير. وأضافت المصادر «الرئيس هو الذي لديه الأجوبة، ونعتقد انه اتخذ القرار أثناء سفره وعندما سيعود سنقول له انه أخطأ ولن نجامله في القضايا الوطنية».

واتهم المصدر دولا عربية وغير عربية بتشجيع السلطة على الموافقة على التأجيل، بما فيها باكستان، بحكم علاقاتها مع واشنطن والصين وروسيا التي كانت تدعم التأجيل. وكشف المصدر أن لجنة التحقيق التي شكلتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لم تباشر عملها بعد، بانتظار عودة الرئيس للاستماع منه حول التفاصيل. وتشعر السلطة بغضب شديد تجاه الهجمة الكبيرة التي طالتها على كل الأصعدة، وهدد رئيس دائرة شؤون المفاوضات وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، صائب عريقات، بالكشف عن أسماء دول تطالب وتدعم إطلاق المفاوضات من دون شروط مسبقة أي من دون وقف الاستيطان.

وقال «نحن سنسمي تلك الدول بالاسم ولن نسمح لأحد بالاختباء وراءنا من الآن وصاعدا عربا أو غير عرب». وأضاف «سنرى أين سيقف كل هؤلاء الذين خرجوا على وسائل الإعلام ليتنكروا لما قاموا به من انتهاكات لحقوق الإنسان أو مهاجمة السلطة الفلسطينية».

وقال عريقات انه «وخلال الأيام القليلة المقبلة سيكون هناك خطة فلسطينية في هذا الاتجاه، خاصة أن هذا التقرير لا يمكن طمسه من فضاء العالم وان جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم».

وتحول التقرير إلى فرصة لتصفية الحسابات على الساحة الفلسطينية، وهاجمت حماس بكل إمكانياتها وجماهيرها وإعلامها، قرار تأجيل التقرير، وانصب الغضب الحمساوي على عباس حتى وزعت ملصقات له في غزة تصفه بالخائن. ولم توفر الفصائل الأخرى حتى المنضوية منها تحت راية منظمة التحرير جهدا في مهاجمة صاحب قرار التأجيل، وخرجت الجماهير غاضبة في رام الله وغزة ولبنان ودول غربية، وقالوا من بين ما قالوا إن على عباس أن يستقيل.

وحتى فتحاويا، استغل خصوم عباس المسألة، وخرج نبيل عمرو، حليفه السابق، بعد أن خسر انتخابات اللجنة المركزية لفتح، ليحمل عباس المسؤولية ويقول إن رأس الهرم هو المسؤول.

أما عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة أسعد عبد الرحمن، أحد المعارضين لنهج عباس، فدعا لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بعد وقفة باتت ضرورية للجنة التنفيذية بهذا الخصوص، مع سرعة اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين عن هذا السلوك المريب.