ملك المغرب يفتتح اليوم البرلمان بالتزامن مع تغييرات في المشهد السياسي

التجمع الوطني للأحرار يتفادى انقساما.. و3 أحزاب يسارية تقرر الاندماج عبر «خطوات متمهلة»

مصطفى المنصوري رئيس مجلس النواب وصلاح الدين مزوار وزير المالية بعد تصالحهما الليلة قبل الماضية في الرباط وبدا إلى جانبهما المعطي بن قدور (تصوير مصطفى حبيس)
TT

يفتتح اليوم العاهل المغربي الملك محمد السادس، الدورة التشريعية الخريفية للبرلمان، ويتزامن ذلك مع حدوث تغييرات في المشهد الحزبي وتنافس قوي على رئاسة مجلس المستشارين (الغرف الثانية للبرلمان). وفي هذا السياق استطاع حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة) أن يتفادى انقساما كان وشيكا، في حين أعلنت ثلاثة أحزاب يسارية وهي أحزاب التقدم والاشتراكية، وجبهة القوى الديمقراطية، والحزب العمالي أنها بصدد الاندماج في حزب جديد.

وفي التفاصيل، تجاوز حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة) خلافات كادت تعصف بوحدة الحزب، قبل انعقاد ندوة صحافية عقدت الليلة قبل الماضية، وكان قطبا الخلاف هما مصطفى المنصوري رئيس مجلس النواب ورئيس الحزب وصلاح الدين مزوار وزير المالية الذي أصبح قياديا في الحزب عقب دخوله الحكومة.

وكانت حالة من الارتباك والغموض قد سادت قبل انعقاد الندوة الصحافية التي دعا إليها تيار أطلق على نفسه «الحركة التصحيحية» بقيادة مزوار. وقال مزوار للصحافيين قبل انعقاد الندوة الصحافية إنه ضد «الأسلوب الانفرادي الذي قاد به المنصوري الحزب»، ودعا إلى مؤتمر استثنائي، في حين أقر المنصوري في تصريحات منفصلة بوجود أخطاء، لكنه عزا ذلك إلى ازدحام الأجندة السياسية والاستحقاقات الانتخابية، بيد أن مزوار عاد وطلب من الصحافيين إغفال تصريحاته السابقة وعدم الاعتماد عليها، عقب مصالحته مع المنصوري.

وبعد لقاءات جانبية أدت إلى تأخير عقد الندوة الصحافية، تحدث كل من المنصوري ومزوار بحضور قيادة الحزب، وقالا إنهما تجاوزا خلافاتهما وتوصلا إلى حل توافقي فوض بناء عليه المنصوري مزوار بالإشراف على مؤسسات الحزب إلى جانب المكتب التنفيذي (الهيئة القيادية)، والإشراف كذلك على تنفيذ مقررات الحزب والتحضير للدورة المقبلة للمجلس الوطني.

وقال المنصوري للصحافيين إنه تم التوصل إلى اتفاق «ينص على إدارة مشتركة للحزب في إطار المكتب التنفيذي، ووضع آليات للبحث في القضايا الشائكة التي كانت وراء النداء من أجل التصحيح». وقال المنصوري أيضا «إن النقاش على الرغم من حدته، فإنه يمكن اعتباره نقاشا صحيا ووديا. وقررنا في إطار توافقي الإعلان من خلال وثيقة صادق عليها المكتب التنفيذي بدء مرحلة جديدة من البناء الصحيح للحزب».

وأضاف المنصوري «تعاهدنا في ما بيننا على ضرورة توضيح الرؤى خاصة في موضوع التحالفات والمسار السياسي للحزب وكذلك ما يتعلق بالتنظيم الهيكلي، وتوصلنا إلى اتفاق بالإجماع على أن المكتب التنفيذي سيعطي دفعة قوية للمسار التصحيحي». وزاد «الرئيس لن يكون حجر عثرة في وجه الإصلاحات». من جانبه، أوضح صلاح الدين مزوار أن الهدف من وراء الحركة التصحيحية كان طرح نقاش واسع داخل صفوف الحزب، وأن الحركة «أبانت مدى نضج حزب التجمع الوطني للأحرار وقابلية أعضائه للنقاش والحوار الجاد وحل الخلافات، الأمر الذي لا يتم إلا في الأحزاب الناضجة» على حد اعتقاده. وأكد مزوار تجديد كل الأطراف دعمها القوي للمعطي بن قدور، رئيس مجلس المستشارين، للترشح لولاية ثانية. وقال مزوار إن «حزب التجمع الوطني للأحرار لم ولن ينتهي».

وعلى صعيد المبادرة الاندماجية بين التقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية والحزب العمالي، صدر بيان أمس يقول إن الأحزاب الثلاثة ستعمل على «تشكيل حركة سياسية مفتوحة على كل التقدميين»، وأن ما تم يتجاوز تشكيل مجموعة برلمانية. وفي هذا السياق قال التهامي الخياري، أمين عام حزب جبهة القوى الديمقراطية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من المبادرة هو إنشاء تنظيم جديد يضم الأحزاب الثلاثة. وأضاف «هذا مشروع سنسير فيه بتمهل»، مشيرا إلى أن هناك قواسم مشتركة بين الأحزاب الثلاثة تسهل مهمة قيام تنظيم جديد. وقال عبد الكريم بن عتيق، الأمين العام للحزب العمالي لـ«الشرق الأوسط» إن الأحزاب الثلاثة اتفقت على أن تبدأ مجموعة من الخطوات المشتركة، أولاها التنسيق على مستوى المؤسسات التشريعية. وأضاف «هذه الخطوة ستليها خطوات أخرى سنعلن عنها أواخر الشهر الحالي، سيكون الهدف منها أن يسترجع اليسار المبادرة».

وفي هذا السياق، قال سعد الدين العثماني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، إن نتائج رئاسة مجلس المستشارين متوقفة على التفاعلات والمفاوضات بين مختلف الفرق السياسية، وكل شيء وراد. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت العملية تخضع لديمقراطية معقولة، فطبيعي أن يكون رئيس المجلس ينتمي لأحد أحزاب الغالبية الحكومية»، وزاد قائلا «للأسف الممارسة البرلمانية لا تتم عندنا دائما وفق القواعد السليمة، لأن هناك ضغوطات تقع على البرلمانيين والأحزاب، وحزب الأصالة والمعاصرة مارس هذه الضغوطات، في الانتخابات البلدية، وفي انتخابات رئاسة المناطق، وتشكيل مجالس الأقاليم، وبالتالي ليست لدينا ضمانات ألا يمارس ضغوطات أثناء انتخاب رئيس مجلس المستشارين، وهذا ما لا نتمناه» على حد تعبيره.