انخفاض الإصابات الجديدة في المدن الأميركية التي اجتاحتها إنفلونزا الخنازير يروج نظرية اكتساب المناعة

وزيرة الصحة تطمئن الأميركيين إلى أمان اللقاح وتحثهم على حماية الأطفال

TT

سعت وزارة الصحة الأميركية أمس إلى طمأنة الناس بخصوص لقاح فيروس إنفلونزا الخنازير (اتش 1 إن 1) بينما ظهرت نظرية ما زالت محل جدل حول أن المناطق التي تعرضت لإصابات عالية في ذروة موجة الفيروس الجديد قد تكون اكتسبت مناعة بسبب انخفاض معدل الإصابات بها حاليا. وأكدت كاثلين سيبليوس، وزيرة الصحة الأميركية أمس، أن اللقاح آمن وحثت أولياء الأمور على اتخاذ تدابير للوقاية من الوباء. وقالت سيبيلوس، لبرنامج «توداي» في محطة التلفزيون «ان. بي. سي» هذا اللقاح الخاص بفيروس (اتش 1 إن 1) صنع بالطريقة نفسها التي كان يصنع بها لقاح الإنفلونزا الموسمية عاما بعد عام. وأضافت الأعراض الجانبية محدودة مقارنة مع ما يمكن أن يحدث حينما تصاب بالإنفلونزا. وكانت سيبليوس تحاول تهدئة المخاوف المتعلقة باللقاح الذي يستهدف السلالة الجديدة من الإنفلونزا، التي انتشرت في أنحاء العالم، وحثت المواطنين على زيارة موقع حكومي على شبكة الإنترنت للحصول على مزيد من المعلومات. وقالت، «هذه الإنفلونزا هي إنفلونزا صغار السن.. الأطفال ليست لديهم مناعة من هذه الإنفلونزا». وقالت سيبليوس، إن الأطفال أيضا ينشرون الفيروسات بسهولة لمن حولهم مما يضع الآخرين في خطر مثل الأجداد وجليسات الأطفال. وأضافت إنها دهشت حقا لأن 40 في المائة فقط من العاملين بمجال الرعاية الصحية يتناولون لقاحات مضادة للإنفلونزا الموسمية. وقالت لشبكة «سى إن إن» الأميركية، «أتمنى ألا يتناول العاملون بمجال الرعاية الصحية اللقاح المضاد للإنفلونزا الموسمية فحسب، وإنما أن يكونوا أول من يسارع لتناول لقاح فيروس اتش 1 أن 1».

من جهة أخرى قال تقرير لـ«نيويورك تايمز» إنه في الوقت الذي تسود المخاوف المتعلقة بفيروس (إتش 1 إن 1) كافة أنحاء البلاد، لم يرصد علماء الأوبئة في كل من نيويورك وعدد آخر من المدن التي كانت إنفلونزا الخنازير قد اجتاحتها العام الماضي أدلة قوية على عودته للانتشار. وعلى الرغم من أن موسم إنفلونزا الخنازير لن يصل لذروته قبل أن يصبح الجو باردا، يؤكد المسؤولون في نيويورك التي كانت أكثر الولايات الأميركية تضررا أن نشاط فيروس الإنفلونزا لم يتجاوز المعدلات الطبيعية لذلك الوقت من العام، بالإضافة إلى أن معدلات الانتظام في المدارس ما زالت طبيعية. وقالت الدكتورة آن شوشات مدير قسم المناعة بالمراكز الفيدرالية للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها: «إن معظم الولايات تعاني من معدلات إصابة غير مرتفعة بخلاف المعتاد في ذلك الوقت من العام».

من جهتهم، قال المسؤولون عن الصحة العامة إنه من المحتمل أن يكون هناك نمط محدد للمناطق التي انتشرت بها الإصابة بالفيروس خلال فصل الصيف. ويعتقد مسؤولو الصحة بمدينة نيويورك الآن أنه في الوقت الذي لم يصب فيه إلا نحو 10 في المائة إلى 20 في المائة من السكان فقط بمرض إنفلونزا الخنازير خلال موسم الربيع الماضي، فإن نحو 20 في المائة إلى 40 في المائة آخرين تعرضوا للإصابة بالفيروس ولكنهم استطاعوا تطوير مناعة ضده منعته من الانتشار.

وعلى الرغم من أن الوقت ما زال مبكرا للتأكد من ذلك، فإن ارتفاع مستوى المناعة لدى الأشخاص ربما يعني أن الموجة الثانية لانتشار إنفلونزا الخنازير ربما تكون أقل انتشارا من المتوقع.

وقد حظيت نظرية المناعة تلك بما يكفي من المصداقية، حتى إن الدكتور توماس فارلي، مفوض الصحة بمدينة نيويورك عرضها في مؤتمر عقد يوم الجمعة الماضي بنيويورك ضمن فعاليات الاستعداد القومي لمواجهة فيروس (إتش 1 إن 1) التي تقودها كاثلين سيبليوس وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، والدكتور توماس فريدن مدير مراكز السيطرة على الأمراض. وقد قال الدكتور فارلي في إحدى الجلسات: «نحن لا نرى المرض في المدينة حاليا. فقد كان لدينا نحو 750 ألف مصاب خلال الربيع الماضي، وكنا المدينة الأكثر تضررا في ذلك الوقت. وبالتالي فلدينا عدد كبير من الأشخاص الذين لديهم مناعة ضد ذلك الفيروس حاليا».

من جهة أخرى، يقول المسؤولون إن البيانات المتضاربة تظهر التوازن الدقيق الذي يتعامل به مسؤولو الصحة مع إنفلونزا الخنازير. فحتى الآن، تبين أن ذلك المرض ليس قاتلا بالدرجة التي كان يبدو عليها عندما بدأت حالات الوفيات في المكسيك خلال الربيع الماضي. وفي الوقت نفسه، يخشى المسؤولون أن يتجه الأمر نحو الأسوأ وبالتالي فهم يريدون المحافظة على رفع درجات الحذر بدلا من البكاء على اللبن المسكوب.

من جهته، وصف الدكتور مارتن إس سترون الخبير بمرض الإنفلونزا بوكالة السيطرة على الأمراض، الذي شارك في إعداد دراسة عام 2007 المتعلقة بالكيفية التي أصاب بها فيروس الإنفلونزا في عام 1918 نحو 43 مدينة أميركية فكرة أن الفيروس لم ينتشر حاليا لأنه كان شديد الانتشار خلال موسم الربيع «بأنها فرضية مهمة، وذات معقولية بيولوجية» ولكنه في الوقت نفسه قال إن الشتاء هو الذي يستطيع الفصل في تلك الفرضية. فيقول الدكتور سترون: «أعتقد أن فكرة أن جميع من في نيويورك أصبح محصنا ضد المرض، وأننا لم يعد لدينا الفيروس وأننا لسنا بحاجة للقاح هو استنتاج خطر». ويقول الدكتور دون ويس، خبير الأوبئة بقسم الصحة بمدينة نيويورك: «يشبه الأمر أن ينظر شيرلوك هولمز إلى الدليل. ربما تتفق هذه الفرضية مع ما نراه حاليا ولكن ربما تكون هناك تفسيرات أخرى». ومع ذلك، أضاف الدكتور ويس: «ربما تكون النظرية التي يتحدث الجميع عنها صحيحة لأن نيويورك قد شهدت انتشارا شرسا للفيروس خلال موسم الربيع ومن المتوقع ألا يتكرر الأمر خلال الشتاء». ويقول الدكتور ويس إن مقدار المناعة عند السكان في منطقة معينة ـ التي يطلق عليها مناعة الجماعة ـ هو الذي يستطيع أن يخبرك إذا ما كان سوف يحدث اندلاع للمرض أم لا». وبالنسبة للأمراض شديدة العدوى مثل الحصبة، فإنه يجب أن يتم إعطاء نحو 90 في المائة إلى 95 في المائة من السكان اللقاح لمنع انتشار المرض». في غضون ذلك أعلن مستشفى بمدينة ايسن في غرب ألمانيا أمس تسجيل أول وفاة في البلاد بإنفلونزا الخنازير لسيدة عمرها 36 عاما.كما أصبحت سيدة عمرها 33 عاما ثالث مجرية تتوفي عقب إصابتها بفيروس إنفلونزا الخنازير.