نائب من «حزب الله»: تدوير الزوايا يتم برعاية إقليمية.. والدور السعودي في لبنان إيجابي

لبنان يترقب انفراجات تعكسها قمة خادم الحرمين والأسد على تأليف الحكومة

TT

يتحكم إيقاع القمة التي جمعت العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد في دمشق في نبض الساحة السياسية اللبنانية التي تترقب انفراجات تؤدي إلى المساهمة في ولادة التشكيلة الحكومية التي دخلت شهرها الرابع ولم تنجز.

وفي حين تغلب الأجواء الإيجابية التي رافقت القمة السعودية ـ السورية على ما عداها، يسود صمت لدى مواقع القرار بشأن قدرة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على حل العقد، سواء لدى حلفائه أو لدى الفريق الآخر. وما يزيد من التوتر المرافق للترقب، الإشارات الأمنية المقلقة والمتنقلة التي لم يعد يمكن لجمها إلا بواسطة حكومة قوية وقادرة على بسط الأمن ومعالجة الملفات المتراكمة.

وفي حين تشير بعض المصادر إلى أن عدم استفادة لبنان من نتائج القمة بين الملك عبد الله والرئيس الأسد سيكون له نتائج سلبية قد يصعب تداركها، تعتبر مصادر أخرى أن اللقاء له إيجابياته على العلاقات العربية عامة، لكن الترجمة في لبنان لها حسابات أخرى تمتد حتى إيران.

ويقول نائب «حزب الله» بلال فرحات لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان جزء من الحالة الإقليمية الموجودة. وكل من يقول عكس ذلك يكذب على نفسه. فالتفاهم على كل الأمور عبر التواصل يتم بشكل إقليمي أكثر منه داخلي. وقد وصلنا إلى درجة مقبولة من هذا التفاهم». ويضيف أن «عملية تشكيل الحكومة بعد اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري ثم إعادة تكليفه تتواصل من حيث كانت وبالأسلوب نفسه، مع تدوير للزوايا برعاية إقليمية، مما يؤشر إلى نتائج إيجابية في ظل الانفراج الحاصل بعد زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله لدمشق. ونحن نأمل أن تنعكس الإيجابيات بسرعة وتحل الأمور لأن اللبنانيين يعانون فعلا من مشاكل تتطلب حلولا ومعالجات وتتطلب وجود حكومة قوية وقادرة».

وتمنى فرحات «ألا تنعكس سلبيا بعض الأصوات الإقليمية التي ارتفعت وأبدت انزعاجها من التقارب السعودي ـ السوري». وقال: «لا علة لدينا تحول دون تشكيل الحكومة، إلا لمن يفتش عنها. وإذا قرأنا ما يحصل على الأرض نرى أنه لا عقد في الأمور، وأصوات جميع الأطراف على الساحة الداخلية هي صدى للأجواء الإيجابية الموجودة. ونحن كنا نأمل منذ زمن أن تكون الأجواء كذلك لأننا كلما توافقنا فوتنا الفرصة على إسرائيل ومشاريعها العدوانية في المنطقة».

وأكد فرحات أن «حزب الله ينظر دائما إلى أن الدور السعودي هو دور إيجابي في لبنان» وقال: «بعد هذا اللقاء نتمنى أن نشهد تشكيل حكومة في وقت قريب».

واعتبر النائب عن حزب «الكتائب اللبنانية» سامر سعادة أن «أي تقارب عربي ـ عربي هو ما نسعى إليه، وتحديدا التقارب السعودي ـ السوري، لأنه يخفف التوتر على الساحة اللبنانية. لكن الأهم أن نجلس كلبنانيين حول طاولة حوار ونبدأ العمل ليس لنكتفي بتشكيل حكومة، إنما لنشكل دولة قادرة لها سيادتها».

إلا أن سعادة لا يرى أن اللقاء بين الملك عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد قادر على تذليل عقبات تشكيل الحكومة على الرغم من إيجابياته. ويقول: «اللقاء لم يكن التقارب الأول بين المملكة وسورية، ففي مرحلة التشكيل الأولى للرئيس المكلف شهدنا لقاءت كثيرة بين مسؤولين سعوديين وسوريين، إلا أنها لم تسفر عن حلول سحرية للعقد اللبنانية. هناك دول أخرى لها دورها الإقليمي على الساحة اللبنانية منها إيران. أي دور تلعبه حاليا؟ فهي تمسك بخيوط حزب الله. ونحن لا نستطيع تشكيل حكومة أكثرية لأن هناك خوفا من فريق مسلح له امتداداته العسكرية والدينية مع إيران. بالتالي نسأل إلى أي حد يستطيع التقارب السعودي ـ السوري التأثير على الشروط التعجيزية للأقلية؟.. فالمسؤولون المقربون من سورية يرددون دائما أن حل المشكلة الإقليمية لا يؤدي إلى حل عقدة تشكيل الحكومة، لأن لديهم مطالب يجب تلبيتها، وإلا لا حكومة. علينا أن نترقب وننتظر ماذا ستحمل الأيام المقبلة التي ستلي هذا اللقاء».

وشدد سعادة على أن «التنازل عن حقوق الأكثرية لتشكيل الحكومة لا يمكن أن يتم إلا تحت سقف الشعارات والعناوين التي أدت إلى فوز الأكثرية في الانتخابات». وقال: «نحن خضنا معاركنا الانتخابية وفزنا بها لأن الناخبين منحونا ثقتهم بناء على العناوين التي أقنعتهم. ولا يحق لنا أن نخون ثقتهم ولا نترجمها في التشكيلة الحكومية المقبلة».

ووصف عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس، زيارة الملك عبد الله لسورية بـ«التاريخية»، واعتبرها «من أهم الزيارات على المستوى العربي، خصوصا لما للمملكة العربية السعودية من تأثير كبير على الصعيد العربي وما لسورية أيضا». ورأى أن «القمة بين الرجلين الكبيرين تناولت عناوين أساسية كبرى على الصعيد العربي بأكمله، ومن ضمنها الموضوع اللبناني الذي سيحتل الحيز الأبرز». وأضاف: «المهم أن نستفيد نحن كلبنانيين من هذه القمة ونترجمها اتفاقا داخليا لأن اللقاء بين الملك عبد الله والرئيس الأسد لن يدخل في التفاصيل الصغيرة لموضوع الحقائب والوزارات لأن ذلك من اختصاص اللبنانيين». ودعا الرئيس المكلف والمعنيين إلى «الاستفادة من هذه الأجواء الإيجابية، والسعي في هذا الوقت إلى الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية ضمن صيغة (15ـ10ـ5)».

ورأى النائب في كتلة «المستقبل» محمد قباني أن «القمة السورية السعودية تشكل منعطفا في العلاقات العربية العربية، بخاصة أن الدولتين تشكلان قطبين في الوضع السياسي العربي، وبالتالي نحن في لبنان ننظر بإيجابية إلى هذه القمة التي قد تشكل انفراجا سيشمل الوضع العربي بشكل عام». وأوضح أن «الحكومة تؤلف في بيروت، ومن المفيد أن نستفيد من الانفراج العربي لكي نستطيع أن نحدث اختراقا في موضوع تأليف الحكومة». وأضاف: «نحن نتفاءل ولكن علينا أن نعمل أيضا ولا ننتظر أن يطبخ الحل خارج لبنان، بل أن يكون العمل الداخلي هو الأساس في تشكيل الحكومة».

واعتبر قباني أن «الرئيس المكلف قاد في المرحلة الأولى في مشاوراته عملية بناء الثقة بين مختلف الأطراف السياسيين في لبنان»، وقال: «لقد مشينا خطوات مهمة في هذا المجال كما تعكس التصريحات.المهم الانتقال إلى المرحلة الثانية حيث نأمل أن ينعكس الانفراج في العلاقات الداخلية والعلاقات العربية تأليفا للحكومة. علينا أن نعمل على إزالة العقبات أمام تشكيل الحكومة، لذا فالمرونة أمر مطلوب كي نستفيد من المناخ العربي الإيجابي».

وأعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب حكمت ديب أن أي «تقارب عربي عربي ينعكس إيجابا على الساحة اللبنانية»، ورأى أن «تأليف الحكومة أمر داخلي، ويجب أن يكون هناك مسعى من الجميع لتقريب وجهات النظر». اعتبر النائب بطرس حرب أن «مجرد اللقاء السعودي ـ السوري هو أمر مفيد وجيد ويمكن أن يكون مدخلا، خصوصا بعد المعاناة التي عاشها اللبنانيون في المرحلة الماضية». وقال إن «هذا اللقاء من شأنه أن يخلق أجواء أقل تشنجا وأكثر إيجابية لحلحلة بعض المواقف المحلية التي تتأثر بالمواقف الإقليمية لكي تسهل الشروط التعجيزية في عملية تشكيل الحكومة الجديدة ولكي يصبح مشروع الحكومة قابلا للتحقيق». وكان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد تطرق إلى تأثير القمة على مسار تشكيل الحكومة، ورحب بيانه بالتقارب العربي ـ العربي الذي «تمثل في انعقاد القمة السعودية ـ السورية واعتبرها بارقة أمل باتجاه تحقيق المصالحة العربية الشاملة وخطوة مهمة نحو إعادة جمع الشمل العربي لمعالجة الأزمات الكبيرة التي يتخبط بها وبعض الصراعات التي تجري على أراضيه والنزاعات الداخلية التي باتت تنذر بشر مستطير»، متمنيا أن «يستفيد اللبنانيون من هذا التقارب للخروج من الأزمة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية».