رئيس جبهة تحرير أوجادين لـ«الشرق الأوسط»: الجيش الإثيوبي يحكم الإقليم نهارا ونحكمه ليلا

الأدميرال عثمان قال إن قضية أوجادين عربية إسلامية منسية.. وطالب باستفتاء لتقرير مصيره

الأدميرال محمد عمر عثمان
TT

يرى الأدميرال محمد عمر عثمان رئيس جبهة تحرير أوجادين (ONLF) إحدى أبرز الجبهات المسلحة المعارضة للحكومة الإثيوبية، أن قضية إقليم أوجادين قضية عربية إسلامية منسية، باعتبار أن الإقليم الذي تعتبره إثيوبيا «الإقليم الخامس» فيها، هو أرض صومالية محتلة، وهي إحدى آخر الأراضي العربية المحتلة في القرن الواحد والعشرين. ويدافع عثمان عن استخدام اسم أوجادين لتاريخيته، الذي هو أيضا اسم إحدى القبائل الساكنة في الإقليم بدل اسم «الصومال الغربي» الذي تفضله الحكومة الصومالية السابقة، و«الإقليم الخامس في إثيوبيا»، كما يطلق عليه في أديس أبابا. ونفى تلقي حزبه لدعم من دول عربية نفطية لمنع إثيوبيا من استخراج النفط والغاز من إقليم أوجادين. ويطالب بإجراء استفتاء في الإقليم لتقرير مصيره. ويقول إن جبهته تحكم فعليا نحو 90% من مناطق البادية والقرى الريفية في الإقليم، أما المدن فيقول إن الجيش الإثيوبي يحكمها نهارا، والجبهة تحكمها خلال الليل. وعن علاقته بالحكومة الصومالية الحالية قال إن هناك تبادلا لوجهات النظر، أما عن علاقته مع الجبهات الصومالية التي تقاتل حكومة مقديشو وهي «حركة الشباب»، والحزب الإسلامي، قال: «إذا كانت هذه الجبهات تقاتل ضد إثيوبيا فلنا عدو مشترك.. لكن ليس هناك تنسيق سياسي بيننا وبينهم».

* متي تأسست جبهة تحرير أوجادين وما هي الأهداف التي تقاتل من أجلها؟

ـ تأسست جبهة تحرير أوجادين عام 1984، لكنها بدأت العمل المسلح بعد عشر سنوات وتحديدا عام 1994، بعد أن أخلف الحزب الحاكم في إثيوبيا وعوده للأحزاب السياسية ولشعوب إثيوبيا، وألغى الاتفاق بشأن حل مسألة أوجادين بطريقة سلمية، وهدف الجبهة هو تحرير هذا الإقليم من الاحتلال الإثيوبي.

* ما أوجه الاختلاف بين جبهة تحرير أوجادين والجبهات الصومالية التي سبقتها في الإقليم؟ ـ بالنسبة للهدف الرئيسي، وهو تحرير الإقليم، لا تختلف عن الجبهات الأخرى، ولكنها تختلف عنها من الناحية الإدارية، فجبهة تحرير إقليم الصومال الغربي كانت تتمتع بدعم الحكومة الصومالية التي كانت تتدخل في إدارتها وسياساتها وقراراتها، أما جبهة تحرير أوجادين فهي مستقلة عن أي حكومة صومالية وتعتمد على الدعم الشعبي فقط.

* ما هي الأوضاع السياسية والعسكرية في إقليم أوجادين؟ ـ أولا الإقليم في حالة حرب لتحريره من الاحتلال الإثيوبي، ونضالنا حقق نجاحات مهمة، وعدد أصدقائنا يزداد يوما بعد يوم، وتكونت قناعات كثيرة بشرعية نضالنا وحقنا في تقرير المصير، الجيش الإثيوبي في حالة نفسية سيئة جدا بسبب هجماتنا المستمرة عليه ويتزايد عدد الفارين من الخدمة. إلى جانب ذلك يرتكب النظام الإثيوبي فظائع بحق الشعب في إقليم أوجادين، وهناك حصار على الإقليم منذ 3 سنوات، منعت المنظمات الدولية من الدخول إليه، لإخفاء حقيقة ما يجري في الإقليم عن العالم، من قتل واغتصاب، وكلما تكبدوا خسائر في المواجهات العسكرية بيننا كلما انتقموا من الشعب الأعزل، ونحن نطالب بمحاسبة النظام الإثيوبي على هذه الجرائم البشعة.

* اسم أوجادين لا يزال يثير جدلا في المنطقة بما أنه اسم القبيلة التي تنتمي إليها، فلماذا تتمسكون بهذا الاسم، وهل ذلك يعني تعصبا لقبيلتك أوجادين؟ ـ هذا الاسم (أوجادين) هو المتعارف عليه عالميا، وهو المثبت في الخرائط الدولية، والجبهة لا ترى فائدة من استحداث اسم جديد للإقليم، ثم تعريف العالم به من جديد. الحكومة الصومالية السابقة أطلقت على الإقليم اسم «الصومال الغربي» لكن لا أحد يعرف الاسم بهذه المنطقة إلا قليلا، ولم يدخل الخريطة العالمية. كذلك حكومة منجيستو هايلي ماريام السابقة في إثيوبيا كانت قد أطلقت على الإقليم اسما آخر وكذلك الحكومة الحالية بقيادة مليس زيناوي (الإقليم الخامس في إثيوبيا) كل هذا لا يعرفه أحد. عندما يتم التحرير قد نتشاور في تغيير الاسم، أما قبل ذلك فأي اسم آخر غير «أوجادين» لن نجني منه سوى وضع الناس والعالم في حيرة.

* هناك اتهامات ضد الجبهة بأنكم تخوضون حربا بالوكالة عن إريتريا ضد إثيوبيا فما هو ردكم على ذلك؟ ـ إقليم أوجادين وكذلك إريتريا كانا تحت الاحتلال الإثيوبي، ونحن بدأنا الحرب قبل أن تتحرر إريتريا، وكذلك قبل النزاع الإريتري ـ الإثيوبي، وليس هناك أي علاقة بين هذا النزاع وبين نضال جبهة تحرير أوجادين فسواء استمر هذا النزاع أم لم يستمر فنحن سنواصل حرب التحرير حتى نحصل على حقوقنا.

* هل جبهة تحرير أوجادين منظمة علمانية أم إسلامية أم قبلية؟ ـ أولا نحن مسلمون، والشعب الذي نناضل من أجل تحريره شعب مسلم، والجبهة منظمة تحرير تسعى إلى إنهاء الاحتلال الإثيوبي.

* هل تعتقد أن إقليم أوجادين إقليم إثيوبي، أم صومالي أم ماذا؟ ـ حاليا إقليم أوجادين هو إقليم محتل من قبل إثيوبيا، وإثيوبيا تطلق عليه «الإقليم الخامس في إثيوبيا» الذي يقطنه الصوماليون. والشعب الصومالي في الإقليم هو الذي سيقول الكلمة الأخيرة في هذا الأمر، ونطالب بإجراء استفتاء حر ويوجه إليهم هذا السؤال عندها يحسم كل شيء.

* كيف أثرت الأوضاع في الصومال وانهيار الدولة الصومالية على جبهة تحرير أوجادين وكيف تقدرون على مواصلة الحرب دون عمق استراتيجي داعم من قبل دول الجوار؟ ـ كل ما يحدث في الصومال من مشاكل له تأثير كبير علينا، ومن الجيد أن تكون هناك دولة صومالية لا تتحكم فيها إثيوبيا، ولكن رغم ذلك فإن النضال سيستمر بالوسائل المتاحة.

* هل أنتم مستعدون للتفاوض مع الحكومة الإثيوبية وما هي شروطكم ؟ ـ نعم، نحن مستعدون لنتفاوض مع الحكومة الإثيوبية، وخيار الحرب لم يكن خيارنا في البداية ولكنه فرض علينا، وقد تفاوضنا مع الحكومة الإثيوبية في وقت سابق ولكن لم ينجح الحوار، ولا نزال مستعدين لخيار التفاوض مجددا، وشرطنا الوحيد هو أن يتم التفاوض بحضور طرف ثالث محايد وفي مكان محايد أيضا.

* يقال إن هناك خلافات داخلية في جبهة تحرير أوجادين وإن هناك أجنحة متصارعة داخل الجبهة فما هي حقيقة ذلك؟ ـ هذه معلومات غير صحيحة والذين يروجونها يحبون ذلك.

* ما هو وزن إقليم أوجادين في إثيوبيا، مساحة، وسكانا وعلى مستوى الموارد الاقتصادية؟ ـ تبلغ مساحة إقليم أوجادين 400 ألف كلم مربع (أي ثلث المساحة الكلية لإثيوبيا الحالية التي تبلغ مليونا و100 ألف كلم مربع) ويأتي إقليم أوجادين في المرتبة الثانية بعد إقليم أوروميا أكبر الأقاليم الإثيوبية، ومن ناحية التعداد السكاني فالشعب الصومالي في الإقليم (نحو 8 ملايين نسمة) يمثل القومية الثالثة بعد قومية الأورومو وقومية الأمهرا، أما من الناحية الاقتصادية فالإقليم مشهور بالثروات الطبيعية من بينها النفط والغاز، ويتمتع الإقليم بثروات مائية وزراعية ضخمة وثروة حيوانية هائلة. لكن على الرغم من ذلك لم يحظ الإقليم بأية برامج للتنمية بسبب الاحتلال، والحرب الدائرة، ليس هناك مدارس تعليمية تذكر، وكذلك الإقليم لا يعرف المستشفيات، والبنى التحتية شبه معدومة كل ذلك بسبب الاحتلال وتوابعه.

* وجهتم تحذيرا قبل فترة لشركات التنقيب عن النفط والغاز في إقليم أوجادين، فما هو سبب هذا التحذير؟ وقيل في حينه إنكم طلبتهم رشوة مقابل السماح لها بالعمل؟ ـ نعم، نحن حذرنا شركات التنقيب عن النفط والغاز من العمل في الإقليم والسبب بسيط، وهو أننا تحت احتلال، ولن نقبل باستغلال تلك الثروات الطبيعية في الإقليم حتى يزول الاحتلال، لأنه في حالة تمكنه من ذلك فلن يوجهها لتطوير الإقليم وإنما لتدميره وقمع الشعب. لا نسعى إلى الحصول على رشوة من شركات التنقيب، وأعتقد أنهم سيرحبون لو طلبنا ذلك، وقد ألقينا القبض على عدد من موظفي هذه الشركات وأفرجنا عنهم بعد أن أبلغناهم بأنهم غير مرحب بهم في الإقليم في هذه الظروف.

* هناك تقارير بأن بعض الدول العربية تدعم جبهة تحرير أوجادين للحيلولة دون استخراج النفط والغاز في الإقليم لكي لا تصبح إثيوبيا مصدرا للنفط والغاز في المنطقة؟

ـ هذه المعلومات جديدة علي، ولم أسمعها من قبل، وهي معلومات غير صحيحة أبدا.

* ما هي العلاقة بين جبهة تحرير أوجادين والحركات الإسلامية الصومالية مثل حركة الشباب والحزب الإسلامي؟ ـ إذا كانت هذه الجبهات تقاتل ضد إثيوبيا فلنا عدو مشترك، لكن ليس هناك تنسيق سياسي بيننا وبينهم.

* هل هناك مناطق في إقليم أوجادين تحكمها جبهتكم المسلحة؟ ـ جبهة تحرير أوجادين تحكم فعليا معظم مناطق البادية والقرى الريفية نحو 90%، أما المدن فيحكمها جيش الاحتلال الإثيوبي نهارا، ونحن نحكمها خلال الليل!

* معظم قادة جبهة تحرير أوجادين مقيمون بالخارج فما هو السبب في ذلك؟

ـ بعض القادة موجودون بالخارج وهذا أمر مهم جدا، ومع ذلك يترددون بين الداخل والخارج، وفي الداخل عدد كاف من القادة، أنا شخصيا كنت في إقليم أوجادين وقضيت فيها الأشهر الثمانية الماضية إلى جانب قادة آخرين، ولدينا القدرة أيضا على الوصول إلى كافة أنحاء الإقليم والخروج منها بأمان في أي وقت نشاء.

* بصفتك رئيسا لجبهة تحرير أوجادين، هل تعتبر نفسك مواطنا إثيوبيا، أم مواطنا صوماليا، أم غير ذلك؟ ـ لا أرغب في الإجابة على هذا السؤال الآن.

* ما هي العلاقة بين الجبهة وقبيلتك أوجادين؟ وبين الجبهة والقبائل الأخرى في الإقليم؟ يقال إن معظم قادة الجبهة هم من قبيلتك أوجادين؟ ـ لا أريد الآن الدخول في متاهات كهذه، القبلية ليست من مبادئ جبهة تحرير أوجادين، والقبلية هي المرض الذي دمر الصوماليين في كل مكان، ولو اعتمدنا القبلية لانهارت الجبهة منذ زمن بعيد، لأن القبلية مثل قشرة البصل ليست لها نهاية.

* كيف ترى مستقبل إقليم أوجادين؟ هل سيبقى إقليما إثيوبيا، أم إقليما صوماليا، أم إقليما يمثل دولة مستقلة؟ ـ مطلبنا الرئيسي هو أن يتم استفتاء الشعب الصومالي في الإقليم ليقرر مصيره بيده، فيما إذا كانوا يريدون البقاء كجزء من دولة إثيوبيا، أو التصويت لدولة مستقلة أو الانضمام إلى بلد آخر، فالقرار للشعب وحده ونطالب أن تتاح له ممارسة حقه في تقرير المصير.

* ما هي العلاقة بين جبهة تحرير أوجادين والأطراف الصومالية الأخرى؛ الحكومة الصومالية الانتقالية، وإقليم بونت لاند، و«أرض الصومال»؟

ـ كما هو معلوم، الحكومة الصومالية جديدة، هناك بعض الاتصالات فيما بيننا لتبادل وجهات النظر، لكن ليست هناك علاقة كبيرة، أما إقليما بونت لاند (شمال شرقي الصومال) وأرض الصومال (شمال) فهما يتعاونان ضدنا وبشكل مطلق مع السلطات الإثيوبية، ولذلك هما يشكلان ضررا كبيرا على النضال الذي تقوده جبهة تحرير أوجادين.

* هل قضية أوجادين قضية قومية صومالية أم قضية عربية أم إسلامية؟ ـ هي كل ذلك، فأصحابها صوماليون، وهي قضية عربية إسلامية، لأن شعب أوجادين شعب عربي مسلم. قد لا تهتم بعض الجهات بذلك، ولكننا نؤكد على عروبة وإسلامية قضية أوجادين التي تمثل أيضا واحدة من الأراضي العربية التي ترزح تحت الاحتلال في القرن الواحد والعشرين. الأدميرال محمد عمر عثمان في سطور

* ولد الأدميرال محمد عمر عثمان رئيس جبهة تحرير أوجادين عام 1940 في إقليم أوجادين بإثيوبيا وتلقى تعليمه الأساسي في الإقليم، ثم انتقل إلى مقديشو ودرس فيها المرحلة الثانوية. ابتعث إلى مصر وتخرج في الكلية الحربية في القاهرة، ثم سافر إلى الاتحاد السوفياتي لمواصلة دراسته العسكرية. عين عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الصومالي الحاكم في منتصف السبعينات ثم رئيسا للمكتب السياسي في الحزب، ثم عين رئيسا للقوات البحرية الصومالية ورقي إلى رتبة الأدميرال، وبعد انهيار الحكم المركزي في الصومال عام 1991 عاد إلى إقليم أوجادين واختير عام 1998 رئيسا لجبهة تحرير أوجادين وهو المنصب الذي يشغله حتى الآن. يتنقل بين إثيوبيا ودول الجوار وأوربا.