كاميرون: مستعد لأكون رئيس وزراء بريطانيا المقبل.. وأفغانستان أكبر التحديات

مع تراجع حزب المحافظين في استطلاعات الرأي.. قال إن حكومته ستجتمع كحكومة في حالة حرب وأعلن أن الأمور ستكون صعبة

ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين البريطاني وزوجته سامنتا خلال اليوم الأخير من المؤتمر السنوي للحزب في مدينة مانشستر أمس (رويترز)
TT

أعلن ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين المعارض في بريطانيا، استعداده ليصبح رئيس وزراء البلاد المقبل، واضعا على رأس أوليات حكومته متابعة الحرب في أفغانستان وإنقاذ بريطانيا من أزمتها المالية، إلا أنه حذر الناخبين من أن السنوات المقبلة لن تكون سهلة. وقال في آخر خطاب له خلال مؤتمر حزبه قبل الانتخابات العامة المقبلة المفترض إجراؤها خلال الأشهر السبعة المقبلة: «إذا فزنا بالانتخابات ستكون الأمور صعبة.. سنضطر إلى تخفيض الإنفاق العام وهذا الأمر سيكون صعبا، كما سنضطر من تخفيض البيروقراطية في المؤسسات الحكومية.. وكل هذا لن يكون سهلا، ولكن أنا مستعد لذلك».

وقال كاميرون في اليوم الأخير من مؤتمر حزب المحافظين المنعقد في مدينة مانشستر منذ بداية الأسبوع، إن المسؤولية الكبرى التي سيواجهها في حال فوز حزبه بالانتخابات المقبلة، ستكون الحرب في أفغانستان، مشددا على أن حكومته ومستشارو الأمن القومي سيجتمعون في اليوم الأول «كحكومة في حال حرب». وأضاف: «نحن لسنا في أفغانستان لتأسيس المجتمع المثالي، بل لمنع تأسيس مخيمات تدرب على الإرهاب».

وفي انتقاد واضح لحكومة رئيس الوزراء الحالي غوردن براون الذي دخل في جدل مع قادة الجيش حول عدم تزويد الجنود البريطانيين في أفغانستان بالعتاد الكافي، قال كاميرون: «يجب أن يكون لجنودنا كل قطعة هم بحاجة إليها، وأنا سأتأكد من حصول ذلك». كما أعلن كاميرون عن انضمام قائد الجيش السابق السير ريتشارد دانيت إلى الحكومة الجديدة كمستشار عسكري. وكان دانيت قد أحيل إلى التقاعد قبل عدة أشهر، وتسبب بأزمة لبراون عبر اتهامه رئيس الوزراء بإرسال الجنود البريطانيين إلى أفغانستان من دون عتاد كاف.

ولم يخل الخطاب الذي ألقاه كاميرون من لفتة شخصية إلى حياته الخاصة، حين ذكر وفاة ابنه إيفان التي توفي في فبراير (شباط) الماضي عن عمر ست سنوات. وقال كاميرون إن الزمن توقف بالنسبة إليه وإلى زوجته سامنتا عندما توفي ابنه، وإن وفاته دفعته لإعادة التفكير بمستقبله السياسي. وخلافا لعادته، كان كاميرون يقرأ خطابه من ورقة أمامه، بعد أن كان اعتاد أن يكتب أمامه أهم النقاط ويلقي خطابه غيبا.

وكرر كاميرون الوعود التي أطلقها وزير الخزانة في حكومته جورج أوزبورن حول تخفيف النفقات وتجميد الزيادات على المعاشات لموظفي القطاع العام لمدة عام واحد، وشدد على ضرورة اتخاذ هذه الخطوات لخفض الدين العام، في محاولة لطمأنة الناخبين الذين يبدو أن هذه الخطوات قد أخافتهم، إذ أظهر استطلاع للرأي نشر أمس عن تراجع التأييد لحزب المحافظين بأربع نقاط منذ بداية الأسبوع. ويتقدم المحافظون على حزب العمال منذ أكثر من عام بمعدل 15 نقطة. كما انتقد الحكومات الكبيرة التي يعتمدها حزب العمال، وقال في إطار وعوده بتخفيض النفقات إن حزب المحافظين لن يعتمد على حكومات كبيرة.

وركز كاميرون على دور رئيس الحكومة غوردن براون في وصول بريطانيا إلى أزمتها المالية، وقال إن سياسته المالية التي مارسها عندما كان وزيرا للخزانة كانت السبب في انهيار النظام المالي في البلاد. وقال متوجها لمؤيديه: «أريد من الجميع أن يعي مدى خطورة الوضع. فالدين العام تضاعف خلال السنوات الخمس الماضية. لقد أخذنا قرارات صعبة هذا الأسبوع ولكنها الخيار الوحيد المسؤول».

وكان بعض المحللين قد توقعوا أن تؤدي طروحات أوزبورن خصوصا حول تجميد معاشات 4 ملايين موظف من العاملين في القطاع العام، إلى ردود فعل سلبية من الناخبين، بينما يعتقد حزب المحافظين أن اعتماد الصراحة مع الناخبين سيزيد من رصيده.

وكان وزير الدفاع في حكومة الظل ليام فوكس قد وعد بدوره في كلمة ألقاها صباح أمس قبل كاميرون، بالاقتطاع «من بيروقراطية» وزارة الدفاع التي توظف 85 ألف موظف، لصالح الاستثمار في الجيش التي يضم 99 ألف جندي. وقال ناطق باسم المحافظين في وقت لاحق إن الحزب يطمح إلى اقتطاع 25 بالمائة من الوظائف من وزارة الدفاع.

وشدد أيضا فوكس على ضرورة متابعة الحرب في أفغانستان، وعدم الانسحاب مبكرا لأن ذلك سيشكل «جرعة لكل الجهاديين في العالم». وقال مؤكدا التزام المحافظين بالحرب هناك: «نحن هناك لأسباب تتعلق بأمننا القومي ولا يمكننا أن نسمح بأن تتحول أفغانستان مجددا إلى مركز يخطط منه الإرهابيون لشن اعتداءات علينا».

كما تعهد بأن حكومة المحافظين ستكون ملتزمة بالحفاظ على استقرار باكستان التي يعيش فيها «180 مليون شخص وتملك أسلحة نووية». ووعد بأن تجري حكومة المحافظين مراجعة لاستراتيجية الدفاع التي تعتمدها بريطانيا، مشددا على أنه يمكن الفوز بالحرب في أفغانستان.

وفي آخر يوم لمؤتمر الحزب، لم يغب الجدل الذي افتتح به المؤتمر حول الاتحاد الأوروبي ومعاهدة لشبونة، بعد أن صوتت أيرلندا لصالح المعاهدة. وتعطي المعاهدة الاتحاد الأوروبي قوة أكبر للتعاطي مع ملفات السياسة الخارجية، كما تنص على انتخاب رئيس للاتحاد، ويعتبر حتى رئيس الوزراء السابق توني بلير الأوفر حظا لشغل المنصب. وتطرق وزير الخارجية في حكومة الظل وليام هاغ إلى علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي في خطابه الصباحي أمس. وعلى الرغم من أنه لم يحسم الجدل الذي أثاره حزب المحافظين حول طرح معاهدة لشبونة التي صوت عليها البرلمان، للاستفتاء الشعبي، فقد شرح سبب معارضة الحزب للمعاهدة. وقال: «نحن لا نؤيد مركزية القرارات في الاتحاد الأوروبي إلى خارج سلطة الشعب، ونعتقد أن الشعب يجب أن يحكم برضاه».

ولم يحمل خطاب هاغ تفاصيل حول السياسة الخارجية التي سيعتمدها المحافظون في حال وصولهم للسلطة، بل سطر العناوين العامة، مثل تسوية التحالف مع الولايات المتحدة وإعادة رسم سياسة خارجية خاصة لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تحسين العلاقات مع الصين وروسيا في حال لاقت تجاوبا منهما.