غياب أركان معاهدة الأمن الجماعي عن قمة بلدان الكومنولث يهدّد بانهيار المنظومة

مولدوفا تستضيف القمة لأول مرة بعد رحيل الشيوعيين

TT

في كيشينيف عاصمة مولدوفا تبدأ اليوم أعمال قمة رؤساء بلدان منظومة الكومنولث في غياب أربعة من رؤساء بلدان آسيا الوسطى، وهي القوة الضاربة للمنظمة بعد روسيا وبيلاروس وأساس معاهدة الأمن الجماعي التي ثمة من يعتبرها الذراع العسكري للمنظومة. وإذا أضفنا الى قائمة رؤساء قزقستان وأوزبكستان وتاجيكستان وتركمنستان فيكتور يوشينكو رئيس أوكرانيا الذي سبق وهددت بلاده بالانسحاب من المنظمة بعد خروج جورجيا المجاورة منها، ولم يؤكد حتى لحظة كتابة هذه السطور موقفه من حضور القمة، فضلا عن مواقف بيلاروس التي يشوبها التوتر مع موسكو بسبب رفض الأخيرة منحها القروض المالية، وظهور بوادر تقارب بين بيلاروس وبلدان الاتحاد الأوروبي التي تعدها بتقديم مثل هذا الدعم، فإن مستقبل المنظومة التي طالما وازنت الأوضاع داخل الفضاء السوفياتي السابق يكون محفوفا بمخاطر الانهيار والتصفية. ويظل الغموض يكتنف الكثير من جوانب العلاقات بين روسيا وقيرغيزيا بسبب المتغيرات التي طرأت على هذه العلاقات بسبب تحول الرئيس قرمان بك باقييف صوب الولايات المتحدة وبلدان الناتو، طمعا في المزيد من الدعم المالي مقابل تأجير مراكز العبور وهو الاسم الحركي الذي أعلنته قيرغيزيا بديلا لتسمية القواعد العسكرية، حفاظا على علاقاتها مع روسيا التي سبق ووعدتها بالدعم والقروض المالية. وهناك من يشير إلى ان مشاركة رئيس قيرغيزيا في أعمال قمة بلدان الكومنولث تستهدف في الأساس اللقاء مع الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف على هامش أعمال هذه القمة لمناقشة أسباب تأخير القرض المالي وقيمته 1.7 مليار دولار الذي سبق ووعدت به موسكو قيرغيزيا في حال إلغاء اتفاقها مع الولايات المتحدة حول تأجير قاعدة «ماناس» الجوية. وكانت قيرغيزيا نقضت اتفاقها مع موسكو بعد أن وافقت على السماح للقوات الأميركية باستخدام قاعدة «ماناس» كمركز تدريب وعبور للقوات الأميركية الى أفغانستان في الوقت الذي تجد فيه للاتفاق مع بلدان الناتو كل على حدة حول شروط وجود قواتها على أسس متشابهة مع الشروط التي وضعتها للقوات الأميركية. كما ان هناك ما يشير إلى أن قيرغيزيا عادت إلى نثر العراقيل على طريق تنفيذ الاتفاق حول تأجير قاعدة ثانية لروسيا جنوبي البلاد الذي بادرت بعقده ترضيه لها بعد اتفاقها مع واشنطن، وهو ما أثار حفيظة أوزبكستان المجاورة. وتبقى مولدوفا التي يبدو أن قيادتها الجديدة المستفيد الأول من انعقاد القمة على أرضها بعد تولي القيادة الجديدة التي تريد مد جسور الود مع روسيا في أعقاب رحيل الشيوعيين، وإن أعلنت صراحة عن توجهاتها الموالية للغرب. أما عن أذربيجان وأرمينيا فإن حضورهما القمة يبدو كمحاولة من جانب الطرفين لمواصلة مناقشة المسائل المتعلقة بحل مشكلة قره باغ المتنازع عليها منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي. لكن أحدا لا يتوقع توصلهما إلى اتفاق لأسباب تعود إلى مخاوف الرئيس الأرمني سيرج سرجاسيان الذي تتهمه المعارضة بالتنازل أمام تركيا من تكرار نفس الاتهامات في حال موافقته على الحلول الوسط مع أذربيجان بإعادة الأراضي الأذربيجانية التي تحتلها أرمينيا منذ مطلع تسعينات القرن الماضي رغم إصرارها على عدم الاعتراف بانفصال قره باغ.