اليمن: الحوثيون يفشلون للمرة الثانية في الاستيلاء على القصر الجمهوري في صعدة

تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وتقديرات القتلى زهاء 150

فتيات نازحات في أحد معسكرات النزوح في شمال غربي اليمن (أ.ف.ب)
TT

فشل الحوثيون في اليمن، أمس، في محاولة للاستيلاء على القصر الجمهوري في مدينة صعدة، هي الثانية في غضون شهر. وقالت مصادر محلية في صعدة إن مئات المسلحين الحوثيين هاجموا فجر الجمعة القصر في محاولة لإسقاطه والاستيلاء عليه، وإن الهجوم جاء من اتجاه منطقة المقاش في ضواحي المدينة.

وأكدت المصادر أن الجيش اليمني تمكن من صد الهجوم الكبير، بعد معارك ضارية وعنيفة، وأن المهاجمين تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، حيث يقدر عدد قتلاهم بزهاء 150 شخصا.

وهذه هي المرة الثانية التي يحاول فيها الحوثيون الاستيلاء على القصر الجمهوري في صعدة، بعد الهجوم الأول، والفاشل، الذي وقع صبيحة عيد الفطر الماضي، مع استمرار قصفهم المتقطع للقصر ومحيطه خلال الفترة الماضية.

وروى لـ«الشرق الأوسط» أحد الجنود الجرحى العائدين من مناطق الحرب، تفاصيل مثيرة حول الهجوم الأول، حيث يقول الجندي «ج.م.ع»، إن الحوثيين استغلوا إعلان الهدنة وقاموا عند الفجر بهجومهم الكبير الذي نفذته ثلاث مجموعات من المهاجمين، لتحقيق الهدف، وفي حال اندحرت المجموعة الأولى، تتمكن المجموعة الثانية من مواصلة التقدم.

وذكر الجندي الجريح، وهو سائق دبابة، إن الحوثيين استخدموا في الهجوم أطقم عسكرية وعربة «بي إم بي» وسيارات مدنية، مؤكدا القصف المدفعي وبالكاتيوشا، هو ما أفشل الهجوم، وأجبرهم على الانسحاب، وأن الخسائر البشرية في صفوف الحوثيين كانت كبيرة، خصوصا أن القوة الحامية للقصر هي من تصدت للدفعة الأولى من المهاجمين، وعلى الرغم من نفي الحوثيين آنذاك تنفيذهم للهجوم، فإنه يقول: «شاهدناه».

وأصيب هذا الجندي الذي التقته «الشرق الأوسط» في صنعاء، بكسر في يده اليسرى أثناء انفجار لغم أرضي في الدبابة التي كان يقودها، والتي لم تدمر، ولكنها قوة الانفجار أدت إلى إصابات لمن بداخلها.

وعن الألغام التي يستخدمها الحوثيون، يقول سائق الدبابة إنها جميعا مصنعة محليا، وإن أغلبها تستخدم في تصنيعها أسطوانات الغاز، مشيرا إلى أن الحوثيين استفادوا من بقايا الأسلحة المدمرة والقذائف والصواريخ في الحروب الخمس الماضية، ليقوموا بالاستفادة منها، وتحديدا الصواريخ التي لا تدمر كليا.

على ذات الصعيد الميداني، أيضا، أعلن الحوثيون، أمس، استيلاءهم على مواقع «واسط السوداء والأكحل» في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، واعتبروا في بيان صادر عنهم، أن تلك المواقع «استراتيجية»، ولأنها تربط بين «منطقة العمشية بحرف سفيان»، مشيرين إلى أن المنطقة أصبحت «خالية تماما من أي وجود عسكري»، بعد الاستيلاء على الموقعين و«على ما فيهما من العتاد والسلاح والمدفعية، وكذلك أجهزة الاتصالات العسكرية».

وسخر البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، من الإعلانات الرسمية للجيش اليمني حول مقتل وجرح المئات من الحوثيين، معتبرا ذلك «تصديرا للأوهام والأكاذيب على المجتمع كتغطية للفشل الميداني». وقال بيان الحوثي إن أكثر من 70 موقعا عسكريا تمت السيطرة عليها منذ بداية الحرب وحتى اليوم، وإحراق 136 آلية عسكرية، موزعة بين «دبابات وعربات (بي إم بي)».

وقال الجيش اليمني، أمس، إنه ألقى القبض على ثلاثة أشخاص ينتمون لإحدى دول القرن الأفريقي، في منطقة غراز بمحافظة صعدة، وإنه يشتبه في علاقتهم بـ«عناصر الإرهاب والتخريب»، حيث يجري حاليا التحقيق معهم لمعرفة أسباب وجودهم في المنطقة، وإن كانوا مقاتلين إلى جانب الحوثيين أو يقدمون لهم نوعا من الدعم، وتحدث بيان للجيش عن تدمير عدة سيارات كانت تحمل أسلحة ومؤنا «لعناصر الإرهاب» على طريق محافظة الجوف.

وتشدد السلطات اليمنية من إجراءاتها الأمنية وعمليات التفتيش للسيارات والشاحنات المتجهة نحو شمال البلاد، وذلك في محاولة لمنع وصول أي إمدادات من المواد الغذائية والوقود إلى المتمردين في مناطق القتال، خصوصا بعد ضبط، اليومين الماضيين، سيارات محملة بكميات من البارود وأسطوانات الغاز والأدوية، التي غطيت بمواد غذائية وفواكه وخضراوات.

وفي الوقت الذي تراهن السلطات اليمنية على هذه الخطوات والإجراءات الأمنية في الحد بصورة كبيرة من حصول المتمردين على المؤن والوقود، فإن مسألة صمود الحوثيين في الحرب والإمكانيات التي يملكونها للصمود، وكذا الأسلحة وغيرها، تظل من التساؤلات التي تطرح في الشارع اليمني بصورة دائمة من دون أن تجد إصابة حتى اللحظة، وعلى الرغم مما يشبه الإجماع على أن إيران تقدم الدعم للحوثيين، فإن مسألة وصول هذا الدعم إلى صعدة البعيدة عن المنافذ البحرية، هي محل التساؤل.