مستشار الرئيس السوداني في أنجمينا لإجراء مشاورات لتطبيع العلاقات المتوترة

وزير الإعلام التشادي: مفاتيح عودة العلاقات بيد الخرطوم

TT

فجأة طار إلى العاصمة التشادية أنجمينا الدكتور غازي صلاح الدين، مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور في الحكومة، لإجراء مباحثات مع الرئيس التشادي إدريس ديبي، لإنهاء التوتر بين البلدين، فيما أعلن أن المبعوث الأميركي إلى السودان أسكوت غرايشن، الموجود الآن في العاصمة الليبية طرابلس، تولى طرح خطة «أميركية ـ ليبية» لتوحيد رؤى مجموعة من الفصائل الدارفورية المسلحة، قبل مفاوضات الدوحة لسلام دارفور المقرر لها نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

ووصفت مصادر في الخرطوم زيارة صلاح الدين إلى أنجمينا بأنها تمثل بادرة حسن نوايا سودانية تجاه تشاد، وقالت إن الزيارة بهدف إجراء مشاورات بين الخرطوم وأنجمينا لإنهاء التوتر بين البلدين قبيل استئناف مفاوضات الدوحة بين الحكومة والفصائل المسلحة نهاية الشهر الحالي، وأضافت أن الخلاف بين السودان وتشاد ليس عميقا، حسب تعبيره.

وحسب المصادر، فإن المعارضة في البلدين والاتهامات المتبادلة بدعم كل طرف للمعارضة هي السبب الرئيسي في توتر العلاقات، ولم تستبعد المصادر أن توفد أنجمينا عقب عودة د. غازي مسؤولا للخرطوم خلال الأسبوع الحالي لبحث إمكانية عقد قمة تشادية تجمع الرئيس عمر البشير ونظيره ديبي.

وقال السفير السوداني لدى تشاد عبد الله الشيخ لـ«الشرق الأوسط» إن العتباني حمل رسالة من الرئيس السوداني عمر البشير إلى نظيره التشادي إدريس ديبي، وأضاف أن مستشار البشير دخل في اجتماع مطول مع ديبي فور وصوله أنجمينا، أعقبها جلسة أخرى للمسؤولين من البلدين، مشيرا إلى أن الوفد السوداني تم استقباله بحفاوة كبيرة، معتبرا أن الزيارة ستدفع بتطبيع العلاقات بين البلدين، لأن الجانبين أجريا حوارا صريحا وشفافا لإنهاء التوتر الذي بدأ منذ العام.

من جهته قال وزير الإعلام التشادي محمد حسين مرسال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة بلاده لم تتلق مكتوبا رسميا يفيد بوصول الوفد السوداني، وأضاف أن المفاتيح في يد الخرطوم إن أرادت صلحا أو حربا، وقال «الخرطوم تبدأ الدعاية الدبلوماسية ثم تقوم في الوقت ذاته بتقديم السلاح للمرتزقة لغزو أنجمينا، وهكذا تعودنا من الحكومة السودانية»، وتابع «نحن من جهتنا لم نرفض أي اتفاق مع السودان غير أنها دائما تبدأ في العداء» من جهة أخرى كشفت مصادر في أنجمينا لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة العتباني تهدف إلى إجراء مشاورات بين بلاده والحكومة التشادية لإنهاء التوتر بين البلدين، وأضافت أن الزيارة تأتي قبل أن يتم استئناف مفاوضات الدوحة بين الحكومة والفصائل المسلحة نهاية الشهر الحالي، واعتبرت أن أنجمينا لها دور في حث الحركات المسلحة في دارفور بالدخول إلى المفاوضات وقالت المصادر، إن زيارة العتباني ستليها زيارة مماثلة لوفد تشادي يقوده وزير الخارجية التشادي موسى فكي، إلى الخرطوم لمواصلة المحادثات الثنائية بين البلدين، لكنها لم تحدد موعد زيارة المسؤول التشادي، وأضافت أن العتباني كان قد شكا إلى المبعوث الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن، من أن أنجمينا تحشد القوات على الحدود، وأن القوات تابعة إلى حركة العدل والمساواة، وأن العتباني طلب من غرايشن، عندما التقاه في العاصمة الروسية موسكو خلال الندوة العلمية التي استضافتها حول السودان، التدخل لوقف العدائيات بين البلدين. وفي طرابلس الليبية، تولى المبعوث الأميركي إلى السودان اسكوت غرايشن، طرح خطة أميركية ـ ليبية لتوحيد رؤى الفصائل الدارفورية، التي أعلنت اندماجها بطرابلس، كخطوة تمهيدية تسبق مفوضات السلام حول دارفور في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة أكبر عدد ممكن من فصائل دارفور، حسب ما يردد الوسطاء.

وقالت مصادر مطلعة إن حركات دارفورية اتفقت في ختام مباحثاتها في طرابلس، بمشاركة المبعوثين الأميركي والليبي، على ضرورة عقد المؤتمر بتمويل أميركي لاختيار قيادة موحدة، لتتجه بعده الحركات إلى الدوحة بمواقف مشتركة لخوض جولة التفاوض.

وقال المبعوث الأميركي غرايشن، إن الإدارة الأميركية حددت مهمته بضرورة حل أزمة دارفور عبر الحوار، وقال لممثلي الحركات، إن هناك خيارين الحرب أو السلام، داعيا إلى ضرورة المفاوضات. وقال القيادي بجبهة القوى الثورية محجوب حسين، إن المباحثات بين الحركات والمبعوثين الأميركي والليبي وأوصت بضرورة عقد مؤتمر بمنطقة الكفرة الليبية خلال أسبوعين بتمويل من ليبيا.

وفي جنوب السودان، أعلن جمعة علي، محافظ مقاطعة «تركاكا»، مقتل 43 شخصا في نزاع قبلي بين قبيلتي «المنداري ودينكا بور»، منهم 21 شخصا من «المنداري»، فيما قتل 17 «من دينكا بور»، و5 من جنود الجيش الشعبي. وقال إن نحو 20 قرية في ولاية جونقلي احترقت وتحولت إلى رماد، نزح أكثر من 4 آلاف شخص معظمهم من النساء والأطفال والمسنين من ديارهم، بسبب تواصل الاشتباكات لأيام حتى يوم أمس على التوالي بين مسلحين من قبيلتي «المنداري ودينكا بور» في المنطقة. وقالت مصادر مطلعة إن سبب القتال مشادة بين أحد المزارعين من «المنداري» ومربي الماشية من «دينكا بور»، الذين دخلوا إلى مزرعته.

في السياق، توقع تقرير إستراتيجي أميركي حدوث انفجار جديد بجنوب السودان، وقال التقرير إن أزمة دارفور والحرب بين الشمال والجنوب على مدى عشرين عاما حصدت أكثر من مليون ونصف المليون شخص، وقد يأتي الأسوأ، حسب التقرير. أعد التقرير الباحث الأميركي المتخصص في شؤون السودان جون برندرغاست، وجاء بعنوان: «تجنب حرب شاملة في السودان، الحاجة الملحة لإستراتيجية أميركية مختلفة»، وقال إن الصراع في دارفور، وتزايد العنف على نحو سريع في الجنوب وتوترات المناطق الثلاث، وحالة عدم الرضا المتزايدة في الشرق، كلها مؤشرات تحذر من صراع واسع في الحاضر. وحذر من وقوع حرب أهلية جديدة في ظل الاستفتاء المرتقب في الجنوب. وأضاف: على الرغم من الهدوء النسبي في أعمال العنف مؤخرا، لا يزال الملايين من الناس غير قادرين على العودة إلى أوطانهم. ويشير التقرير إلى أن حالة الهدوء النسبي التي تشهدها دارفور تعود بصورة أساسية إلى تحول اهتمام المؤتمر الوطني عن دارفور إلى الجنوب.