كيف يكتب الإسلاميون في السجون؟

عبود وطارق الزمر أصدرا أخيرا وثيقتهما «البديل الثالث»

TT

سبقهما العشرات في إصدار كتب من داخل محبسهم عبر نضال مرير تخرج الأفكار من السجون إلى صفحات الصحف وإلى المطابع ليتم تسطيرها في كتب يتم نشرها لعامة الناس للاطلاع عليها.. هذا ما أكدته تجارب المسجونين السياسيين في شتى العصور.. وإذا تمكنت السلطات في أي مكان بالعالم من أن تسجن مفكراً أو سياسيا فإنها قطعا لم تستطع أن تحبس أفكاراً داخل الأسوار.. وأخيرا ظهر العديد من الكتابات المنشورة والمراجعات في الصحف المطبوعة في كتب لسياسيين ما زالوا في السجن.. وكانت وثيقة «البديل الثالث» لابني العم عبود وطارق الزمر آخر ما تم نشره في هذا الإطار وتتضمن موقفهما من القضايا المعاصرة.

ويبقى السؤال كيف تؤلف كتاباً في السجن؟.. ما مدى توفر أدوات البحث والاطلاع مثل المراجع والكتب والأوراق والأقلام؟.. كيف تتم عملية الكتابة ذاتها؟ هل بالوضع جالسا، أم واقفاً.. أم أن هناك مكتبا وكرسيا يجلس عليه السجين الباحث.. لإنجاز مهمته؟.

«الشرق الأوسط» طرحت السؤال على المحامي نزار غراب محامي عبود وطارق الزمر فتحدث عن اللوائح والقوانين التي تحكم السجين داخل محبسه، مشددا على أنه من حق كل سجين أن يتمكن من القراءة، والكتابة، وأن يتم توفير الكتب والأوراق والأقلام وتمكينه من الكتابة.. كل هذه حقوق منصوص عليها في لوائح السجون.. لكنها تُطَبَق «انتقائياً».. وأضاف معلقاً «إنها حقوق تستخدمها السلطات للضغط على السجين السياسي».

وقال «من المعروف أن أي سجين سياسي لديه أيديولوجية.. وهو شخص محارب بطبعه من أجل أيديولوجيته وما يؤمن به من أفكار.. وسيستخدم كل الوسائل للتعبير عن تلك الأيديولوجية، والدفاع عنها بالوسائل القانونية وغيرها، لأنه إذا كان السجين محبوسا داخل أسوار محبسه، فإن الأفكار لا يمكن حبسها، كما أن السجين لا يتردد في استخدام أي وسيلة متاحة له داخل السجن، حتى أدوات الطعام والشراب وأي شيء يمكن أن يصل إلى يديه حتى لو كان ورقة ملقاة على أرضية السجن، أو حتى جريدة قديمة.. وعلى هذا النمط يعمل عبود وطارق الزمر..

وأشار المحامي نزار غراب إلى النضال القانوني المرير ضد سلطات السجن وسلطات الجامعة حتى تمكن من تسجيل رسالته للدكتوراه عبر حكم قضائي، وبعد ذلك إنجازها من دون أن يذهب إلى مكتبة الجامعة، أو أن يتوفر له أدوات بحث كافية.. ولذلك أقول إن جامعة القاهرة لم تعطه درجة الدكتوراه عن «طيب خاطر»، أو التزماً بحق طبيعي تمنحه له القوانين المعمول بها في البلاد..

أشار غراب إلى أن أهم ما صدر عن عبود وطارق الزمر، من كتابات كان في ظل أكثر الأوقات تشديدا.. وفي ظل الأزمة التي نتجت عن واقعة «الهروب الكبير» التي نفذها السجين عصام القمري عام 1988 وقد نفذها بأدوات بسيطة تمكن بها من كسر حديد شبابيك واختراق حواجز لا حدود لها حتى هرب من السجن.. لقد أصدر عبود وطارق الزمر في تلك الفترة وثيقتهما (معركة السلام والعلمانية).. حتى خالد الإسلامبولي قاتل السادات وكان مسجوناً تحت ظروف بالغة الصرامة، لكنه رغم ذلك تمكن من تسريب رسائل لعائلته، تضمنت وصايا وأشياء وغيرها مما أراد توصيله خارج السجن.

. ولذلك أقول إن السجين السياسي لا تحده حدود حتى لو كانت أسوار السجن العالية.. وهناك العديد من الوقائع لعشرات المسجونين من كافة التيارات السياسية.

ويعد ابنا العم عبود وطارق الزمر من أقدم السجناء في العالم..، أم يكونا الأقدم على الإطلاق، حيث يقضيان حكما بالسجن المؤبد منذ عام 1981، حيث أدينا في قضيتي اغتيال السادات، والجهاد الكبرى، ويخوضان منذ عدة سنوات نضالا قانونيا ضد السلطات المختصة بغرض إطلاقهما من السجن بعد أن قضيا به 28 عاماً، ويعتقد محاميهما نزار غراب أن الأمر رهين بظروف سياسية تسمح بخروجهما من السجن، حيث إنهما وفقاً للقانون قضيا مدة عقوبتيهما.