الرئيس البولندي يوقع على معاهدة لشبونة.. واعتمادها ينتظر مصادقة تشيكيا

تزايد المعارضة لاختيار بلير لرئاسة الاتحاد الأوروبي والحرب على العراق أهم الأسباب

الرئيس البولندي يحمل ورقة توقيع بلاده على اتفاقية لشبونة بعد التوقيع عليها (أ.ب)
TT

وقع الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي أمس على معاهدة لشبونة، متوجا عملية مصادقة بلاده على هذه المعاهدة، لتصبح بذلك تشيكيا البلد الوحيد من بين بلدان الاتحاد الـ27 التي لم توقع بعد على المعاهدة. وقال كاتشينسكي خلال حفل التوقيع الذي أقيم في القصر الرئاسي في وارسو، إن «تغير موقف الشعب الايرلندي أعاد الروح إلى المعاهدة ولم تعد هناك من عوائق أمام المصادقة عليها». وأضاف: «هذا اليوم هو يوم بالغ الأهمية لتاريخ بولندا والاتحاد الأوروبي». وكانت ايرلندا قد صوتت على تمرير المعاهدة في استفتاء شعبي الأسبوع الماضي، بعد أن تسبب رفض الشعب الايرلندي للمعاهدة في استفتاء أول في عام 2008، بأزمة لدى الاتحاد الأوروبي الذي يشترط موافقة الدول الـ27 لاعتماد المعاهدة التي تهدف إلى تعزيز آليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي.

وحضر مراسم التوقيع في بولندا أمس، رئيس الوزراء السويدي فريدريد راينفيلت ورئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو. وكان البرلمان البولندي قد وافق على المعاهدة في أبريل (نيسان) الماضي غير أن الرئيس البولندي أرجأ التصديق عليها انتظارا لاستفتاء الشعب الأيرلندي عليها.

وبانتظار أن توقع تشيكيا التي تشترط عدم الانضمام الى ميثاق للحقوق الأساسية للتوقيع على المعاهدة، قدمت دول البينلوكس، أي هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، للرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي التي تتولاها السويد، تصورا حول شخصية الرئيس القادم للاتحاد الأوروبي، وهو المنصب الذي تنص عليه معاهدة لشبونة لإصلاح المؤسسات الاتحادية الأوروبية.

ويعتبر رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير ابرز المرشحين لشغل المنصب، إلا أن معارضة ترشيحه للمنصب تزداد من جانب بعض الدول الأعضاء في الاتحاد. ورسمت دول البينلوكس صورة للرئيس القادم للاتحاد الأوروبي، حيث يجب أن يحتل هذا المنصب الرفيع رئيس وزراء سابق أو رئيس دولة سابق. ووفقا لهذا التصور، فإن الرئيس المقبل يجب أن تكون له خبرة واسعة في المجلس الأوروبي، وأن يكون ذا وزن سياسي دولي كبير، وأن يكون أو تكون من أنصار الاتحاد الأوروبي، لكن عليه أن يكون مستعدا للإنصات إلى رؤساء الدول في الاتحاد.

وفي مقال نشرته إحدى الصحف الألمانية، أعلن وزير خارجية لكسمبورغ جان اسلبورن، ان بلاده تعارض بشكل صريح تعيين رئيس الحكومة البريطانية السابق في منصب أول رئيس للاتحاد، لأنه بحسب رأيه لا يمتلك القدرة على توحيد الصفوف الأوروبية لا على الصعيد الداخلي ولا على الصعيد الخارجي. وأضاف اسلبورن الذي يعدّ احد أقدم وزراء الخارجية الأوروبيين حاليا في هذا المقال الذي أثار ردود فعل واسعة في بروكسل، ان بلير تسبب في إحداث انشقاقات خطيرة داخل الاتحاد الأوروبي أكثر مما أسهم في رص صفوف الأوروبيين.

وعارضت لوكسمبورغ في عام 2003 الحرب الأميركية البريطانية ضد العراق بقوة إلى جانب ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، مما تسبب في انقسامات أوروبية جوهرية لا تزال تداعياتها تلقي بثقلها على العمل الأوروبي. ويرى رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو في إشارة إلى طموحات بلير، ان الرئيس المقبل للاتحاد الأوروبي يجب أن يكون ذا دور محدود ومتواضع، وأن لا يسعى إلى الاستحواذ على السلطة التي تعود إلى المؤسسات الأوروبية الأخرى.

ويعقد قادة التكتل الأوروبي السبعة والعشرون اجتماعا على مستوى القمة يومي 29 و30 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في بروكسل، لبحث مسألة اقتسام مواقع النفوذ والمناصب الرئيسة.

وأمام تعثر المصادقة على اتفاقية لشبونة في جمهورية التشيك طالبت الرئاسة الدورية السويدية من منسق السياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا البقاء في منصبه إلى ما بعد انتهاء فترة ولايته الثانية يوم 17 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

ويجري حاليا تداول العديد من الأسماء لمنصب رئيس الاتحاد الأوروبي المقبل، إضافة إلى توني بلير. ومن بين هذه الأسماء رئيس فنلندا السابق بافو ليبونان، ورئيس الحكومة البلجيكية الأسبق غي فورهفستاد الذي كانت بريطانيا أحبطت تعيينه على رأس المفوضية عام 2004 بسبب وقوفه ضد الحرب على العراق، ورئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بلكينيندا طرح اسمه لشغل هذا المنصب. فخلال النقاشات مؤخرا حول الميزانية انتقدت المعارضة اقتراح بلكينيندا الذي قال فيه انه يفكر كثيرا في شغل هذا المنصب، أكثر من تفكيره في منصبه الحالي، كرئيس لوزراء هولندا. وكان موقع معلومات الاتحاد الأوروبي قد اقتبس تصريحات لمصادر هولندية مطلعة في بروكسل، من دون أن يذكرها بالاسم، تقول، إن بالكينيندا «يرغب في المنصب بكل تأكيد»، وأنه يقود «حملة ضغط بارعة» ليترشح للمنصب. ووفقا للموقع المذكور، فإنه يمكنه الاعتماد على دعم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ومع ذلك، فقد نفى بلكينيندا أنه يريد الترشح للمنصب.

وهناك أسماء أخرى لا تزال قيد الدرس، وهما رئيسا حكومة في بلدين آخرين، سيتم تقديهما كمرشحين للمنصب إلى جانب بلكينيندا، وهما رئيس وزراء اللكوسمبورغ جان كلود جانكر، ورئيس وزراء بلجيكا هيرمان فان رومبوي. وسبق أن أعلنت مجموعة حزب الخضر داخل البرلمان الأوروبي رفضها القاطع لتعيين توني بلير، وقالت مجموعة الخضر في بيان لها في بروكسل، ان تعيين بلير في هذا المنصب سيوجه ضربة خطيرة للاتحاد الأوروبي ويشق صفوفه مثلما حصل إبان وقوف بلير الى جانب الحرب ضد العراق في ربيع عام 2003. وأكدت مجموعة الخضر الأوروبية، على فشل بلير التام كمبعوث للرباعية الدولية في الشرق الأوسط في تحقيق أي ثغرة في ملف السلام.

وجاء ذلك بعد إعلان البارونة غلينيس كينوك وزيرة الدولة البريطانية لشؤون أوروبا أن بلادها رشّحت بلير لمنصب رئيس الاتحاد الأوروبي. ونسبت هيئة الإذاعة البريطانية إلى البارونة كينوك، قولها إن حكومة المملكة المتحدة ناقشت القضية مع بلير وتدعم توليه المنصب الأقوى في الاتحاد الأوروبي. وأضافت أن بلير يمتلك قوة الشخصية وكافة المزايا المطلوبة لمنصب رئيس الاتحاد الأوروبي، والناس تعرف جيداً أن بإمكانه التكيف مع المنصب المقترح بمنتهى الاحترام. وكانت تقارير إعلامية كشفت مؤخراً عن أن بلير الذي يشغل حالياً منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، برز من جديد كمرشح محتمل لتولي منصب رئيس الاتحاد الأوروبي، بعدما عززت الأزمات التي شهدها الأخير، الأصوات المطالبة بتعيين شخصية أوروبية رفيعة تتمتع بتأثير دولي. وقالت التقارير إن الاعتراضات السابقة على ترشيح بلير للمنصب، مثل علاقته القوية بالرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وفشل حكومته في اعتماد العملة الأوروبية الموحدة (يورو)، والانخراط بصورة أكبر مع سياسات الاتحاد الأوروبي، بدأت تتلاشى مع تزايد الاعتراف بأن رئيس الوزراء البريطاني السابق، شخصية قل نظيرها في السياسة الأوروبية على الساحة الدولية.