إيران تعلن قيامها بتخصيب اليورانيوم لمفاعلها للأبحاث إذا لم تزودها به دولة ثالثة

غول: التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني «إيجابية تماما»

TT

أكدت إيران أمس أنها ستقوم بنفسها بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% المطلوبة لمفاعل الأبحاث في طهران، في حال فشلت المحادثات بشأن التوصل إلى اتفاق يوكل إلى دولة ثالثة القيام بذلك. والاتفاق إذا لو تم سيتيح تحقيق مراقبة أفضل لمخزون اليورانيوم المخصب في إيران الذي يشكل مصدر قلق الغربيين وإسرائيل الذين يخشون من استخدام طهران له لتصنيع السلاح الذري، وهو ما تنفيه إيران.

وفي الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، اتفقت إيران والدول الست الكبرى على مبدأ قيام إيران بتسليم جزء من اليورانيوم المخصب بنسبة تقل عن 5% إلى دولة ثالثة للحصول في المقابل على اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لمفاعلها للأبحاث في طهران الخاضع كليا لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال علي شيرزديان المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لوكالة الأنباء الطلابية «سنكتب رسالة نعلن فيها للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران ستقوم بما يلزم من أجل توفير الوقود اللازم لمفاعل طهران». وكان شيرزديان يرد على أسئلة الوكالة بشأن ما قد تقوم به طهران في حال فشل التوصل إلى اتفاق دولي حول التخصيب. وأضاف إن إيران تفضل شراء اليورانيوم المخصب لمفاعل طهران من الخارج لأسباب اقتصادية.

وسيتم بحث هذه المسألة في التاسع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) في اجتماع جديد في فيينا، ستشارك فيه إيران وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا. وأضاف شيرزديان أن «إيران تملك كل التكنولوجيا للتخصيب، وبالتالي فإنها ستجلس إلى طاولة المفاوضات مع وسيلة ضغط»، مضيفا أن بلاده تفضل «شراء الوقود بالجملة لمفاعل طهران لأنه أكثر توفيرا».

ورأى أن المفاعل بحاجة إلى 200 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. وفي السابع من أكتوبر، أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده «ستشتري هذا الوقود من أي دولة تكون على استعداد لبيعه. وقد تكون الولايات المتحدة بالذات إحدى هذه الدول».

وأضاف شيرازديان «في حال تم التوصل إلى اتفاق في فيينا ولم يوضع موضع التطبيق لسبب أو لآخر، فإن الوكالة أو الدولة التي ستخل به ستلقى اللوم». وأعرب عن الأمل في أن لا تعرقل الولايات المتحدة مثل هذا الاتفاق. وقال «إذا أرادت الولايات المتحدة عرقلته، فالقضية عندئذ لن تكون بين إيران والوكالة وإنما بين الوكالة والولايات المتحدة»، معتبرا أن الوكالة ستكون في هذه الحال مسؤولة عن معالجة هذه المسألة وستتكفل إيران بتخصيب اليورانيوم بنفسها. وبحسب خبراء، فإن إيران تملك ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة دون 5% مما يسمح لها بتصنيع قنبلة ذرية في حال دفعت مستوى التخصيب إلى أكثر من 90%.

وبرأي مسؤول أميركي، فإن اتفاقا قد يحصل لكي تقوم إيران بإرسال اليورانيوم إلى روسيا التي تقوم بدورها بتخصيبه إلى نسبة 20% قبل أن تحوله فرنسا إلى وقود لمفاعل الأبحاث في طهران.

وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي المنتهية ولايته، أثناء زيارة لإيران الأسبوع الماضي، إن «هذا المفاعل مخصص لإنتاج نظير مشع (ايزوتوب) طبي لمرضى مصابين بالسرطان».

وأثناء الاجتماع في جنيف بين إيران والدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا)، وافقت طهران أيضا على زيارة موقع تخصيب اليورانيوم الجديد قرب مدينة قم جنوب طهران في 25 أكتوبر الجاري. وبعد هذا الاجتماع الذي وصفته كل الأطراف بأنه إيجابي، أبقى الرئيس الأميركي باراك أوباما التهديد بفرض عقوبات في حال لم تتخذ طهران سريعا إجراءات «ملموسة» بعد هذه المحادثات.

ويأتي ذلك فيما أعلن الرئيس التركي عبد الله غل في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية، أن قبول طهران بإجراء عمليات تفتيش جديدة لبرنامجها النووي يشكل تطورا «إيجابيا تماما»، محذرا في الوقت عينه من أي توتير للأوضاع.

وقال غل في مقابلة مع ثلاث وسائل إعلام فرنسية هي «تي.في.5 موند» و«ار.اف.ايه» و«لوموند» تبث اليوم إن «التطورات الأخيرة إيجابية تماما: إيران وافقت على فتح حدودها أمام عمليات تفتيش جديدة تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي لن تعرقل عمليات التفتيش هذه». وأضاف الرئيس التركي، الذي قام يومي الخميس والجمعة بزيارة لفرنسا، «إذا تصرف البعض كما حصل إبان حرب العراق، فخطر حصول أخطاء كثيرة كبير». وأوضح أنه «قبل حرب العراق كانت هناك تصريحات مفادها أن العراق كان على وشك حيازة السلاح النووي، وبعدها رأينا كيف أن هذا لم يكن سوى دعاية». وردا على سؤال حول احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية وقائية إلى إيران، أكد غل أنه «إذا حصل هذا الأمر، فسيكون غلطة كبيرة جدا، وسنكون عندها في وضع لا يمكن حله». وأضاف «أعتقد أنه يجب عدم ارتكاب هذا النوع من الأخطاء، وأقولها علنا».

ولم تستبعد إسرائيل، ولا الولايات المتحدة، الخيار العسكري للقضاء على الخطر الذي يمثله بالنسبة إليهما البرنامج النووي الإيراني، الذي يؤكد الغرب أن طهران تسعى خلف ستاره المدني إلى حيازة القنبلة الذرية. وعمدت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، إلى تحسين علاقاتها مع جارتها إيران بشكل لافت، وعرضت بذل مساعيها الحميدة من أجل حل أزمة الملف النووي.

وفي واشنطن أصدر مجلس النواب الأميركي ليل أول من أمس، قرارا يطلب من الرئيس الأميركي رفع تقرير بحلول 31 يناير (كانون الثاني) حول سير العملية الدبلوماسية التي بدأت مع إيران بشأن ملفها النووي. وبموجب النص المدرج ضمن موازنة الدفاع لعام 2010، طلب النواب من الرئيس «تقديم تقرير إلى الكونغرس في 31 يناير 2010 على أبعد تقدير حول المحادثات الأميركية» مع إيران. وينص القرار الذي ما زال ينبغي أن يحصل على موافقة مجلس الشيوخ، على تشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية إذا «لم تقبل عرض الولايات المتحدة بالانخراط في محادثات» ورفضت «تعليق جميع نشاطاتها المرتبطة بالتخصيب وإعادة معالجة» اليورانيوم وإذا «رفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إقرار عقوبات إضافية» بحقها.

كما يطالب النص وزير الدفاع روبرت غيتس بـ«رفع تقرير سنوي إلى الكونغرس حول الاستراتيجية العسكرية الحالية والمستقبلية للجمهورية الإسلامية الإيرانية».

وأعلن السناتور الديمقراطي كريستوفر دود الثلاثاء، أنه يؤيد تشديد الضغوط على طهران وكشف أنه يعمل على صياغة «قانون عقوبات متكامل» سيكشف عنه لاحقا هذا الأسبوع. وقال «إنني ملتزم بأن يزود الكونغرس الرئيس أوباما بكل الأدوات التي يحتاج إليها لمواجهة المخاطر التي تطرحها إيران».

ومن الإجراءات التي ينص عليها مشروع القانون هذا تشديد العقوبات المتخذة في 1996 بحق مجموعة من الشركات والمؤسسات المالية التي توافق على التعاون مع طهران. وستستهدف العقوبات أيضا أنابيب النفط وأنابيب الغاز وعمليات النقل البحري للمحروقات. كما وستستهدف صادرات البنزين إلى إيران، وتُعاقب كل شركة تساعد إيران على حيازة القدرة على التكرير. ويسعى مشروع القانون أيضا إلى تعزيز إمكانية تجميد الأرصدة الإيرانية. وجاء هذا الدفع في اتجاه فرض عقوبات جديدة على إيران، بعد الكشف عن بناء مفاعل نووي سري ثان قرب قم بوسط إيران، وورود تقارير تفيد بأن إيران قد تكون أقرب مما يعتقد إلى حيازة سلاح نووي.