عباس يتهم حماس بالتهرب ويدافع عن تأجيل «غولدستون».. ومشعل يطالب بالمحاسبة

فتح ترفض تأجيل المصالحة وتهدد بإجراء انتخابات في مواعيدها

TT

هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة حماس واتهمها بالتهرب من اتفاق المصالحة، كما دافع عن قرار السلطة تأجيل التصويت على تقرير ريتشارد غولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة.

من جهته اتهم رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الجنرال الأميركي دايتون للقضاء على المقاومة، وشدد على أنه لا مصالحة دون الاتفاق على ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني. وفي غزة وصف إسماعيل هنية خطاب عباس بأنه يعكس «مأزق السلطة» الفلسطينية.

وفي نفس الوقت رفضت فتح طلب حماس من مصر تأجيل الموعد المقرر لتوقيع مصالحة في القاهرة، الذي كان مفترضا في 25 من هذا الشهر، وجاء هذا الموقف بعدما تسلمت فتح الورقة المصرية الجديدة التي لم تشمل تعديلات مهمة، ولكنها تضمنت شرحا لموقف حماس المطالب بالتأجيل.

وقال محمد المدني عضو اللجنة المركزية لفتح، لـ«الشرق الأوسط»، إن فتح تسلمت الورقة المصرية، «ونحن نرفض تأجيل موعد المصالحة»، وتساءل المدني: «لماذا نقبل التأجيل ما دام هناك اتفاق سابق؟».

وأوضح المدني، وهو مسؤول مفوضية الانتخابات في فتح، أن حركته لن تنتظر إلى ما بعد 25 من هذا الشهر، وهو الموعد الأخير لإصدار الرئيس عباس مرسوما رئاسيا بحسب الدستور يعلن فيه موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية.

وقال المدني: «إذا استمرت حماس في التهرب من استحقاق المصالحة فسنعلن في 25 من هذا الشهر إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في الـ25 من يناير (كانون الثاني) المقبل»، وهو موعد ترفضه حماس التي قالت إن أي انتخابات لن تجري قبل المصالحة. وكانت الورقة المصر تنص على توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية قبل الخامس والعشرين من هذا الشهر، وإرجاء الجلسة الاحتفالية.

وقال عباس في كلمة له في رام الله أمس إن السلطة تعمل بمثابرة لأداء استحقاق المصالحة وإنهاء الانقسام الذي تسبب فيه «الانقلاب الظلامي في قطاع غزة». وأضاف أن حل الأزمة لا يتم إلا عن طريق واحد وهو صناديق الاقتراع.

وأشار عباس إلى أن سبب الحملة التي يتعرض لها هو سعي حماس للتهرب من استحقاق المصالحة، وتكريس ما وصفها بالإمارة الظلامية في القطاع. كما دافع عباس عن قرار السلطة تأجيل التصويت على تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا إنه جاء بناء على توافق مختلف المجموعات «العربية والإسلامية والأفريقية وعدم الانحياز» التي تشكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمكون من 47 دولة.

وتحدث الرئيس عباس عن وجود ضغوط من أجل سحب التقرير من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، مذكرا بأن السلطة الفلسطينية صاغت مشروع قرار بشأن تقرير غولدستون وسعت لتقديمه للتصويت من طرف مجلس حقوق الإنسان، وأن السلطة هي أول من بادر بالاتصال بالمحكمة الجنائية الدولية. واستغرب عباس «الجدل الصاخب» حول إرجاء التصويت و«المهاترات التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق من طرف حماس وبعض وسائل الإعلام».

وفي المقابل أعلنت الرئاسة الفلسطينية أمس أنها تلقت تأكيدات من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدعم عقد جلسة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان لمناقشة تقرير ريتشارد غولدستون. وذكرت الرئاسة في بيان صحافي أن الرئيس محمود عباس تلقى اتصالات هاتفيا من كي مون الليلة قبل الماضية، أكد فيه دعمه لمعاودة مناقشة تقرير غولدستون الخاص بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في جلسة استثنائية، وكذلك دعم التقرير عند مناقشته في مجلس الأمن يوم الرابع عشر من الشهر الجاري.

وفي المقابل اتهم رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل فريق السلطة بالتعاون مع الجنرال الأميركي دايتون لكبح المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، متسائلا: «لماذا لا ينفي فريق السلطة الفلسطينية اتهامات (أفيغدور) ليبرمان (وزير خارجية إسرائيل) بتحريضها الاحتلال الصهيوني على حرب غزة؟».

واعتبر مشعل أن المصالحة تحتاج إلى آلية وتوقيت جديدين، داعيا إلى محاسبة القيادة الفلسطينية على سحب تقرير غولدستون من مجلس حقوق الإنسان، كما شدد في خطاب بدمشق أمام ملتقى الجولان الدولي على ضرورة أن يخضع القرار الفلسطيني لمرجعية وطنية أمينة على الحقوق والثوابت الفلسطينية.

ورهن مشعل تحقيق المصالحة بتوفر شرطين هما: ترتيب البيت الفلسطيني بناء على إرادة الشعب الفلسطيني واختياره دون تزوير، والتوافق على برنامج سياسي وطني وقرار وطني واحد. وقال إن حماس أرادت بالمصالحة «العمل على نزع الذريعة التي على أساسها تجوع غزة وتقمع الضفة الغربية»، كما شدد رئيس المكتب السياسي على أن المقاومة ستظل هي الخيار الاستراتيجي لحركة حماس، التي أكد أنها لن تفرط في الثوابت الفلسطينية من القدس وحق العودة والرفض للاستيطان.

ودعا العرب والمسلمين إلى أن يعيدوا النظر في استراتيجية التعامل مع «الكيان الصهيوني»، مشيرا إلى أنه «كلما خرجنا من مأزق أدخلنا فريق السلطة في مأزق آخر». وأشار مشعل إلى ضرورة أن تتغير قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي وصفها بـ«الهزيلة»، وأن تأتي قيادة جديدة «محافظة على الثوابت والمقاومة».

في كلمة خلال حفل استقبال في مقر الدفاع المدني في غزة، قال هنية إن «الخطاب (خطاب الرئيس محمود عباس) الذي استمعنا إليه يعكس طبيعة المأزق الذي تمر به سلطة رام الله بسبب الفضيحة والجريمة السياسية»، في إشارة إلى سحب تقرير غولدستون. ووصف هنية الخطاب بأنه «هابط حقيقة ولا يستحق كثيرا من شعبنا». وتابع: «إن مثل هذه الخطابات لا يعكس هموم الشعب الفلسطيني.. ولا يرقى إلى مستوى القضية». واتهم في خطابه الموجه إلى الشعب الفلسطيني في رام الله حركة حماس بـ«التهرب من استحقاقات المصالحة الفلسطينية». وقال: «ندرك أن حملة حركة حماس (حول تأجيل نقاش تقرير غولدستون) كشفت عن أهدافها (حماس) للتهرب من استحقاقات المصالحة الوطنية ولتكريس الإمارة الظلامية في قطاع غزة».