إقليم كردستان يهدد بوقف تصدير النفط ما لم تسدد بغداد مستحقات الشركات

وزير الموارد في أربيل قال إن استئناف العملية لن يتم إلا عبر دفعات مضمونة

TT

يبدو أن قضية شراء حكومة إقليم كردستان لأسهم شركة «دي إن أو» النرويجية العاملة في مجال تطوير بعض الحقول النفطية في إقليم كردستان، المثيرة للجدل، تمثل جانبا واحدا فقط من جوانب الصراع الدائر بين حكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني، الماضية في إبرام العقود النفطية مع الشركات الأجنبية، مؤكدة حقها في ذلك كون العقود سليمة من الناحية القانونية ومطابقة لأحكام الدستور العراقي ما دامت عائداتها تذهب إلى الخزانة المركزية للسلطات الاتحادية في بغداد، وتوزع من هناك على جميع محافظات البلاد، وبين وزارة النفط العراقية التي ترفض الاعتراف بتلك العقود وتعتبرها منافية للقوانين والدستور على اعتبار أنها أبرمت بغير علم الوزارة وموافقتها.

فقد أكد آشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم أن حكومته لن تستأنف تصدير النفط إلى الخارج من حقول الإقليم ما لم تدفع بغداد ما عليها من مستحقات مالية إلى الشركات الأجنبية التي تستثمر في حقول النفط والغاز في الإقليم. وهذا يعني ضمنا أن حكومة الإقليم ما برحت تواصل إيقاف تصدير النفط منذ 21 سبتمبر (أيلول) الماضي كنوع من العقوبة على شركة «دي إن أو»، التي أثارت ضجة بسبب الإعلان عن صفقة بيع أسهمها إلى وزير الموارد الطبيعية في الإقليم، كما تعني أيضا أن وزارة النفط والحكومة العراقية لم تكونا موافقتين على بدء عملية تصدير النفط من حقلي طقطق قرب أربيل وطاوكي قرب زاخو، عبر خط أنابيب النفط العراقي الممتد من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر الأبيض المتوسط، وذلك في 2 يونيو (حزيران) المنصرم بواقع 100 ألف برميل يوميا من قبل شركتي «دي إن أو» النرويجية و«كينال إينرجي» التركية، بخلاف ما أعلن في حينه عن موافقة الحكومة العراقية على ذلك.

وأضاف هورامي في بيان رسمي له من تسع صفحات نشر باللغة الإنجليزية على موقع شركة «دي إن أو» قبل أيام، ثم ترجم إلى العربية على الموقع الرسمي لحكومة إقليم كردستان، أن حكومته لم ترتكب خطأ قانونيا في هذا الصدد، وقال هورامي في بيانه: «لن نستأنف التصدير سوى بتسديد دفعات مضمونة». ويعتبر هذا البيان هو الأول من نوعه منذ أن أعلنت بورصة أوسلو أن اسم هورامي مرتبط بعملية بيع أسهم الخزينة التابعة لشركة «دي إن أو»، والتي تمت عبر صفقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2008.

وقد اتصلت «الشرق الأوسط» بالكثير من المسؤولين المعنيين بالأمر، إلا أنهم رفضوا التعليق على فحوى البيان، مؤكدين استمرار عملية إيقاف ضخ النفط إلى الخارج.

وكانت بغداد قد تعهدت بعدم تسديد مستحقات الشركات الأجنبية التي تقوم بتصدير النفط من إقليم كردستان، على اعتبار أن على حكومة الإقليم أن تسدّد للشركات هذه المستحقات ما دامت الحكومة الاتحادية لا تعترف بالعقود المبرمة بين حكومة الإقليم وتلك الشركات.

وقال هورامي في بيانه: «عندما شعروا بأننا جادون في الأمر وندفع باتجاه تعزيز صادرات النفط، خرجت بغداد علينا بالبيانات الموارِبة بشأن النفط»، مؤكدا أن وزارته قادرة على تصدير نحو 100 ألف برميل يوميا، وستتمكن من تصدير 250 ألف برميل يوميا على المدى القريب.

وأوضح هورامي في بيانه أنه عندما اشترى أسهم «دي إن أو» إنما سعى لمساعدة الشركة النرويجية وشركة «كينال إينرجي» التركية على تخطي المشكلات المالية التي ظهرت لديهما نتيجة رفض بغداد تسديد مستحقات الشركتين على صادراتهما النفطية.

ومضى هورامي في بيانه يقول: «إن دوافع مساعدتنا للشركتين المذكورتين واضحة جدا وصحيحة، لا سيما أن فشل الشركتين كان سيعني فشل سياسة حكومة الإقليم بشكل عام». وخلص هورامي في البيان إلى القول: «إن مبلغ 50 مليون دولار المرتبط بعملية الأسهم قد وافق عليه نيجيرفان بارزاني رئيس الحكومة التي أنتمي إليها».

وكانت حكومة الإقليم قد أكدت مرارا أن أيا من مسؤوليها بمن فيهم آشتي هورامي لم ينتفع من عملية شراء أسهم الشركة المذكورة.

يذكر أن مشكلة النفط تشكل واحدة من المشكلات الكثيرة العالقة منذ أربع سنوات بين بغداد وإقليم كردستان، كمشكلة تعداد قوات البيشمركة الكردية، وملف المناطق المسماة بالمتنازع عليها بين الطرفين، وصلاحيات إقليم كردستان الدستورية والقانونية، وحصة الإقليم من الموازنة المالية العامة للعراق، وغيرها من المشكلات التي يبدو أنها ستنتقل إلى الحكومة العراقية القادمة عسى أن تجد لها حلولا مناسبة.