بريطانيا توقف التعامل مع مؤسستين إيرانيتين وفق قانون الإرهاب.. لمخاوف نووية

طهران تنتقد: لندن تبدو بمنأى عن واقع العالم الحالي.. قشقوي يرفض تحذير كلينتون بشأن البرنامج النووي

TT

أمرت الحكومة البريطانية أمس الشركات المالية البريطانية بوقف جميع تعاملاتها مع مؤسستين ماليتين إيرانيتين بسبب مخاوف من تورطهما في المساعدة على تطوير أسلحة نووية. فيما انتقدت طهران الخطوة معتبرة أن العقوبات دائما تزيد من قوة الأمة.

وينطبق القرار البريطاني على بنك «ملي»، وهو ثاني أكبر البنوك الإيرانية، وشركة خطوط النقل البحري في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وحسب مصادر في لندن، فإن القرار ليس جزءا من العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران، ولكنه اتُّخذ بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2008. وتزامن الإعلان عن القرار مع عودة نواب البرلمان للعمل بعد الراحة الصيفية. وقالت وزارة الخزانة البريطانية في بيان إنها رحبت بالمحادثات التي جرت أخيرا بين إيران وست قوى عالمية حول الموضوع النووي ولكن «ذلك الإجراء كان ضروريا الآن تجاه المؤسستين الإيرانيتين» وأضافت: «تواصل إيران أنشطة انتشار حساسة لصواريخ ذاتية الدفع ونووية في تحد لخمسة قرارات لمجلس الأمن الدولي». وبخصوص الكيانين المعنيين أشار القرار إلى أن «سفن شركة خطوط النقل البحري في الجمهورية الإسلامية نقلت بضائع لبرنامج إيران للصواريخ ذاتية الدفع والنووية، وبالمثل قدم بنك (ملي) خدمات مصرفية لمنظمة مدرجة بالأمم المتحدة مرتبطة بأنشطة الانتشار النووي الحساسة التي تقوم بها إيران وكان طرفا في صفقات متعلقة بتمويل برنامج إيران للصواريخ ذاتية الدفع والنووية».

وقالت وكيلة وزارة الخزانة البريطانية سارة ماكارثي ـ فراي في بيان مكتوب إنه «لا يُسمح للمؤسسات المالية والائتمانية بعد الآن القيام بأي تعاملات جديدة أو إقامة أي علاقات عمل جديدة مع هذه الكيانات أو مواصلة التعاملات أو العلاقات الحالية إلا إذا حصلت على تصريح بذلك من وزارة الخزانة». وتشتبه القوى الغربية في أن برنامج إيران النووي يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية، وهو ما تنفيه إيران بشدة. وثار غضب الدول الكبرى ومن بينها بريطانيا عندما كشفت إيران الشهر الماضي أنها تقوم ببناء مفاعل ثان لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم.

إلا أن متحدثا باسم الوزارة قال إن إعلان أمس لا علاقة له بالتطورات الأخيرة أو بالأزمة مع إيران. ومن المقرر عقد اجتماع جديد في 19 أكتوبر (تشرين الأول) في فيينا ستبحث فيه إيران وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا سبل تخصيب اليورانيوم الإيراني خارج البلاد تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي إيران انتقد مسؤول كبير أمس القرار البريطاني، وقال علي أكبر جوانفكر المستشار الإعلامي للرئيس محمود أحمدي نجاد في تصريحات لـ«رويترز»: «يحتاج قرار الحكومة البريطانية الجديد المزيد من الدراسة، لكن التجارب الماضية تظهر أن فرض أي نوع من العقوبات على إيران سيفيد الأمة الإيرانية في نهاية الأمر». ومضى يقول: «إذا قررت الحكومة البريطانية فرض عقوبات على إيران فسيظهر هذا أن بريطانيا بمنأى عن واقع العالم الحالي، ومثل هذا الاتجاه لن يكون في صالح الشعب البريطاني».

وكان الاتحاد الأوروبي جمّد أصول بنك «ملي إيران» وفروعه، ومنها وحدته البريطانية في يونيو (حزيران) عام 2008، لتكثيف الضغوط على إيران للتراجع عن برنامجها النووي، والتخلي عن تخصيب اليورانيوم. وفي ذلك الوقت قال الاتحاد الأوروبي في جريدته الرسمية إن بنك «ملي» قام «بتسهيل العديد من مشتريات المواد الحساسة لبرامج إيران النووية والصاروخية» وقدم نطاقا من الخدمات المالية لكيانات متعلقة بذلك. ورفع بنك «ملي» دعوى استئناف لقرار الاتحاد الأوروبي في محكمة أوروبية مقرها بروكسل. وقالت المحكمة في بيان إنها ترفض الإجراء وتتمسك بقرار تجميد الأصول. ويقول بيان لمجلس وزراء الاتحاد الأوروبي إن بنك «ملي» يملكه أو يسيطر عليه كيان يُعرف بأنه مشارك في أعمال الانتشار النووي، وإنه نتيجة لذلك قد يكون هناك خطر من أن يكون البنك في وضع يؤهله لقيادة وحدته لتعاملات محظورة عن طريق ممارسة ضغوط سواء على مديريه أو من خلالهم على بقية العاملين في البنك.

إلى ذلك رفضت إيران أمس تهديدات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بشأن برنامج طهران النووي، مؤكدة أن مثل هذه «التهديدات» ليس لها تأثير على الجمهورية الإسلامية. وقال حسن قشقوي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن إيران لن تذعن لأي مهلة نهائية. وأضاف أن الجمهورية الإسلامية ملتزمة باتباع القوانين الدولية في ما يتعلق ببرنامجها النووي. وقال قشقوي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي تعليقا على تصريحات كلينتون إن «التزاماتنا بموجب القوانين الدولية تستند إلى القوانين. أما التصريحات التي تحمل تهديدات ومهلا زمنية فليس لها أي تأثير علينا». وحذرت كلينتون الأحد من أن صبر القوى العالمية بدأ ينفد. وقالت عقب محادثات مع نظيرها البريطاني ديفيد ميليباند: «نتكلم بصوت واحد لنوجه رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن المجموعة الدولية لن تنتظر إلى ما لا نهاية لكي تثبت إيران أنها مستعدة لاحترام التزاماتها الدولية». وقالت: «الكلام لا يكفي». وأضافت أن اجتماع مجموعة 5+1 (الصين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) وإيران في جنيف «شكّل بداية بنّاءة، لكن يجب أن تتبعه أفعال». والتقى ممثلو إيران ومجموعة الدول الست في الأول من أكتوبر في جنيف لاستئناف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني المتوقفة منذ يوليو (تموز) 2008. واتفقت إيران والدول الست في جنيف على تفتيش موقع جديد لتخصيب اليورانيوم يقع قرب قم كانت طهران كشفت عن وجوده في نهاية سبتمبر (أيلول).

ومن المقرر عقد اجتماع جديد في 19 أكتوبر في فيينا ستبحث فيه إيران وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا سبل تخصيب اليورانيوم الإيراني خارج البلاد تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال قشقوي إنه ستجري في المحادثات المقبلة مناقشة «السعر والتسليم والآلية» بالنسبة إلى واردات الوقود للمفاعل الإيراني. وتابع: «نحن الآن مستعدون لتسلمه، ونأمل في التوصل إلى اتفاق لتسلم وقود مخصب بنسبة 20%»، وهو ما تحتاجه إيران كوقود لمفاعلها في طهران. إلا أن قشقوي أكد مجددا أن إيران ستواصل نشاطات التخصيب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وأوضح أن «ذلك لا يعني أن أيدينا مكبلة وأننا نعتمد فقط على واردات الوقود، نحن جادون في تغطية احتياجاتنا، وإذا لم يتم منحنا الوقود في يوم من الأيام، فبكل تأكيد سنغطي احتياجاتنا ولكن ضمن أطر قانونية وواضحة».

ومن الممكن استخدام اليورانيوم المخصب وقودا لمحطات الطاقة، وإذا تمت تنقيته لدرجة أعلى بكثير تصل إلى نحو 90% فإنه يوفر المادة اللازمة لتصنيع القنابل. وتحتاج إيران إلى تنقية اليورانيوم إلى درجة 20% بدلا من 3.5% حاليا لاستخدامه في مفاعلها بطهران. وتتمثل صفقة الوقود بالنسبة إلى القوى العالمية في تقليص رصيد إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب الذي يكفي لتصنيع قنبلة ذرية واحدة إذا اختارت طهران تخصيبه لدرجة أعلى. وبالنسبة إلى إيران سيحافظ هذا على إنتاج النظائر المشعة التي تُستخدم في الأغراض الطبية.

ورفضت طهران مرارا المطالب بوقف التخصيب على الرغم من فرض الأمم المتحدة ثلاث مجموعات من العقوبات منذ عام 2006.

من جهة ثانية أكد قشقوي صحة الأنباء التي أشارت إلى وجود تغييرات في منصب مساعدي وزير الخارجية، وقال إنها «صحيحة إلا أنها لم تصبح رسمية إلى الآن حيث إن تفاصيلها لم تحدد بعد». وأكد أن المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس هو الأخير الذي يعقده، مشيرا إلى أنه تسلم أول من أمس قرارا من وزير الخارجية بتعيينه مساعدا له في الشؤون البرلمانية والإيرانيين المقيمين في الخارج. وتابع قشقوي أن وزير الخارجية سيتولى بنفسه مهمة إيصال المعلومات إلى المراسلين، إلى أن يتم تعيين متحدث باسم وزارة الخارجية.