اليمن: جدل حول أسباب تطويق وإغلاق المستشفى الإيراني

مصادر تتحدث عن علاقة القرار بالتمرد الحوثي.. ووزير الإعلام ينفي.. ومسؤول بالأوقاف يرجعه إلى مشكلة إيجار

TT

أغلقت السلطات اليمنية أمس المستشفى الإيراني في صنعاء الذي يقدم خدمات طبية بتكاليف رمزية للمرضى، وفي حين رجعت السلطات هذه الخطوة إلى عدم دفع إدارة المستشفى إيجار المبنى التابع لوزارة الأوقاف اليمنية والبالغ كمتأخرات 27 مليون ريال يمني، فإن مصادر أخرى تربط بين هذه الخطوة والتمرد الحوثي في شمال اليمن والذي تتهم إيران بدعمه ماليا وإعلاميا.

وبحسب ما تسرب من معلومات حول الخطوة وعلامات الاستفهام التي تركتها، فإن السلطات تعتقد أن المستشفى يُستخدم في تمويل أعمال تضر بمصلحة اليمن وسيادته، كتمويل التمرد الحوثي وممارسة أنشطة استخباراتية من خلاله، غير أن وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة اليمنية، حسن أحمد اللوزي، نفى وجود أي دوافع سياسية وراء إغلاق المستشفى، وقال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أمس، إن الإغلاق يرجع إلى خلافات بين إدارة المستشفى ووزارة الأوقاف المالكة للمبنى التجاري.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن المستشفى أُغلقت إحدى بواباته بالأقفال، وفرضت أطقم عسكرية طوقا أمنيا حوله ومنعت الأطباء والممرضين والمرضى من الدخول إليه باستثناء مجموعة قليلة من الموظفين الإداريين الذين كانوا دخلوا إلى المستشفى قبل إغلاقه من قِبل الأمن اليمني.

واتصلت «الشرق الأوسط» بالمستشفى للحصول على تعليق من مديرته (الدكتورة دولت)، إلا أن عاملة الهاتف ردت بأنها غير موجودة، في حين قال أحد رجال الأمن التابعين للمستشفى لـ«الشرق الأوسط» إن المستشفى مغلق وإن السبب يرجع إلى عدم دفع الإيجارات، مؤكدا أن الأمن المحاصر للمستشفى يمنع الدخول إليه، كما أنه لا يسمح لأي موظف غادر المستشفى بالدخول مجددا.

ويقع المستشفى على شارع الستين الرئيسي بالحي السياسي في قلب العاصمة اليمنية صنعاء، ويقدم خدمات صحية شبه مجانية (رمزية) من خلال العيادات الخارجية وأقسام الرقود وغرف العناية المركزية والعمليات، وفي مختلف التخصصات الطبية، ويعمل فيه عدد قليل من الأطباء الإيرانيين، في حين أن العدد الأكبر من الأطباء والممرضين والممرضات من اليمنيين، وإلى جانب هذا المستشفى تقدم إيران خدمة طبية أخرى للمرضى في العاصمة صنعاء عبر « المركز الطبي الإيراني» الذي سبق إنشاؤه تأسيسَ المستشفى.

وإذا ما صحت التسريبات حول «دور مشبوه» للمستشفى في اليمن، فإن ذلك سيزيد من توتير العلاقة، المتوترة أصلا، بين صنعاء وطهران، بسبب الاتهامات التي سيقت لإيران بدعم الحوثيين، خصوصا وأن الدعم الإعلامي المساند واضح وجلي، وأقلق الحكومة اليمنية التي احتجت لدى طهران باستدعاء السفير الإيراني بصنعاء الشهر الماضي، وإبلاغه انزعاج الحكومة اليمنية من المساندة الإعلامية البارزة للحوثيين وبخاصة من قناتي «العالم» و«الكوثر».

وجاء إغلاق المستشفى الإيراني بعد يوم واحد فقط على مثول اثنين من المواطنين اليمنيين أمام محكمة امن الدولة والإرهاب الجزائية، بتهمة التخابر مع إيران وتسليمها معلومات وأخبارا ووثائق وصورا تخص الأمن الدفاع والأوضاع السياسية في اليمن.

وروى مسؤول رفيع في وزارة الأوقاف اليمنية لـ«الشرق الأوسط» القصة الكاملة للمشكلة، وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه إن المشكلة بدأت قبل أكثر من عامين، وذلك عندما امتنعت «أمانة العاصمة» عن تسديد إيجار المبنى لوزارة الأوقاف بعد الدخول في مشادات حول تقديم المستشفى لخدمات غير مجانية، في ظل تسديد «الأمانة» للإيجار، وهو ما أدى إلى تراكم المبلغ، وأن الإيجار الشهري يصل إلى 400 ألف ريال (ألفي دولار تقريبا)، وأن اتفاق التأجير كان وقع بين الوزارة من جهة و«أمانة العاصمة» من جهة أخرى، والأخيرة وقّعت اتفاقا مماثلا مع إدارة المستشفى.

واعتبر المسؤول اليمني أن الإجراءات التي اتُّخذت بحق المستشفى «قانونية» وأن المستشفى سيظل يعمل «لكنه لن يستقبل حالات جديدة»، مؤكدا أن إدارة المستشفى بإمكانها حل المشكلة من خلال دفع المبالغ لمكتب الوزارة في العاصمة، وردا على سؤال إن كان الإجراء ذا أبعاد أو خلفيات تتعلق بالتمرد الحوثي في شمال البلاد، قال المسؤول في الوزارة إن «الأوقاف لا علاقة لها بالسياسة، وهي تحصل مبالغ وعليها التزامات مادية ولا بد أن توفي بها».